كارول سماحة... الألبوم ليس ذهبياً

كارول سماحة... الألبوم ليس ذهبياً

16 مارس 2023
أدّت سماحة مقاطع من قصائد سبق أن غنّاها آخرون (فيسبوك)
+ الخط -

مثّلت قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل، محمود درويش (1941 - 2008)، مصدراً مهمّاً لكثير من المغنّين العرب، أبرزهم الفنان اللبناني مارسيل خليفة، والمغني السوري سميح شقير، ومواطنه بشار زرقان. أخيراً، أرادت المغنية اللبنانية كارول سماحة أن تلتحق بهذا الركب، فأطلقت ما سمّته "الألبوم الذهبي"، الذي يفترض أن يضم 12 أغنية، كلها من قصائد لمحمود درويش، ولحّنها وشارك في إنتاج العمل، الموسيقي الفلسطيني تيسير حدّاد، الذي يبدو أنه أصرّ على أن يسبق اسمه بحرف الدال الذي يشير إلى اللقب الأكاديمي إياه.
صدرت الأغنية الأولى منفردةً قبل أسبوعين، تحت عنوان "ستنتهي الحرب". لكن، ما حصل أن الحرب اشتعلت؛ إذ لا توجد قصيدة لدرويش تحمل هذا الاسم، أو المضمون الذي أدّته سماحة. بعد خمسة أيام، أصدرت "مؤسسة محمود درويش" بياناً، تشير فيه إلى أن هذه القصيدة لا تمتّ للشاعر الذي تحمل المؤسسة اسمه بأي صلة، مطالبةً المغنية بحذف اسم الشاعر من الكليب.
وجد كثيرون في بيان المؤسسة خوضاً في ترّهات لا ترقى إلى مستوى المؤسسة؛ إذ اقترحوا أن عليها ألا تُعير الأمر أي اهتمام، مستخفّين بسماحة كونها مغنية بوب. لكن، المفاجأة كانت في البيان الذي أصدره محامي سماحة، إذ أشار فيه إلى أنهم قبل إصدار الألبوم، تواصلوا مع المؤسسة، التي منحتهم الموافقة على أداء المغنية للقصائد التي أوردها البيان بالعناوين.
بكل الأحوال، حُذف اسم الشاعر من الأغنية، وانتهى الأمر. لكن، من المُخطئ هنا؟ يمكن القول إن جميع الأطراف على خطأ؛ فالمؤسسة لم تدقق منذ البداية بأسماء القصائد، ولم تبذل أي جهد للتحقق منها، فمنحت الإذن بإصدار الألبوم.
والملحّن والمغنية، كذلك، لم يتحقّقا من صحة النص إياه. كيف لمغنٍّ أو مغنية، وملحّن، يعملان على نص منسوب عنوةً لشاعر، من دون أدنى مسؤولية تجاه الأمر؟ تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بكم هائل من الخواطر الهزيلة المنسوبة للشاعر محمود درويش (وديستويفسكي والماغوط وآخرين عديدين). ويتناقلها القرّاء الذين يزعمون محبة الشاعر وإخلاصهم له. في الثالث عشر من الشهر الحالي حلّت ذكرى ميلاد درويش، وعادت هذه الخواطر لتظهر مجدّداً، ليحتفي بها جمهور الشاعر. هل قرأ هؤلاء محمود درويش فعلاً؟ لو أنّهم فعلوا لما صدّقوا أن عبارات من قبيل "الساعة الآن أنا إلا أنت"، أو "أحببتُكِ مرغمًا/ ليس لأنّكِ الأجمل/ بل لأنّكِ الأعمق، فعاشق الجمال في العادةِ أحمق"، أو "بعضي لديّ وبعضي لديك.. وبعضي يشتاقُ لبعضي.. فهلّا أتيت؟"، أو "الدموع كائنات فضولية. كلّما حدث شيء مؤلم خرجت لتُشاهد"، هي لمحمود درويش.
اللافت، والمضحك في الأمر، أن محامي كارول سماحة، قال في مقابلة تلفزيونية إن "مؤسسة محمود درويش" لا تمتلك حقوق نص "ستنتهي الحرب"... من يملكها إذن؟ لا أحد. هذا النص هو خاطرة أخرى موضوعة في بطاقة عليها صورة الشاعر ويجري تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تلك النصوص المذكورة سابقاً.
من الواضح أن سماحة، وملحّن بقية أغاني الألبوم، اكتفيا بلمعان اسم الشاعر وشهرته، ومحبة الجمهور له، ليُقدما على فعل كهذا. فالسؤال إن كان الجمهور فعلاً قرأ درويش، ينطبق على سماحة والملحن. هي اكتفت بشعبية الشاعر عربياً، وأرادت أن تستعيد حضورها في المشهد الغنائي العربي. ما الحل؟ ستغنّي قصائد لمحمود درويش. ورغم أنه حلّ جاهز موضوع على الرف، مثلما أن قصائده موضوعة على رفوف القرّاء، إلا أنها وقعت في هذا الخطأ.

حتى أن سماحة لم تكلّف نفسها اختيار قصائد مختلفة وغير مغنّاة للشاعر، إذ أدّت مقاطع من "قصيدة بيروت" التي غناها مارسيل خليفة، وقصيدة "فكر بغيرك" التي غناها سميح شقير، وقصيدة "عابرون في كلام عابر" التي غنتها أصالة نصري، إلى جانب مقاطع من الجدارية التي سبق وغناها بشار زرقان. وغنت سماحة قصائد قديمة لمحمود درويش، هو نفسه كان ينفر منها.

المساهمون