أزمات الإعلام الأجنبي... تغيّر ميزان القوى؟

أزمات الإعلام الأجنبي... تغيّر ميزان القوى؟

10 نوفمبر 2017
يتجه مردوخ لبيع إمبراطوريته الإعلامية (Getty)
+ الخط -
تواجه مؤسسات إعلامية عالمية، أزمات متعدّدة الأوجه، من الولايات المتحدة الأميركية إلى بريطانيا، فيما تلوح في الأفق احتمالات عقد صفقات تجاريّة قد تُغيّر شكل السيطرة على الشركات الكبرى، أو تقلب موازين القوى، أو تُكرّسه في مؤسسات بعينها.

إمبراطورية مردوخ

ذكرت شبكة CNBC الأميركية أن شركة 21st Century Fox التي يملكها الملياردير الأسترالي، روبرت مردوخ، قد أجرت محادثات مع شركة "ديزني" بشأن احتمال بيعها لاستوديو "فوكس" وشركة "سكاي" التلفزيونية البريطانية.

ويأتي ذلك في وقت أشار فيه العديد من الخبراء إلى أن اهتمام روبرت مردوخ المحتمل ببيع الاستوديو السينمائي والتلفزيون يمكن أن يكون بسبب الضغط المتزايد عليه من عمالقة التكنولوجيا مثل "نيتفليكس" و"أمازون".

ورأى عاملون في الصناعة أن هذه الخطوة، إذا ما نفذت، ستكون تراجعاً كبيراً لإمبراطورية مردوخ. وسوف يحتفظ مردوخ بقنوات الأخبار والرياضة والكابل، وشبكة بث "فوكس" ومحطات التلفزيون المحلية، خصوصاً أن مشاكل تنظيمية تمنع "ديزني" من الحصول على شبكة البث والمحطات.

ويأتي هذا بينما أعلنت "نيتفليكس" قبل أسابيع أنها تعمل على إنفاق 8 مليارات دولار، هذا العام، على المحتوى. بينما التزمت كل من "أمازون" و"آبل" و"فيسبوك" بإنفاق المليارات على المحتوى الترفيهي لتعزيز مشاهدة الفيديو على الإنترنت.

من جانبها، حذرت شركة Sky Plc (شركة عامة محدودة) منظمي الإعلام في المملكة المتحدة من إغلاق شبكة "سكاي نيوز"، في حال لم تتم الموافقة على صفقة شركة 21st Century Fox للاستحواذ عليها.

واعتبرت الشركة أن على منظمي الإعلام "عدم افتراض استمرارية (سكاي نيوز) ببساطة"، وأضافت أنه "من دون استحواذ (21st Century Fox) على (سكاي نيوز)، فإن القناة مضطرة إلى مراجعة وضعها".

صفقة "فوكس" للاستحواذ على "سكاي نيوز" تخضع حالياً لتحقيقات من قبل "هيئة المنافسة والأسواق" (سي أم إيه) في المملكة المتحدة، على خلفية التزام إمبراطور الإعلام ومالك "فوكس"، مردوخ، بمعايير البث، وتأثير الصفقة على تعددية وسائل الإعلام في البلاد، علماً أن "فوكس نيوز" أعلنت، في أغسطس/آب الماضي، عن إيقاف بثها في المملكة المتحدة، بعد فشلها في جذب الجمهور هناك.

في الوقت نفسه، باع الأمير السعودي، الوليد بن طلال، حصّته في شركة "فوكس" ما يترك المؤسسة لهيمنة قطب الإعلام، مردوخ، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
والوليد بن طلال اعتُقل في السعودية، يوم السبت الماضي، من قبل "اللجنة العليا لمكافحة الفساد"، التي يترأسها ولي العهد محمد بن سلمان، بتهم غسل الأموال.

ويملك بن طلال أسهماً في شركات "فوكس" و"نيوز كورب" التي تملك بدورها صحف "ذا صن"، "ذا تايمز" و"وول ستريت جورنال" منذ عقدين، ولطالما أعرب عن دعمه عائلة مردوخ، خصوصاً بعد فضيحة اختراق الهواتف في "نيوز أوف ذا وورلد" عام 2011.

وتوضح الملفات القانونية في نيويورك أنّ الوليد بن طلال خفّض عدد أسهمه إلى 4.98 في المائة في ديسمبر/كانون الأول 2015، بينما يوضح تحليل لوكالة "بلومبرغ" الاقتصاديّة أنّ تلك النسبة انخفضت إلى صفر منذ انتهاء الربع المالي الأخير في 30 سبتمبر/أيلول الماضي. ومن غير الواضح، حتى الآن، لماذا باع بن طلال حصّته أو لمن؟

ديزني... أيضاً

ألغت شركة "والت ديزني" قرار حظر صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأميركية، بعد موجة انتقادات واجهتها من المؤسسات الإعلامية الأميركية، وبينها صحيفتا "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" اللتان تعهدتا بمقاطعة عروض الشركة، تضامناً مع الصحيفة المحظورة.

والأسبوع الماضي، توقفت "والت ديزني" عن دعوة "لوس أنجليس تايمز" إلى العروض المخصصة للصحافة، لمعارضتها مقالة نشرتها في سبتمبر/أيلول الماضي.

وأعلنت الصحيفة عما حصل، الجمعة، في "مذكرة للقراء" أشارت فيها إلى أنها لا تستطيع مراجعة أفلام الشركة المقررة في عيد الميلاد، إلا بعد طرحها للعامّة، لأن الشركة "رفضت السماح للصحيفة بمشاهدة العروض المسبقة".

وردّت الشركة في تصريح أوضحت فيه قرارها، مدعية أن الصحيفة "تجاهلت تماماً المعايير الصحافية المهنية"، في مقالة من جزأين حول "ديزني بارك" في كاليفورنيا وعلاقته ببلدة آناهايم، حيث يتمركز.

لكن قرار "ديزني" واجه ردة فعل عنيفة خلال نهاية الأسبوع الماضي، كما صوت مجموعة من النقاد، أمس الثلاثاء، على استبعاد أفلام الشركة من فعاليات الجوائز، إلى أن "يُرفع الحظر عن الصحيفة علناً".

كما أصدرت "نيويورك تايمز" بياناً جاء فيه أن "قرار شركة قوية بمعاقبة مؤسسة إعلامية، على خلفية قصة إخبارية لم تعجبها، تقشعر له الأبدان"، وأضاف "هذه سابقة خطيرة ولا تصب في المصلحة العامّة إطلاقاً".

سي إن إن

تُمارس إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن طريق وزارة العدل، ضغطاً على شركتي "تايم وارنر" و"ايه تي اند تي" (AT&T and Time Warner) لبيع شبكة "سي إن إن" الإخبارية، كي تقبل الإدارة اندماج الشركتين الذي تبلغ قيمته 85 مليون دولار، بحسب ما ذكرت مصادر مطّلعة على الموضوع لموقع "بوليتيكو" الأميركي.

وفي لقاءٍ يوم الإثنين، قدّمت وزارة العدل للشركتين إنذاراً نهائياً يُفيد بطلب بيع "تورنر برودكاستينغ" التي تملكها شركة "تايم وارنر" ويندرج في إطارها كلّ من "سي إن إن" وقنوات "تي بي إس" و"تي إن تي"، أو اهجروا "دايركتي في" التي تملّكتها "آيه تي أند تي" منذ عامين. وأضاف المصدر "من الواضح أنّ النقطة الشائكة الحقيقية للحكومة هي "سي إن إن" والتي تُعدّ هدفاً متكرّراً لغضب الرئيس ترامب.

وقال المصدر لـ"بوليتيكو": "السبب الوحيد لتجريد "سي إن إن" هو تملّق الرئيس، لأنه لا يحبّ تغطيتها. سيرسل ذلك رسالةً تقشعرّ لها الأبدان لجميع المؤسسات الإعلامية في البلاد".
وقال مسؤولون في وزارة العدل، لاحقاً، إنّ الشركتين نفسيهما عرضتا بيع "سي إن إن" لكنّ قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل رفض الخيار. وقالت الوزارة إنّ تجريد "سي إن إن" لا يحلّ بالضرورة "الأضرار" التي قد يسببها الاندماج الكبير للشركتين.

لكنّ المدير التنفيذي لشركة "آيه تي أند تي" راندل ستيفنسون، نفي قصة الوزارة، مؤكّداً أنه خلال العملية كلها لم يقترح ولا مرّة بيع "سي إن إن" أو نيته القيام بذلك.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، أعلنت "آيه تي أند تي"، عملاقة الاتصالات الأميركية، أنّها بصدد الاستحواذ على "تايم وارنر" المتخصصة بالمتحوى الترفيهي (تمتلك أيضاً وارنر بروز للأفلام وشبكة "إتش بي أو" التلفزيونية)، ما سيجمع أكبر مقدمي تلفزيون الكابل وعملاقة الترفيه في شركة واحدة. ومنذ ذلك الحين، تفحص سلطات تنظيم المنافسة عملية الدمج.

ويعتبر منتقدو الصفقة أنّها ستضع قوة إعلامية كبيرة في جهة واحدة، كما قال ترامب نفسه خلال الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية. وطُرحت تساؤلات حول مصير "سي إن إن" بعد أشهر من ظهور رفض إدارة ترامب للاندماج، خصوصاً أنّ الرئيس يستهدف مراراً القناة ويصف تغطيتها بـ"الأخبار الكاذبة".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في يونيو/ حزيران الماضي أنّ مستشارين في البيت الأبيض اقترحوا استخدام الاندماج كورقة ضغط ضدّ "الخصم" أي "سي إن إن"، مما أدى إلى تحذيرات من قبل نواب ديمقراطيين للبيت الأبيض بعدم ممارسة أي ضغط سياسي محتمل في الصفقة.


المساهمون