غزة تقسم نقابة الصحافة الأميركية: من يطلب إدانة الاحتلال ومن يرفض؟

غزة تقسم نقابة العاملين في الصحف الأميركية: من يطلب إدانة الاحتلال ومن يرفض؟

27 نوفمبر 2023
تظاهرة تضامنية مع غزة أمام مقر "نيويورك تايمز" (سلكوك أكار/ الأناضول)
+ الخط -

في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، أصدرت نقابة العاملين في الصحف في الولايات المتحدة بياناً دانت فيه قتل الاحتلال الإسرائيلي للصحافيين في فلسطين ولبنان، كما انتقدت تصريحات الوزير بني غانتس الذي وصف بعض الصحافيين والمصورين الفلسطينيين بـ"الإرهابيين".

اليوم تحاول النقابة الأم، من خلال النقابات الفرعية التابعة لها والمنتشرة في مختلف الولايات وتمثّل مختلف العاملين في المؤسسات الصحافية، إصدار بيان ثانٍ يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.

لكن هذه المرة تواجه جهود النقابة معارضة من قبل ممثلي "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز".

وأرسل أعضاء في النقابة يمثلون صحيفة وول ستريت جورنال، خطاباً إلى النقابة الأم، شارحين أنّ الصحافيين يتمتعون بحماية في مناطق النزاع، وظهورهم "بمظهر المتحيز يمكن أن يمنعهم من حضور الإحاطات الإعلامية أو التحدث إلى المسؤولين، بل يمكن أن يجعلهم أهدافاً عسكرية... يعتمد القراء والمشاهدون والمستمعون البعيدون عن منطقة النزاع على صحافيين يتمتعون بمصداقية لتقديم تقارير غير متحيزة".

وجاء في الخطاب، الذي حاول تبرير رفض إصدار بيانٍ يطالب بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، أيضاً: "إن اتخاذ مواقف عامة بشأن الأحداث الإخبارية التي نغطيها يضر بالثقة التي اكتسبها أعضاؤنا خلال عقود من التقارير المؤثرة في مناطق الحرب وفي جميع أنحاء العالم، ما يغذي الاعتقاد الخاطئ بأنّ المراسلين هم مناصرون وليسوا مراقبين". وتابعت الرسالة: "نعتقد أنّ الأخبار التي ننقلها من إسرائيل وغزة ومن جميع أنحاء العالم تتحدث عن نفسها. ليس هناك ما نضيفه".

أما في "نيويورك تايمز"، فنقل موقع سيمافور أنّ نقابيين في الصحيفة يتجهون إلى إصدار بيان شبيه بذاك الذي أصدره العاملون في "وول ستريت جورنال".

وكانت اللجنة التنفيذية للنقابة قد ناقشت، الأسبوع الماضي، وفق "سيمافور" أيضاً، اقتراحاً تقدّم به أعضاء في النقابة، يقضي بإصدار بيان يدعو إلى إنهاء المساعدات العسكرية الأميركية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ووقف دائم لإطلاق النار. وفي المساء نفسه، اجتمع فرع النقابة في نيويورك لمناقشة الموضوع نفسه، بما في ذلك بيان مقترح قدمته نقابة موظفي التكنولوجيا في "نيويورك تايمز" - ينتظم أعضاؤها بشكل مستقل عن صحافيي المؤسسة - بإدانه إسرائيل لقتلها الأطفال والصحافيين الفلسطينيين في غزة.

وجاء في بيان النقابة الوطنية المقترح أن "هذا العنف (ضد الغزيين) ينعكس في غرف الأخبار في الولايات المتحدة وكندا... ويتحمل أعضاؤنا العبء الأكبر بشكل متزايد، ويعملون في بيئات يتم فيها اعتماد وجهات نظر تطبّع مع الهجوم الإسرائيلي على اعتبار ذلك موضوعياً، بينما تُهمّش التقارير عن العقاب الجماعي (للغزيين) أو تُرفض، أو يُعاقَب كتّابها باعتبارهم منحازين... إننا ننضم إلى الآلاف من زملائنا والملايين الآخرين حول العالم في الدعوة، بعبارات لا لبس فيها، إلى وقف فوري لإطلاق النار".

صيغة البيان لم تعجب القيادات النقابية في نيويورك (تضمّ كبرى مؤسسات الولاية، مثل "نيويورك تايمز"، و"نيويوركر"، ومؤسسات تابعة لـ"كوندي ناست" و"أن بي سي"، وغيرها)، فناقشت البيان ورفضته، وفي المقابل اختارت تشكيل مجموعة عمل لصياغة بيان يصدر الشهر المقبل لا يدعو إلى وقف إطلاق النار، بل "يركز على الحقوق والحماية التي ينبغي أن يتمتع بها أعضاء النقابة عند التعبير عن آرائهم الشخصية من دون تداعيات مهنية"، في إشارة إلى إقالة أو استقالة عدد من الصحافيين في مؤسسات أميركية، بسبب التعبير عن رأيهم الداعم للفلسطينيين في قطاع غزة، أو لتوقيعهم على بيانات تدين الاحتلال.

هذا التباين في المواقف، وسعي النقابة الأم إلى إصدار بيان يدين الاحتلال، جاء كنتيجة طبيعية لعمل النقابة في السنوات الأخيرة على ضم وتسليط الضوء على أصوات تقدمية تواكب التطور الذي طاول مهنة الصحافة، وعدم حصرها في الصحافة الورقية التقليدية كما كانت الحال لعقود. ومع ظهور جيل جديد من الصحافيين الذين يعملون بشكل خاص في المواقع الإلكترونية، بات التنوّع أكثر وضوحاً في صفوف نقابة العاملين في الصحف في الولايات المتحدة.

هذا التنوّع، انعكس بشكل واضح خلال العدوان على غزة، وقد أدى ذلك إلى انقسام بين الجناح المحافظ والتقليدي، وبين الجناح الأكثر تقدمية وأغلب أعضائه من الصحافيين الشباب. فبينما يدفع العاملون الشباب في الصحف نحو اتخاذ موقف واضح من الجرائم الإسرائيلية تجاه المدنيين والصحافيين في غزة، يحاول الصحافيون الأكثر محافظةً الابتعاد عن كل بيان من شأنه إدانة الاحتلال.

المساهمون