"شارع التحرير– عمارة 48": حكايات النكبة في أول معرض كوميكس فلسطيني

"شارع التحرير– عمارة 48": حكايات النكبة في أول معرض كوميكس فلسطيني

رام الله

بديعة زيدان

avata
بديعة زيدان
16 مايو 2023
+ الخط -

في 22 يوليو/ تموز 1946، كانت الفلسطينية زينب معتوق، البالغة من العمر 12 عاماً، في بيتها بالقدس، عندما فجّرت جماعة أرغون الصهيونية فندق الملك داوود المجاور، والذي كان مقراً للحكومة البريطانية. كان التفجير استجابة لأوامر رئيس الأرغون آنذاك، ورئيس وزراء حكومة الاحتلال لاحقاً مناحيم بيغن، الذي أمر عناصره بالتنكر بملابس عربية، وإدخال المتفجرات في أوعية للحليب إلى الفندق.

راح ضحيّة الانفجار 41 شخصاً، غالبيتهم من الإنكليز، إلى جانب بعض الفلسطينيين واليهود.

علي، شقيق زينب، الذي كان قريباً من نافذة المنزل، فقد إحدى عينيه جرّاء الشظايا، أمّا هي فقد ابيض شعرها من شدّة الخوف.

بعد 77 عاماً على هذه الحادثة، قدّمت حفيدة زينب، وخريجة جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، نور طوطح، قصّة جدّتها عن طريق رسوم الكوميكس، لتكون من الأعمال المشاركة في أوّل معرض لفن الكوميكس في فلسطين، والذي يحمل اسم "شارع التحرير– عمارة 48".

شكّلت النكبة، في ذكراها الخامسة والسبعين، ثيمة للمعرض الذي احتضنه حوش الصاع، في البلدة القديمة بمدينة رام الله، بمشاركة فنانين فلسطينيين وعالميين، تناولوا بأساليبهم المختلفة موضوع النكبة.

وقدّمت المعمارية الفلسطينية حلا سيف مجموعة لوحات كوميكس منفصلة متصلة، تؤكد على استمرارية النكبة، بدءاً من التهجير عام 1948، مروراً بالاستيطان وجدار الفصل العنصري، وصولاً إلى محاولات التهجير الجديدة، كما في مسافر يطا، قرب الخليل، وحي الشيخ جرّاح في القدس.

ولفتت سيف، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى انتشار الكوميكس بين الشباب الفلسطيني، وخاصة الكوميكس الياباني والصيني، لكونه فنّاً يمزج الصورة بالأدب بطريقة ممتعة ومشوقة، ويقدّم المعلومة بشكل سهل على المتلقي، ممّا يجعله وسيلة مهمة للغاية إذا وظفت في نقل الحكاية الفلسطينية.

أمّا الطالبة الجامعية شهد الرزي، فقدّمت كوميكس حمل عنوان "الصمت"، وتقوم فكرته على استمرارية السؤال الذي يتوارثه اللاجئون الفلسطينيون جيلاً بعد جيل حول العودة: "متى؟!". أمّا معين حمّاد، وهو طالب جامعي أيضاً، فتناول في قصّته إجرام العصابات الصهيونية في اقتحام المنازل الفلسطينية إبّان النكبة.

وكان من بين المشاركين فنانون أنجزوا أعمالهم تحت القصف خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وهو حال الفنانين الشباب عمر شلايل، وشهد شمالي، وأحمد صبري أبو الندى، إضافةً إلى الكاتبة جيهان يحيى أبو لاشين.

واشتركت أبو لاشين في كتابة نصوص الأعمال المشاركة مع القاص زياد خداش، والشاعر فارس سباعنة، صاحب أكبر عدد من القصص التي تحوّلت إلى كوميكس.

وأشار الشاعر فارس سباعنة إلى أن "الكتابة المتخصصة لقصص الكوميكس تختلف عن أي نوع من الكتابة الإبداعية، وإن كانت على تماس معها"، لافتاً إلى أنه "طوّر نفسه في هذا النوع من الكتابة خلال عمله مع الفنّان محمد سباعنة على إنجاز كتابه قوّة ولادة الحلم الذي نشر في الولايات المتحدة الأميركية عام 2021".

وعمل سباعنة، وهو شاعر فلسطيني يكتب بالفصحى والدارجة، على تطوير طريقة بصريّة في السرد، وشرح في حديثه مع "العربي الجديد" أنه بعد مشاركته في ورشة تدريب في مقر مؤسسة عبد المحسن القطان بمدينة رام الله، تشكّلت لديه العديد من الأفكار لقصص الكوميكس، ومعها ظهرت فكرة معرض "شارع التحرير – عمارة 48".

وركّزت بعض الأعمال على القوة الخارقة، أو الملكات غير المألوفة. وأنجزت دانيا العمري قصة عن فتاةٍ تعود إلى قريتها التي هجّرت منها عائلتها عام 1948، لتكتشف حين تلتقي بغزال لا يزال على قيد الحياة قدرة خارقة على الحديث مع الحيوانات، فتبدأ بحشد الحيوانات الفلسطينية، التي تشكلّ فريق "إرباك ليلي" بقيادتها، يقضّ مضاجع المستوطنين الذين استباحوا أرض الفلسطينيين وحيواتهم.

وشارك العديد من الفنانين الفلسطينيين المقيمين في الخارج بأعمال بالإنكليزية والعربية، مثل الفنان سمير حرب، والفنانة ليلى عبد الرازق، إضافة إلى الفنانين حمزة أبو عيّاش، وميشيل جبّارين، وخالد جرادة، وفؤاد اليماني.

وتميّز المعرض بمشاركة عالمية لفنانين اشتهروا في هذا المجال، مثل الأميركي سيث توبوكمان، أحد مؤسسي مجلة الكوميكس "الحرب العالمية الثالثة"، ومحرّر المجلة والرسام إيثن هيتن، ورسام الكاريكاتير الإيطالي جيانلوكا كوستانتيني، والمعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية.

وتصدّرت نشرة المعرض مقولة للكاتب الأميركي ريموند فريدمان، جاء فيها: "عندما ينتهي المؤرخون من تدوين ما حصل، ويغلقون كتبهم، عندما ينتهي المختصون بالإحصاء من العدّ، وينسى الشهود ما حصل، يأتي الشعراء والروائيون والفنانون لاكتشاف الأرض التي دمّرتها النار وأصبحت رماداً". وأكمل القائمون على المعرض بالقول: "في الحالة الفلسطينية لم ينتهِ المؤرّخ من كتابة التاريخ بعد، النكبة ما زالت مستمرة تأخذ أشكالاً مختلفة في آلات الهدم والتهجير... لم ينتهِ المؤرخون، لكن علينا ترجمة ما يحصل عبر الفنون المختلفة".

من جهته شدّد رئيس بلدية رام الله، عيسى قسيس، في كلمته قبيل افتتاح المعرض، على "أهمية مخاطبة العالم كله" من قلب مبنى تاريخي في مدينة رام الله "بطريقة مبتكرة تقوم على استحضار فن الكوميكس عالميّ اللغة، ليصدّر الحكاية الفلسطينية لشعب يعاني من الاحتلال منذ خمسة وسبعين عاماً".

واعتبر أنّ ذلك سيساهم في "نقل الحكاية الفلسطينية، وكشف بشاعة الاحتلال للملايين من الناس"، مشيراً إلى التحضير لخطة تهدف لتطوير المعرض و"نقل الكوميكس الفلسطيني من رام الله إلى كل العالم".

ذات صلة

الصورة
مسيرة رام الله

سياسة

خرج آلاف الفلسطينيين في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مساء أمس السبت، في مسيرة هتفت للمقاومة الفلسطينية، ونددت بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة
مسيرة وسط رام الله (العربي الجديد)

سياسة

شارك عشرات الفلسطينيين، اليوم الجمعة، في مسيرة جابت شوارع مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، نصرةً لغزة ودعماً للمقاومة الفلسطينية.
الصورة
تظاهرة في رام الله ضد استقبال بلينكن (العربي الجديد)

سياسة

منعت أجهزة الأمن الفلسطيني، مساء اليوم الأربعاء، مسيرة منددة باستقبال الرئيس محمود عباس لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من الوصول إلى مقر الرئاسة.

المساهمون