Black Mirror... موسم الخيبة

Black Mirror... موسم الخيبة

23 يونيو 2023
من حلقة "جون بغيضة" (نتفليكس)
+ الخط -

عاد مسلسل Black Mirror بموسم جديد على منصة نتفليكس التي كانت قد عرضت الموسم الخامس عام 2019. الموسم السادس يتألف من خمس حلقات، تراوح طولها بين 40 و120 دقيقة، من بطولة سلمى حايك، وآرون باول، وأنجانا فاسان، وأودن ثرونتون، وزازي بيتز، وكلارا روغارد لارسن، وغيرهم. والعمل من تأليف تشارلي بروكر.

تجاذبت حلقات الموسم السادس مفردات المواسم القديمة التي انبنت عليها حكايات المسلسل، مثل التقنية، والعلم، والأخلاق، والفن، والحب، والشرّ، والخصوصية، ونهاية العالم، وجرعات عالية من القتل والتعذيب.

هكذا، نرى في الحلقة الأولى، وعنوانها "جون بغيضة"، أقصى حالات انتهاك الخصوصية، جراء التدخل المتوحش للتقنية في حياتنا، وهي عندما تتحول تفاصيل حياة أي شخص على هذا الكوكب إلى مادة درامية لعمل يحمل اسمه وصفة سلبية عنه، ويشاهده ملايين الأشخاص حول العالم. كل ذلك يحصل بموافقة الشخص، ولكن من دون دراية متى حصلوا على تلك الموافقة، ليعرضوا ما يعرضوه عن حياته الشخصية. نحن لا نعلم أنه بمجرد ضغطنا على زر "الموافقة" عند تحميل أي تطبيق، أو عند محاولتنا الوصول إلى منصة مشاهدة، فإننا بذلك نعطي الضوء الأخضر للذكاء الاصطناعي أن يراقب كل تحركاتنا، ويصنع منها ما يشاء، كما جاء في الحلقة.

صحيح أن طرح انتهاك الخصوصية ليس جديداً، سواء درامياً أو وثائقياً، لكن اللافت في هذه الحلقة هو عرضها مدى تشابه حيوات الأشخاص في العالم، فتغدو مشاهدة أي عمل عن أي شخصية كانت، هي ذاتها مشاهدة عمل عن المشاهد نفسه وحياته وما يدور داخل منزله.

هذه التقنية غير المراعية لأي أفق أخلاقي في حياة البشر، ستكون السبب الذي يدفع ديفيد روس في الحلقة الثالثة إلى خيانة زميله كليف، محاولاً التحرش بزوجته من ثم ارتكاب مجزرته؛ إذ خرج الرجلان في مهمة لمدة ستة أعوام إلى الفضاء. الجديد في هذه المهمة أن ديفيد وكليف هما فعلياً في الفضاء، ولكن صورتهما الآلية التي على هيئتهما تماماً تكون في الأرض. لذا، عندما ينامون في الأرض، يصحون في الفضاء، والعكس صحيح. بيد أن هذه التجربة العلمية لم ترق لمجموعة من الهيبيين المدافعين عن الطبيعة الذين يقتلون عائلة ديفيد. بعدها، يقرر الأخير الانتقام، مرة بخيانته لزميله، ومرة بمذبحته.

في الحلقتين، الثانية والرابعة، ثمة سؤال يمكن استنتاجه: هل يمكن للقتل أن تصبح له قيمة فنية؟ بمعنى أنه هل يمكن أن نلتقط صورة أو نبني قصة فيلم عن القتل وطقوس التعذيب، تكون مواده حقيقية بدلاً من اصطناعها؟

لا تتردد الحلقة الثانية، وعنوانها "لوك هنري"، في مقاربة هذا السؤال ومحاولة الإجابة عنه بالإيجاب. هنا، القَتَلة والضحايا ومخرج الفيلم، تربطهم علاقة قرابة وعلاقة فنية - سينمائية. فالقتلة هم الآباء والضحايا هم الأزواج، والمخرج هو الابن. المصادفة، تقرّب الأخير من إخراج فيلم وثائقي عن منزل مهجور، كانت تُرتكب فيه الجرائم، كما فُقد داخله السيّاح. في أعقاب تحريه عن تاريخ الفيلم، يقترب الابن من الحقيقة، لكن والدته تسبقه، وتترك له عشرات شرائط الفيديو التي صورها والده وهما يمارسان الطقوس الغرائبية الدموية، تاركة ورقة كتب عليها: "من أجل فيلمك السينمائي".

على مقربة من فكرة الحلقة الثانية، تتطرق الحلقة الرابعة التي جاءت بعنوان "ميزي داي" إلى قضية مصوري المشاهير وإساءات المصورين المتكررة ومطارداتهم للمشاهير في كل مكان، لدرجة أن إحدى الفنانات واسمها ميزي داي، تتحول إلى ما يشبه الذئب عندما يصل المصورون إلى مخبئها الذي تتعالج فيه من الإدمان.

هناك، وضعها أحد أطباء هوليوود تفادياً للفضائح. لا ندري، هنا، هل هناك تلميح إلى طريقة هوليوود في معالجة المدمنين من المشاهير كما عرضها المسلسل؟

لم تكن خاتمة الموسم واعدة، إذ تضمنت الحلقة الأخيرة "ديمون 79" موضوعة مكررة وقديمة جداً، وهي نهاية العالم ومحاولة إنقاذه على يد بطل ما. كأننا أمام معضلة القطار الأخلاقية الشهيرة. ففي الحلقة، على البطلة أن تقتل ثلاثة أشخاص وتقدمهم قرابين للشيطان فداءً لإنقاذ العالم، وتفادياً لحدوث كارثة نووية، كما نهاية الحلقة الكارثية.

المساهمون