(كتاب رونالدو 7) الطريق نحو مانشستر

(كتاب رونالدو 7) الطريق نحو مانشستر

21 يوليو 2016
+ الخط -


في يونيو/حزيران 2003 قال كريستيانو رونالدو هذا التصريح، بعد بطولة تولون تحت 20 عاماً، والذي كان أهم نجومها بخصوص اهتمام عدة أندية بضمه "أنا سعيد بهذا الأمر. حلمي هو اللعب في إسبانيا أو إنكلترا. هناك يوجد أفضل دوريين في العالم".

يمكن القول، إن باكو رويج، المرشح لرئاسة فالنسيا في 2003 تعاقد ولم يتعاقد مع رونالدو في نفس العام. كان الاتفاق أبرم مع جورجى مينديش، خلال يناير/كانون الثاني، ويضمن أيضاً، ريكاردو كواريزما.

كما يمكن القول، إن كليهما كان سيحط الرحال في فريق "الخفافيش" لو فاز رويج بالانتخابات في هذا العام. نص الاتفاق، أيضاً، على أنه مهما كان الفائز بالرئاسة فسيحظى بإمكانية تفعيل بند تفضيلي يسري، حتى 30 مايو، ويسمح للنادي بضمهما.

كان السعر المتفق عليه بخصوص رونالدو هو خمسة ملايين يورو، ولكن النادي الإسباني كان يعاني من مشاكل اقتصادية تمنعه من سداد هذا المبلغ قبل الموعد النهائي. أداء كريستيانو في بطولة تولون كان رائعاً، لذا قرر فالنسيا المخاطرة بدفع ستة ملايين يورو بجانب المهاجم دييغو ألونسو، مقابل الحصول على كريستيانو، ولكن الوقت كان قد تأخر بالفعل.

ريال مدريد وبرشلونة
وصلت تقارير جيدة حول كريستيانو للعاصمة الإسبانية، تحديداً لرئيس أكاديمية ريال مدريد، رامون مارتينيز، والذي عقد اجتماعاً مع مينديش في لشبونة، ولكن لم يتم التوصل للاتفاق، ولكن ما قد يجد بعضهم صعوبة في تصديقه هو أنه في بداية 2003 كانت هناك مقابلة بين وكيل اللاعب وممثلين من برشلونة للحديث بخصوص كواريزما وتياغو وديكو وأيضاً، رونالدو.

كان التقرير التي أعده النادي عن كريستيانو جيداً للغاية جاء فيه: "إنه سريع وقوي وقادر على اللعب على طرفي الملعب وهداف"، ولكن في النهاية ضم برشلونة كواريزما ووقع على اتفاق يمنحه الأفضلية لضم كريستيانو لاحقاً، ولكنه لم يفعل في النهاية.

كان نائب رئيس قطاع الرياضة في تلك الفترة، ساندرو روسيل يدرك رغبة عدة أندية في ضم اللاعب، ولكنه لم يحصل على الدعم اللازم ولا المصادر المالية الكافية لجلب النجم الصاعد. روسيل كان أرسل بالفعل السكرتير الفني، تشيكي بيجريستاين، لمشاهدة ودية سبورتنج لشبونة الشهيرة مع مانشستر يونايتد، ولكن الأمور كانت قد حسمت بالفعل.

أرسنال
كان الـ"جانرز" في 2003 هم أصحاب الأفضلية الحقيقية في سباق ضم كريستيانو. التقى رئيس كشافي النادي، ستيف راولي بمينديش، ورونالدو في لشبونة في بداية العام. يقول مينديش "كان هناك وقت ظننت فيه حقاً أنه سينتقل لأرسنال".

سافر رونالدو إلى لندن في يناير للتعرف على النادي وأرض التدريب، والاجتماع مع أرسين فينجر وواحد من أهم الرموز في حياته: تييري هنري. يقص كريستيانو قصة تلك الرحلة "كنا في السيارة وظل جورجي يتصل بي ليؤكد أنه لا يجب على أحد مشاهدتي. توقفنا في محطة للخدمات وقمت بتغطية وجهي. جورجي كان يتصل بي كل خمس دقائق ويقول (احترس. احترس وراقب من حولك)".

الحقيقة أن كريستيانو أغرم بالنادي وما كان يقدمه وفلسفة الاهتمام باللاعبين الصغار. كل الأطراف كانت ترغب في أن تتم الصفقة، بل وإن نائب رئيس مجلس الإدارة، ديفيد دين، سافر للعاصمة البرتغالية لإتمامها، ولكن العرض المبدئي كان منخفضاً للغاية بالنسبة لمتطلبات سبورتنج لشبونة.

يقول مينديش: "أرسنال في ظل عملية بناء الاستاد الجديد كان يفتقر إلى الأموال اللازمة، ولم يعد إتمام الصفقة ممكناً"، فيما يضيف فينجر في تصريحاته عام 2014 " أكثر شيء أندم عليه؟ اقترابي للغاية من التوقيع مع كريستيانو رونالدو ولم يتحقق الأمر".

ودية مانشستر
كان هناك اتفاق بين مانشستر يونايتد وسبورتنج لشبونة على لعب مباراة ودية في هذا الصيف، فهل هذه الودية كانت بداية كل شيء؟ هذه قصة طويلة للغاية. تحتاج كثيراً من الصبر وها هي قادمة.

- قال كارلوس كيروش مساعد فيرجسون في 2002-2003: "سمعت عن كريستيانو حينما كان عمره 16 عاماً. في عامي الأول بمانشستر يونايتد لم تكن علي أي مسؤولية في مسألة تجنيد اللاعبين الصغار، ولكن أخبرت السير أليكس بخصوصه. كان لا يجب أن ندعه يهرب من بين أيدينا وبعدها طلب منا سبورتنج خوض مباراة ودية لافتتاح ملعبهم الجديد".

لعبت هذه المباراة في السادس من أغسطس 2003 وهذه هي قصة كريستيانو فيها وفقاً للاعبي مانشستر يونايتد أنفسهم:

- ريو فرديناند: "لم يحذرنا أحد بخصوص كريستيانو، لم يكن هناك أي محاضرة قبل المباراة. اختار المدرب فريقاً قوياً: بول سكولز وبارتيز ونيكي بات وميكائيل سيلفستر وسولسكاير وجون أوشيه وأنا، بخلاف اريك دجيمبا دجيمبا الذي خاض مباراته الأولى هذا اليوم. كان كريستيانو طويلاً ورفيعاً ولديه تلك التصفيفة المضحكة".

- فيل نيفيل: "الحذاء الذي يلعب به كان ملوناً. كان طفلاً صغيراً مبهرجاً ولديه تلك الخصل الملونة في شعره المموج. بدا كشخص يحب نفسه كثيراً".

من ناحيته يقول جاري نيفيل، الذي شاهد المباراة من أريكته المريحة في المنزل لأنه كان مصاباً "أتذكر أنه ركض بطريقة لا يفعلها إلا لاعب من الطراز العالمي. الأمر كان أشبه بحركة مزدوجة جعلته يمر من قلب الدفاع والظهير. ترك جون أوشيه خلفه وأصبت بالذهول".

- فيل نيفيل: "أعتقد أن أوشيه جاء إلى غرفة الملابس وقال شيئاً مثل (من هو هذا الملعون الصغير؟)".

-ريو فيرديناند: "جون أوشيه كان يجلس في غرفة الملابس كما لو كان في حاجة لبعض الأوكسجين".

-روي كين: "أوشيه انتهى به الأمر بطلب مساعدة الطبيب في الاستراحة لأنه كان يشعر بالدوار".

- جون أوشيه: "الحقيقة أن رونالدو قتلني في تلك المباراة، ولكن لم أكن أشعر بالدوار لهذه الدرجة".

-ريان جيجز: "فيرجسون أخبرنا أن النادي يتابعه منذ فترة. لم يكن لدي أي فكرة عمن يكون".

-ريو فرديناند: "سكولز وأنا كنا نقول (علينا التعاقد مع هذا الفتى) لأنه كما تعرف لم نتمكن من التعاقد مع رونالدينيو. لذا كان علينا التعاقد مع أحد بهذه المواصفات".

ما قبل المباراة
يقول مينديش "كريستيانو انتقل إلى مانشستر لسبب واحد. هل كان مستواه في تلك الودية؟ هذا هو ما يظنه الجميع".

كل الأمور بدأت قبل تلك المباراة بعام حينما تحدث كيروش مع السير أليكس فيرجسون بخصوصه، لذا أرسل الأخير جيم ريان مدرب فريق الرديف السابق ومساعده في تلك الفترة لمشاهدة تدريبات سبورتنج وهناك شاهد كريستيانو على الطبيعة.

يقول كريستيانو" حينما أخبرني مينديش باهتمام مانشستر يونايتد شعرت بسعادة كبيرة. لم يمكنني تصديق الأمر. اعتدت مشاهدة هذا الفريق في التلفاز. هذا النادي كان بمثابة حلم وقلت له هيا بنا نذهب".

في الليلة التي سبقت ودية سبورتنج ومان يونايتد على ملعب الفالادي اجتمع اثنان من مسؤولي سبورتنج مع فيرجسون في فندق (كينتا دا مارينيا) على بعد نصف ساعة من لشبونة بصحبة جورجي مينديش واليد اليمنى للأخير لويس كوريا. كان مينديش مصراً على شروطه المادية وتلك الأخرى التي تتعلق بالمشاركة واللعب، ففي النهاية كان لديه عروض أخرى من نصف أندية أوروبا الكبرى: إنتر وبرشلونة بل وريال مدريد.

قال فيرجسون في هذا الاجتماع "نحن نتفهم اللاعبين الصغار. انظر إلى تاريخ مانشستر يونايتد. إنه قائم على المواهب الصغيرة". كان هذا ضمن أشياء كثيرة تسببت في التوصل لحل يرضي جميع الأطراف.

في اليوم التالي بعد تلك الودية وفي غرف الملابس اجتمع كريستيانو ومينديش وفيرجسون وقال الأخير لجورجى "ترجم ما سأقوله له: لن تلعب كل أسبوع. أخبرك بهذا الآن، ولكن، أيضاً، سأقول لك إنك ستصبح لاعباً في الفريق الأول. ليس لدي شك بخصوص هذا. نحن سنعتني بك. في العام التالي ستلعب نصف المباريات".

كل شيء أصبح جاهزاً وتم الاتفاق على تكلفة الصفقة التي كانت مرتفعة بشكل كبير عن المتعارف عليه في السوق بالنسبة للاعب في مثل هذا السن: 12 مليون و240 ألف إسترليني (18 مليون يورو تقريباً) لمدة خمسة مواسم، سيرتفع فيها راتبه من 24 ألف يورو إلى مليوني يورو.

خصص مانشستر يونايتد طائرة خاصة لجلب اللاعب ومحاميه ووالدته وشقيقته كاتيا لإنكلترا. أثناء تلك الرحلة قال رونالدو لدووريس أن تبدأ في البحث عن أفضل منزل بماديرا لتشتريه. كان كريستيانو يظن أن رحلته لمانشستر ستكون لوضع التفاصيل الأخيرة، وأن فيرجسون لن يفي بكلمته وسيتركه معاراً في سبورتنج لشبونة لفترة ثم يجلبه لاحقاً، لذا فإنه سافر دون أمتعة من الأساس.

في زيارته الأولى لملعب التدريبات في كارينجتون التقى بأوشيه الذي مازحه بضرورة دفع عمولة له من الصفقة على ما فعله فيه بتلك المباراة الودية، بينما كان لبعض لاعبي مانشستر يونايتد أراء أخرى مثل بول سكولز وريو فرديناند بخصوص مظهر كريستيانو: الخصلتان المصبوغتان يجب القضاء عليهما. إنهما لا تتماشيان مع مانشستر يونايتد.

كان فيرجسون يدرك أنه يجب عليه تقديم رسالة ما للجماهير وللفريق بعد رحيل ديفيد بيكهام وسأل رونالدو عن رقم القميص الذي يرغب في الحصول عليه، فأجابه الأخير: "إنه راض بـ28". إلا أن السير كان يجهز له مفاجآت وأخبره، أنه سيرتدي الرقم 7. ذلك القميص الأسطوري الذي ارتداه جورج بيست وستيف كوبل وبراين روبسون واريك كانتونا وديفيد بيكام.

افتتح مانشستر يونايتد موسمه بمواجهة بولتون أمام 67 ألف مشجع في أولد ترافورد ولم يكن كريستيانو يعتقد أنه سيشارك فيها، ولكن فيرجسون أخبره، إنه سيلعب. مرت 61 دقيقة ومانشستر كان متقدماً بهدف: "فلتقم بعمليات الإحماء".. سمع كريستيانو هذه العبارة وتسارعت ضربات قلبه. ها هو يستعد. الجماهير صفقت للوافد الجديد الذي دخل الملعب بجرأة وشجاعة ورواغ وانطلق. سجل مانشستر في آخر نصف ساعة ثلاثة أهداف، ساهم رونالدو في تجهيزها بل ومنح ركلة جزاء لفريقه، فشل فان نيستلروي في تسجيلها.

كل الأمور كانت تسير بسرعة: باكورة ظهوره مع الفريق الأول لسبورتنج، كانت وعمره سبع عشرة سنة، ومع مانشستر يونايتد، وعمره ثماني عشرة سنة، وبعدها بأربعة أيام كان سيقص شريط مشاركاته مع المنتخب الأول في ودية كازاخستان تحت قيادة فيليبي سكولاري.