مجزرة أحياء... أنقاض الزلزال على مدّ النظر
سواء من قلب شارع أو أحد زواريبه أو من تلة مرتفعة أو ركام تحوّل إلى بقعة مطلة، ينظر ناجون من زلزال تركيا وسورية بحسرة وبلا آفاق متفائلة إلى بقايا أحياء تشهد على مجزرة كبيرة هي من بين الأكبر في التاريخ وأكثرها قساوة حتى لو كانت من صنع الطبيعة.
بالنسبة إلى بعض السوريين تحديداً تستعيد هذه الأحياء المنكوبة مشاهد الحرب الطويلة في بلدهم، وتجولهم بين مبانيها المنهارة، أو حتى مكوثهم فيها، والذي تسبب أيضاً في بعض النتائج الكارثية لزلزال 6 فبراير/ شباط.
أما ما يعلمه الناجون وسلطات المناطق المنكوبة في تركيا وسورية معاً أن هذه الأحياء أصبحت في خبر كان، وأن المرحلة التالية تتطلب إطلاق مشاريع إعمار من نقطة الصفر بمعايير جديدة وخطط ستغيّر معادلات المناطق بالكامل، طبعاً بحسب الإمكانات المرصودة والتي تختلف كثيراً بين الدولة التركية وسلطات الأمر الواقع التي تفرض هيبتها بقوة السلاح في مناطق عاجزة بسورية.
وقبل أن تحين ساعة الصفر لإعادة الإعمار، يقف بعض الناجين لتأمل آخر مشاهد هذه الأحياء التي قد تكون آخر ذكرياتها بالنسبة إليهم هول الكارثة نفسها ونتائجها على صعيد خسارتهم أقرباء أو ممتلكات، أو ربما صوراً أخرى ترتبط بمشاعر فرح سبقت الكارثة، ولا يمكن أن تنسى.
وربما سيعود بعض هؤلاء الناجين إلى المناطق المنكوبة بعد إعادة إعمارها، لكنهم لن يشاهدوا أحياءهم التي أرغموا على تركها. أما معظمهم فلن يعودوا أبداً إلى الأماكن ذاتها ولو بحلة جديدة.
(العربي الجديد)