جوس هيدينك.. هل أدمن تشيلسي الحلول المؤقتة؟

جوس هيدينك.. هل أدمن تشيلسي الحلول المؤقتة؟

21 ديسمبر 2015
هل ينجح جوس هيدينك مع تشلسي؟ (العربي الجديد)
+ الخط -

"هولندي أشبه بالرحالة، ينتقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الفوز ومزاولة مهنة التدريب، غير متعصب لأفكاره مثل كرويف، ولا يبحث عن المشاكل كفان جال، إنه براغماتي واقعي في مجال التكتيك، يراقب لاعبيه جيداً، ومن ثم يختار أفضل نظام خططي يناسب قدراتهم"، هذا هو التعريف الأقرب للمدرب الخبير جوس هيدينك، الرجل الذي سيخلف جوزيه مورينيو في تدريب تشيلسي، في تجربته الثانية مع نفس الفريق، بعد مغامرة 2009 التي وطدت العلاقة بينه وبين المالك رومان أبراموفيتش.

استراتيجية اللعب
حصل هيدينك على بطولات عديدة طوال مسيرته، أشهرها بكل تأكيد الثلاثية التاريخية مع أيندهوفن في حقبة الثمانينيات، وقيادته الطواحين لنصف نهائي مونديال 98، ثم الإنجاز غير العادي مع كوريا الجنوبية في كأس العالم 2002، حينما وصل بالمارد الآسيوي الجديد إلى قبل النهائي، في مفاجأة مدوية بكل المقاييس. وبكل تأكيد هناك لحظات من الفشل، كمشواره السيئ مع المنتخب الهولندي في التصفيات الأخيرة، قبل أن يرحل سريعاً ويترك المهمة إلى مساعده بليند.

هيدينك هو أستاذ "الانتصار السريع"، إنه مدرب يبحث عن الفوز بأي طريقة ممكنة، لا توجد فروقات شاسعة بين خطتي 4-3-3 و4-4-2، المهم من وجهة نظر جوس كيفية اتحاد الفريق في قالب واحد، حينما تهاجم تكون المسافات قريبة بين العناصر، وفي حالات فقدان الكرة، الكل يعود ويدافع معاً، لذلك يبحث الهولندي عن الجماعية والوحدة، دون النظر إلى تحديد أسلوب اللعب وتعريفه بين وجهتي النظر، الهجوم أم الدفاع.

يتحدث الكاتب البريطاني جيمي جاكسون عن أفكار هيدينك، وهو أحد كبار مناصريه في إنجلترا، خططياً لعب هيدينك بطريقة 5-3-2 الدفاعية مع أيندهوفن في 1988، بعد بيع رود خوليت إلى ميلان، اتجه المدير الفني إلى تأمين مناطقه بتمركز رونالد كومان كليبرو صريح خلف رباعي الدفاع، مع الضرب في الهجوم بثنائي متقدم، ويم كيث يهاجم ويدافع، خلف المتقدم هانز جيلهاوس، ليقدم بي إز في أسلوب غير محبب جماهيريا، لكنه محكم على مستوى النتائج، بالجمع بين الدوري، الكاس، الأبطال.

اللامركزية
"مع هذا المدرب لعبت في كل المراكز باستثناء حراسة المرمى، إنه صاحب الفضل الأول على فهمي اللعبة بشكل مغاير"، يتحدث فيليب كوكو، المدير الفني الحالي لبطل هولندا أيندهوفن، عن أستاذه ومعلمه جوس هيدينك، "الكوتش" الذي لازمه لسنوات طويلة مع النادي والمنتخب خلال مراحل زمنية مختلفة.

تصل ذروة الكرة الشاملة مع هيدينك في مونديال 98، قدمت هولندا كرة هجومية مميزة، ليس فقط على مستوى النتائج، بل في تبادل المراكز بين اللاعبين، وتغطية أكبر قدر ممكن من المساحات داخل المستطيل الأخضر، من 4-3-3 على الورق إلى 4-4-1-1 أثناء الهجوم، بالاستحواذ على منطقة الوسط بتواجد رباعي صريح، يونك، دافيدز، زيندين، أوفر مارس، مع الاعتماد هجومياً على الثنائي بيرجكامب وكلايفرت.

المثير للدهشة أن كوكو لاعب الوسط الصريح لعب كظهير دفاعي في مباراة النصف أمام البرازيل، ليؤكد بدوره على المرونة التكتيكية الكبيرة في أفكار هيدينك. وهذا ما كرره مرة أخرى في مونديال كوريا واليابان، حيث فاجأ العالم بضغط الكوريين، خصوصاً مع سرعتهم وقوتهم البدنية، ولم يتراجع كثيراً للخلف، بل هاجم العمالقة في نصف ملعبهم، وقدم نتائج مذهلة طوال البطولة، وحتى في حالة كثرة الانتقادات التحكيمية التي طاولت فريقه، إلا أنهم لعبوا بأسلوب فني فريد، مع الضغط العالي، السرعة في الارتداد، والتحولات القياسية هجومياً ودفاعياً.

خنق الخصوم
درب هيدينك تشيلسي من قبل في 2009، خلال تجربة قصيرة استمرت من فبراير إلى مايو، ورغم قصر المدة إلا أنه أنتج فريق تنافسي كبير، وحصل في النهاية على المركز الثالث بالدوري، مع وصوله إلى نصف نهائي الابطال، وتحقيقه لقب الكأس بعد الفوز على إيفرتون. قاد الهولندي الفريق في 13 مباراة بالبريمييرليغ، فاز في 11، تعادل في مباراة، وخسر في مباراة، بنسبة تفوق وصلت إلى 85 %، سجل خلال هذه المباريات 24 هدف ودخل مرماه فقط 9 على الصعيد المحلي.

تظل قمة برشلونة-تشيلسي في 2009 هي الأشهر لهيدينك مع الفريق الأزرق، فكتيبة جوارديولا كانت الأعظم في هذه الحقبة، فازت باكتساح على الريال بالستة في البرنابيو، ورشحها الكثيرون للحصول على الثلاثية في هذا الموسم، ورغم صعودهم إلى نهائي الأبطال على حساب تشيلسي، إلا أن المدرب الهولندي عرف كيف يوقف الكتلان في 180 دقيقة كاملة، حتى تسديدة إنييستا في آخر دقيقة من قمة ستامفورد بريدج.

سدد برشلونة في هذه المباراة كرة يتيمة على المرمى، المفارقة أنها كرة الهدف القاتل، لكن طوال التسعين دقيقة، فشل تشافي هيرنانديز في صناعة أي فرصة، ولم ينجح داني ألفيش في عمل أي اختراق عرضي، كذلك غاب إيتو عن الظهور، ووجد ميسي أمامه غابة من السيقان على الأطراف وفي العمق، والفضل يعود إلى تكتيك المنافس.

الرجل المؤقت
لعب هيدينك في ولايته الأولى مع تشيلسي بخطة لعب 4-3-3، رباعي دفاعي صريح، أمامه ثلاثي وسط متحرك، لاعب ارتكاز دفاعي يعاونه ثنائي متحرك في كل أرجاء الملعب، مع الضرب في الهجوم بمهاجم صريح ومعه لاعبون على الرواق. وضع الهولندي مالودا على الطرف أمام برشلونة، ليُجبر البرازيلي ألفيش على البقاء في مناطقه، وقدم أنيلكا دور مثالي في التحرك بين مركز الهجوم والأطراف بالتعاون مع الإيفواري دروجبا.

لم يدافع تشيلسي مع هيدينك بشكل مبالغ، ولم يتراجع إلى مناطقه دون النظر إلى الأمام، بل لعب بتوازن عبقري، في وضع عدد لا بأس به من اللاعبين في الثلث الهجومي، من أجل الضغط واستغلال الفرص، بالإضافة إلى وسط ديناميكي للربط بين الخطوط من دون توقف، وهذا ما جعلهم يقدمون مباراة مثالية أمام برشلونة، وبالطبع هذا ما سيأمل جوس في إعادته بالوقت الحالي.

جوس هيدينك رجل عجوز، لن يجلس طويلاً مع تشيلسي، أتى لتكرار التجربة الماضية، من خلال ضبط بوصلة "الزرق" ووضع نظام تكتيكي يناسب المجموعة ككل، مع إذابة الخلافات النفسية التي زادت أخيراً بين النجوم والمدرب السابق مورينيو، والوعد حتماً محاولة الوصول إلى مركز مؤهل للبطولات الأوروبية، مع تجهيز الفريق للموسم الجديد، في انتظار رجل آخر، أو ربما تحدث المفاجأة، وتستمر التجربة لأجل غير مُسَمى.

اقرأ أيضاً: جماهير تشيلسي تكشف: هؤلاء الثلاثة هم من خانوا مورينيو!

المساهمون