شادي عبد السلام الذي لا يعرفه أحد

شادي عبد السلام الذي لا يعرفه أحد

21 ديسمبر 2020
شادي عبد السلام (فيسبوك)
+ الخط -

لم يدرك الوسط الثقافي والفني، ولا حتى الجمهور، حجم خسارة مبدع كشادي عبد السلام (1930 ــ 1986) إلا بعد مرور سنوات طويلة من رحيله. بل تفاجأ كثيرون بالإشادة الرائعة التي سجلها المخرج الأميركي الكبير مارتن سكورسيزي بحق عبد السلام، وفيلمه الساحر "المومياء".
بعد مرور سنوات، أدرك الجميع خسارة ذاك الفنان العظيم. ورغم التقييم النقدي الإيجابي لفيلمه الأخير "المومياء"، تجاهل كثيرون معاناة المخرج في إيجاد مصادر تمويل لفيلمه التالي "إخناتون". 
بدأ الجحود من وزارة الثقافة المصرية التي تعاملت مع المشروع باحتقار وتجاهل. وارتقى هذا الجحود ليصل إلى حد القتل المعنوي لذاك الفنان العظيم الذي كان يرى أن السينما ليست وسيلة ترفيه وتسلية فقط، بل هي مشروع متكامل للهوية الثقافية والحضارية لمصر.

تاريخ شادي قبل ضلوعه في الإخراج كان متنوعاً جداً، إذ عمل مصمِّم ديكور وملابس، ومنسق مناظر. فقد عمل مع جوزيف منيكيفتش في فيلم "كليوباترا" (1963)، وفيلم فرعون (1966) للبولندي يرزي كافاليرفيتش. وقد برع في عمله في هذين الفيلمين.

وعرف شادي عبد السلام كيف يتخطى كل العقبات التي واجهته في أعماله، منها مثلاً ندرة الآثار التي من المُفترض أن تعكس الملابس الإسلامية في فيلم "واإسلاماه" للمخرج الأميركي أندرو مارتن. هكذا اختار الاستعانة بالكتابات التركية والفارسية،  ككتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لإبن إياس. وقد مزج كل هذا الاطلاع مع لمساتة  الإبداعية لكي نرى تميزاً مبهراً.  

ورغم تميزه الواضح والنابغ والاستثنائي في تنسيق التصاميم والملابس... إلخ، ليأتي فيلمه الطويل الأول، المومياء، ويشكّل صدمة حضارية وفنية أثارت الكثير من الإعجاب والكثير من الغيرة.
على أية حال، رفض شادي كل أنواع الإنتاجات المشتركة لفيلمه "إخناتون" وأصرّ على أن يكون التمويل مصرياً خالصاً. 
مع الأسف، دفع شادي من فاتورة إخلاصه ووطنيته الكثير من المعاناة.  ولعل الأكثر حسرة وألماً، مرور السنوات من وجود أية مبادرة مصرية لإنتاج مشروعه الأبرز "إخناتون".
عام 1986 رحل شادي عبد السلام تاركاً  وراءه إرثه الفني الساحر، ومشروع فيلم جاهز  للتنفيذ، بنسخة سيناريو تشرح كل التفاصيل: من لقطات مُفترضة، إلى وصف تفصيلي للملابس، إلى تصور لأماكن التصوير  إلى آخره. حقاً فقدنا شادي الذي لم يعرفه أحد.

دلالات

المساهمون