فساد كرة أميركا (7)...الذئب الذي لعب دور الأسد

فساد كرة أميركا (7)...الذئب الذي لعب دور الأسد

16 أكتوبر 2015
تجاهل كامل لخطورة ضربات الرأس في الدوري (العربي الجديد)
+ الخط -
في الجزء الثالث من سلسلة تحقيقات "فساد كرة أميركا" وبعد الكشف عن حالة ويبستير الذي توفي بسبب مرض دماغي غريب ناتج عن ضربات الرأس المتكررة في مباريات الكرة الأميركية، تكشف العربي الجديد اليوم عن معلومات مثيرة وخطيرة تتعلق بعملية ترويج الـ "NFL" للعنف في المباريات، بالإضافة إلى التضليل الطبي لنفي وجود مشكلة دماغية يعاني منها اللاعبون في الدوري.

في قوانين الطبيعة والغابات يعتبر الذئب من الحيوانات المفترسة التي تهاجم فريستها بضراوة ولا ترحم، وفي نفس الوقت يُقال إن الأسد له شخصية قوية وعنيفة وهو يعتبر سيد الغابة نظراً لأن الحيوانات تهابه وتخاف منه لأنه الأقوى بين جميع الحيوانات. لا يمكن تشبيه قيادة الـ "NFL" بالذئب أو الأسد فقط لأن هذه القيادة تلعب الدورين في نفس الوقت، فتارةً هي الذئب الذي يلتهم كل من يحاول أن يؤذيه، وتارةً أخرى هي ذلك الأسد الذي يريد أن يكون الملك الجبار القوي. أهلاً وسهلاً بكم في عالم "الذئب الذي يلعب دور الأسد".

في الجزء الثاني من سلسلة تحقيق "فساد كرة أميركا" ألقت "العربي الجديد" الضوء على اكتشاف أول حالة مرضية ناتجة عن ضربات الدماغ المتكررة، كما تم الكشف عن المريض "صفر" وهو مايك ويبستير، أشهر لاعب في الدوري الأميركي والذي توفي في عمر الـ 50 بسبب أثار المرض الدماغي المُزمن. اليوم في الجزء الثالث سننطلق في رحلة البحث عن الحقيقة من الجذور وكيف تفاقمت هذه المشكلة مع السنوات من الترويج الإعلامي للعنف وصولاً إلى التضليل الطبي الذي فرضه الاتحاد الأميركي للكرة.

الحلقة السابعة: التسويق للعنف
منذ انطلاق رياضة الـ "NFL" في أميركا والعنف صفة مُلازمة لها، حتى أن جماهير هذه الرياضة تبحث عن العنف في المباراة وتُحبذ وجوده، فرؤية لاعب يضرب لاعباً آخر أو يعترض طريقه عبر ضرب رأسه برأسه بغية إيقافه يعتبر مشهداً أجمل من تسجيل هدف. ومنذ أول بث لمباريات الكرة الأميركية على شاشة التلفزيون في عام 1970، كان العنف العنوان الأبرز في العملية الترويجية للرياضة.

وأبرز وقت يُظهر استعمال العنف في الترويج لهذه الرياضة هو ليلة الإثنين التي تُعتبر من أكثر ليالي المباريات مشاهدةً في أميركا، حتى أن الجمهور يتأثر بما يشاهده على الشاشات. فمثلاً قناة "أ ب س" الأميركية وخلال ترويجها لمباريات ليلة الإثنين، تُظهر خوذة مقابلها خوذة أخرى تصطدمان ببعضهما وتنفجران كتقديم لمباريات الليلة، الأمر الذي يؤسس لدى المشجع، وبحسب أطباء نفسيين، علاقة سيكولوجية مع اللعبة لتجسيد العنف في حياتهم اليوم وفي الرياضة التي يتابعونها بشكل خاص.

حتى أن الجمهور الذي يتابع المباراة يبحث دائماً عن الهدف لكي يصرخ ويشجع، لكن الأمر الثاني الذي أصبح يبحث عنه هو "مشهد عنيف"، ضرب لاعب الخصم، اصطدام بالرأس وشجارات وغيرها من المشاهد المثيرة.

والمشكلة أن مسؤولية الترويج الإعلامي تقع على عاتق الـ "NFL"، فهو يملك الصلاحية في الحد من مشاهد العنف في العمليات الترويجية والتخفيف منها لكي يحد من حب الجمهور للعنف وحث اللاعبين على السير في الطريق الخطأ وهو العنف. وطوال هذه السنوات وتحديداً منذ انطلاق البث التلفزيوني لمباريات الكرة الأميركية، والاتحاد لم يتحرك أو يغير شيئاً في عملية الترويج الإعلامي، وبالطبع كان سعيداً بنسبة المشاهدة العالية والأرباح المالية الضخمة التي يُحققها.

لكن بعد سنوات طويلة من الترويج الإعلامي للعنف ظهرت المشكلة التي كانت الشرارة الأولى لضربات الدماغ القاسية، وتحديداً في العام 1994 تعرض اللاعب، تروي إيكمان، لضربة قاسية على رأسه بركبة أحد لاعبي الخصم، وخرج من المباراة بسبب "الارتجاج الدماغي" الذي يمنعه من متابعة اللقاء. ليغ ستينبورغ، وكيل اللاعبين، شاهد بعينه ما يحدث مع اللاعبين على أرض الملعب بعد فقدان الوعي، إذ يطلبون من المدرب متابعة اللقاء بعد الاستيقاظ وهم غافلون لخطورة هذا الأمر تماماً، حتى أن ستينبورغ، والذي كان وكيل تروي، روى تفاصيل يوم سقوط إيكمان في المباراة الشهيرة.

يروي ستينبورغ أنه كان يتحدث مع إيكمان في غرفة المستشفى بعد نقله من الملعب مباشرةً، وسأله أسئلة غريبة مثل (لماذا أنا هنا؟ ماذا حصل؟ من ربح؟ هل قدمت مباراة جيدة؟) أسئلة أثارت حفيظة ستينبورغ الذي بدا متفاجئاً، والأمر الأكثر غرابة هو إعادة نفس الأسئلة بعد عشر دقائق فقط، الأمر الذي يُظهر خطورة "الارتجاج الدماغي" الذي لم يعالجه الـ "NFL" حتى اليوم.

اقرأ أيضاً: فساد كرة أميركا (6)....المعاينة الطبية المُرعبة

دلالات

المساهمون