مسلسل "مع وقف التنفيذ": محاولة حل اللغز

لعل الممثل هو أول من "يقتحم" عين المشاهد في أي عمل تمثيلي فني؛ سواء في المسرح، أو السينما، وصولاً إلى التلفزيون. ويصح القول إن أول ما يجذب المشاهد هو فريق الممثلين، ويتجه لاحقاً إلى مراقبة النص والسيناريو والإخراج. تتخذ الشخصيات زخمها من تميز الأداء والثبات والارتكاز والهدوء. ويبدو أن توفر جميع هذه العناصر في مسلسل "مع وقف التنفيذ" هو ما حمله ليتصدّر قائمة الأعمال الرمضانية السورية لهذا الموسم.

توافق الكاتبان، علي وجيه ويامن حجلي، على صيغة أساسية في رسم رواية قريبة من الواقع السوري اليومي، في فترة ما بعد الحرب، وظهر واضحاً استغلال وجيه وحجلي، عودة النازحين السوريين إلى بعض المناطق المتاخمة للعاصمة السورية، بقالب درامي شيّق، يحاول فك لغز ما حصل خلال العقد الفائت.

من هنا، تبدأ الحكاية؛ بحضور محافظ البلدة، لتدشين عودة المياه إلى الناس، بعد انقطاع بسبب الحرب. حفل شعبي بسيط، ينقلنا إلى روايات داخل الحارات الضيقة. ينقل "مع وقف التنفيذ" واقعاً مستجداً، وما طرأ على آلية التعامل بين سكان الحي الواحد من اختلاف، وتأثر هؤلاء جميعاً بالمحيط العام. لكن، نكتشف سريعاً أن هذا الواقع ما هو إلا تراكمات لأطباع الأشخاص أنفسهم، والبنية النفسية والإنسانية التي تسكنهم، أو اكتسبوها منذ الطفولة حتى اليوم. نشاهد، مثلا، في شخصية فوزان (عباس النوري)، الرجل أو الجار الوصولي الانتهازي، الساعي إلى بيع ابنتيه بأي ثمن مقابل تحصيل المزيد من المال والمكتسبات. ولا يقف فوزان عند ذلك، بل يجبر حفيدته لابنته بسرقة والدها. شخصية تغذي النص، وتضع النوري أمام مفصل أكثر دقة في أدواره. وترشح شخصية هاشم (فادي صبيح) بمكنونات التفاصيل الصغيرة للأداء العالي. لا أخطاء تذكر. هاشم الذي آلمه ما فعلته زوجته أوصاف (حلا رجب) فيطلقها، ويرتبط بابنة عمته سكر (شكران مرتجى). تشكل هذه الثنائية بعداً في رفع منسوب التقنيات التي استغلها المخرج سيف الدين سبيعي، لحياة الأسر داخل المجتمع، وتحت أسقف المنازل.

سينما ودراما

التحديثات الحية

ممثلون سوريون... أبعد من قصة مسلسل

على الخط نفسه، قصة حليم (غسان مسعود)، الشيوعي القديم المناهض للنظام، والكاتب المعرّض في أي وقت للاستدعاء والتحقيق معه من قبل فرع المخابرات، وانهمامه في قضية مقتل صديقه، أبو الشوق، ومحاولة كشف الفاعل. من جهتها، تنقل جنان (سلاف فواخرجي)، صورة للفتاة الوصولية التي تضحي بوالدها، شيخ وإمام البلدة، وتتزوج من نافذ يعنفها ويحرمها من الإنجاب، في سبيل تقاسم صفقات التشبيح والسرقة التي يقومان بها معاً. 

يكمن الأداء العالي في "مع وقف التنفيذ" في الممثلين، حينما يعمل الجميع على إيصال الأفكار التي توالت في مخيلة الكتّاب، طبقاً لسياق الأحداث المفترضة التي قابلتهم. كأن الممثل، أو فريق العمل، عاشوا رغبة للإفصاح عن أمور كثيرة عاشوها في السابق.