ماسك يعلن إعادة تشغيل حسابات الصحافيين المعلّقة على "تويتر"

ماسك يعلن إعادة تشغيل حسابات الصحافيين المعلّقة على "تويتر"

17 ديسمبر 2022
هدد الاتحاد الأوروبي، الجمعة، بفرض عقوبات على ماسك (رافاييل إنريكي/Getty)
+ الخط -

أعلن الملياردير المثير للجدل، إيلون ماسك، صباح اليوم السبت، أنه سيعيد "فوراً" تشغيل حسابات صحافيين علّقها على منصة تويتر، بعد أن "قال الشعب كلمته"، استناداً إلى استطلاع أجراه وأيد معظم المشاركين فيه (58.7 في المائة) هذا القرار.

وماسك الذي يصف نفسه بأنه "مؤيد لحرية التعبير بالمطلق" أثار، أمس الجمعة، عاصفة حول العالم، بتعليقه حسابات عدد من الصحافيين الأميركيين. ونددت الأمم المتحدة بشدة بالقرار، واعتبرت أنه يمثّل "سابقة خطيرة". وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، أنطونيو غوتيريش، ستيفان دوجاريك: "نحن منزعجون جداً للتعليق التعسفي لحسابات صحافيين على تويتر. يجب عدم إسكات أصوات وسائل الإعلام على منصة تعلن أنها فضاء حرية (...) القرار يمثّل سابقة خطيرة في وقت يواجه الصحافيون في كل أنحاء العالم رقابة وتهديدات جسدية".

وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية فيرا جوروفا إن "الأنباء عن التعليق التعسفي لحسابات صحافيين على تويتر مقلقة"، مذكرة بأن القانون المتعلق بالخدمات الرقمية الذي يفترض أن يطبق على مجموعات التكنولوجيا العملاقة الصيف المقبل "يفرض احترام حرية الإعلام والحقوق الأساسية". وأضافت: "يجب أن يدرك إيلون ماسك ذلك"، مشيرة إلى أن "هناك خطوطاً حمراء، وهناك عقوبات قريباً".

من جهتها، غردت وزارة الخارجية الألمانية، الجمعة، أن "حرية الصحافة يجب ألا يتم تشغيلها وتعليقها حسب الأهواء". وأضافت: "لهذا السبب لدينا مشكلة مع تويتر". وفي تغريدة أخرى، قال الوزير الفرنسي للتحول الرقمي، جان نويل بارو، إنه "صُدم بالطريقة التي يدفع بها إيلون ماسك تويتر إلى الهاوية"، مؤكداً أن "حرية الصحافة هي أساس الديموقراطية، والمساس بأحد الأمرين يعني المساس بالآخر". وأعلن وزير الصناعة الفرنسي، رولاند ليسكور، الجمعة، أنه سيعلق نشاطه على "تويتر" احتجاجاً على تعليق حسابات الصحافيين. وكتبت رئيسة قسم الاتصالات في الأمم المتحدة، ميليسا فليمنغ، أنها "منزعجة بشدة" من تعليق حسابات الصحافيين، وأن "حرية الإعلام ليست لعبة".

وجاء في بيان لمنظمة مراسلون بلا حدود: "كفى تعسف المنصات، يجب أن تصبح إدارة هذه المنصات ديمقراطية، قبل أن تخضع الديمقراطيات بالكامل لأهوائها". ودعت لجنة حماية الصحافيين المنصة إلى "إعادة حسابات هؤلاء المراسلين على الفور". وأضافت رئيسة اللجنة جودي جينسبيرغ: "إذا ثبت أن حسابات الصحافيين علقت انتقاماً من عملهم، فسيكون ذلك انتهاكاً خطيراً لحق الصحافي في نقل الأخبار من دون خوف من الانتقام".

وتراجعت، الجمعة، أسهم شركة تسلا التي يملكها ماسك بنسبة 4.7 في المائة، وسجلت أسوأ خسارة أسبوعية لها منذ مارس/ آذار 2020، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن تشتت انتباهه وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

من بين الصحافيين الذين علقت "تويتر" حساباتهم: ريان ماك من "نيويورك تايمز"، ودوني أوساليفان من "سي أن أن"، ومات بايندر من "ماشابل"، ودرو هارويل من "واشنطن بوست"، وكيث أولبرمان وستيف هرمان من "فويس أوف أميركا"، وكذلك صحافيون مستقلون. وكان بعضهم قد كتب تغريدات عن قرار اتخذه موقع تويتر الأربعاء بتعليق حساب يرصد تلقائياً رحلات إيلون ماسك على متن طائرته الخاصة.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

ولم تذكر "تويتر" سبب أو مدة تعليق هذه الحسابات. غير أن مالك الشبكة الاجتماعية الذي أثار جدلاً مرات عدة منذ شرائها، في أكتوبر/ تشرين الأول، أصدر بعض الإشارات في سلسلة تغريدات. قال إيلون ماسك على "تويتر": "الحسابات المتورطة في نشر معطيات شخصية تعلّق مؤقتاً لسبعة أيام"، مشيراً إلى أن هذه القواعد تنطبق "على الصحافيين، مثل غيرهم". وأضاف ماسك: "نشروا مكان وجودي بدقة في الوقت الفعلي وإحداثيات تسمح باغتيال، في انتهاك مباشر وواضح لشروط خدمة تويتر". وصرّح في محادثة صوتية نُظمت على الهواء مباشرة على "تويتر" بأن "الجميع سيعاملون على قدم المساواة"، مشيراً إلى أنه لن تكون هناك امتيازات للصحافيين. وبعد إعادة سؤاله في الموضوع، غادر ماسك المناقشة، ثم انقطعت خدمة الدردشة الصوتية "تويتر سبيس"، على خلفية ما قال الموقع إنها "مشكلة فنية".

وعلّق تويتر حساب منصة ماستودون المنافسة.

الجمعة، دانت شبكة سي أن أن "التعليق المتسرع وغير المبرر لحسابات عدد من المراسلين"، معتبرة أنه "أمر مزعج، لكنه غير مفاجئ". وأضافت أن "عدم الاستقرار والتقلبات المتزايدة في تويتر تثير قلقاً خاصاً لأي شخص يستخدم المنصة"، موضحة أنها "طلبت من تويتر توضيحاً"، وأنها ستعيد "تقييم علاقتها بالمنصة بناءً على هذا الرد". وقال المتحدث باسم صحيفة نيويورك تايمز، تشارلي ستاتلاندر: "نأمل إعادة حسابات جميع هؤلاء الصحافيين، وأن يقدم موقع تويتر تفسيراً مرضياً".

في بداية هذه الأزمة كتب إيلون ماسك، الأربعاء، أن "مطارداً مجنوناً" تعقب سيارته في لوس أنجليس بينما كان مع طفله. وذكر تعقب طائرته الخاصة أيضاً. وأعلن أنه سيقاضي الشخص الذي يقف وراء حساب @ElonJet المعلّق الآن. أنشأ هذا الحساب طالب، ويتبعه نحو نصف مليون شخص. وكان هذا الحساب يستخدم بيانات عامة للإشارة تلقائياً إلى زمن ومكان إقلاع وهبوط طائرة رئيس شركتي سبيس إكس وتِسلا. وفي وقت لاحق، نشرت "تويتر" تغريدة، أكدت فيها منع معظم التغريدات التي تكشف موقع أي شخص في الوقت الفعلي.

عندما تولى ماسك رئاسة "تويتر"، وعد بألا يمس بحساب @ElonJet. ومنذ شرائه المنصة مقابل 44 مليار دولار، أطلق الملياردير رسائل متضاربة في ما هو مسموح به وما هو ممنوع. وأعاد ماسك الذي يقول إنه مدافع متحمّس عن حرية التعبير الحسابات التي كانت محظورة سابقاً من الشبكة الاجتماعية، وبينها حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. لكنه علّق حساب مغني الراب ييه (كانييه ويست)، بعد نشر تغريدات اعتبرت معادية للسامية. ورفض عودة حساب اليميني المتطرف أليكس جونز، المروّج لنظريات مؤامرة.

والاثنين الماضي، حلّ ماسك مجلس الثقة والأمن، وهو هيئة استشارية مؤلفة من خبراء خارج "تويتر" يساعدون في وضع سياسة الإشراف الخاصة بالشركة، بحسب ما أفادت به صحيفة واشنطن بوست وشبكة سي أن أن. هذه الهيئة التي أنشأتها الشركة عام 2016 كان هدفها التصدي لخطاب الكراهية واستغلال الأطفال والانتحار وإيذاء النفس على المنصة. وجاء قرار حلها في اليوم نفسه الذي أعلن فيه ثلاثة من أعضائها استقالتهم في بيان نشر على "تويتر"، جاء فيه أنه "على عكس مزاعم إيلون ماسك، فإن سلامة مستخدمي تويتر ورفاهيتهم تتراجعان".

إلى ذلك، توقعت شركة إنسَيدر إنتلجنس أن يغادر أكثر من 30 مليون مستخدم منصة تويتر خلال العامين المقبلين، مع تزايد المخاوف بشأن المشكلات الفنية وانتشار المحتوى المسيء بعد استحواذ إيلون ماسك عليها مقابل 44 مليار دولار أميركي، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويتوقع انخفاض عدد المستخدمين الشهريين حول العالم بنحو 4 في المائة العام المقبل، و5 في المائة عام 2024، أي أكثر من 32 مليون مستخدم في المجموع، في أول انخفاض سنوي توقعته "إنسيدر إنتلجنس" منذ أن بدأت بتتبع منصة التواصل الاجتماعي عام 2008.

أطلقت "تويتر" خدمتها المدفوعة الاثنين الماضي أيضاً، بعد إطلاق صيغة أولى أعقبها انتشار حسابات مزيّفة وفوضى في الشبكة الاجتماعية. ويُفترض أن تتيح هذه الخدمة للمنصة تنويع إيراداتها التي تقتصر على الإعلانات. إلا أنّ العائدات المتأتية من الإعلانات تراجعت خلال الأشهر الأخيرة مع الانكماش الاقتصادي، في حين أن كُثراً من المعلنين شعروا بخيبة، نتيجة استحواذ ماسك على المنصة، خوفاً من إيجاد إعلاناتهم في محتوى مثير للجدل.

المساهمون