رؤساء أميركيون تُشرِّحهم السينما: أيكون دونالد ترامب شخصية درامية؟

رؤساء أميركيون تُشرِّحهم السينما: أيكون دونالد ترامب شخصية درامية؟

22 يناير 2021
ستيفن سبيلبيرغ ودانيال داي لويس: حكاية لينكولن مع حقوق السود (كيفن وينتر/ Getty)
+ الخط -

 

يتوقّع السينمائي الأميركي آرون سوركين أنْ تشهد المرحلة المقبلة "تدفّقاً" في مشاريع، تتناول الرئيس الأميركي دونالد ترامب. في الوقت نفسه، هو غير عارفٍ مدى قدرة الفترة الرئاسية لترامب على أنْ توحي له كتابة عملٍ ما. لن يوضح أكثر من ذلك. يستعيد تقليد ألك بالدوين للرئيس السابق في برنامج Saturday Night Live. يُشير إلى أنّ تأدية ممثل لدور الرئيس ستكون "محاكاة ساخرة". يُقدِّر أنّ صنّاع أي عملٍ "سيُظهرونه بصُور أرشيفية" (عدد خاص من مجلة "لو بوان ـ POP" الفرنسية، عن المسلسلات التلفزيونية والسلطة، نوفمبر/ تشرين الثاني ـ ديسمبر/ كانون الأول 2020).

أياً تكن آلية الاشتغال التي ستُعتَمد في تنفيذ أي مشروعٍ عنه، سينمائي أو تلفزيوني، يُثير دونالد ترامب حشريةَ بحثٍ في الجوانب المختلفة لشخصيته، التي يُمكن جعلها كاريكاتورية بسهولة، رغم المخاطر الكثيرة التي أشعلها في العالم، جرّاء تصرّفات وأقوال. شكله مُغرٍ لكتابةِ شخصيةٍ، تُضحك لشدّة إيحائها بالغباء، رغم ما تكتنزه من تفكيرٍ، يفرض عليها اتّباع مسالك محدّدة.

هذا كلّه مرهون بالمُقبل من الأيام. تناوله نابعٌ من الارتباط الوثيق بين السينما الأميركية ورؤساء أميركيين عديدين، ومن كيفية اشتغال السينما عليهم، في إنتاجات روائية تحديداً. الوثائقيات تذهب، غالباً، إلى اتّجاهات منبثقة من وقائع وحقائق يُفترض بها أنْ تُقدّمها. هذا يحضر أيضاً في الروائيات. لكنّ التحايل الوثائقي يُرافق الوقائع والحقائق إما لتأكيدها أو لدحضها أو للتلاعب فيها، بينما الروائي يستند، في الكتابة أساساً، إلى وقائع وحقائق، ينفضّ عنها لاحقاً، لامتلاكه مساحة واسعة من حرية الاشتغال والتصرّف والتصوير، انتقاداً وسخرية وسجالات، اعتماداً على الصُور السينمائية.

للشخصيات العامة جماليات درامية، يتنبّه إليها مخرجون يمتلكون رؤية ومواقف وأفكاراً. يرون فيها منافذ سينمائية لقول أو تعبير لهم. يواجهون راهناً عبرها، أو يستعيدون تاريخاً وذاكرة ليكشفوا ملامح حاضرٍ وتفاصيله. ينبشون في شخصيات الماضي عمّا يُكمل تصوّراتهم وقراءاتهم ومعارفهم. يصنعون من الصُور متتالياتٍ تلغي كلّ حدٍّ بين ماضٍ وراهن.

 

 

الأمثلة كثيرة. مناضلون يواجهون سلطة في السابق، يُصبحون في سينما الراهن مرايا يختلط فيها الأمس باليوم، كما في "محاكمة شيكاغو 7" (2020) لسوركين نفسه، بمواربة سينمائية تنبش مخفيّاً في مرحلة حسّاسة من التاريخ الحديث لأميركا، والمواربة تُصيب رئيساً (دوايت دي. أيزنهاور) ومرشّحين للرئاسة (1968)، بينهم ريتشارد نيكسون. رؤساء يُشرَّحون سينمائياً لكشف بعض المبطّن في شخصياتهم وأحوالهم. أوليفر ستون بارعٌ في هذا، وأحد أبرز نتاجات براعته كامنٌ في "نيكسون" (1995)، من دون تناسي "دبليو" (2008)، عن جورج بوش الابن. اختيار الرئيس أبراهام لينكولن (دانيال داي ـ لويس) في "لينكولن" (2012)، لستيفن سبيلبيرغ، يُعيد قراءة لحظة تاريخية في سيرة أميركا والعنصرية وحقوق السود، ماضياً وحاضراً.

هذه متعة تصنعها سينما غير آبهة بحدود. لا محرّمات تحول دون ذهابها بعيداً في تعرية شخصيةٍ عامة. لا معوقات تُفرَض عليها فتلتزم قواعد محدّدة. متعة تُثيرها سينما متحرّرة وصائبة في اشتغالاتها الفنية، من دون مقدّسات تريد فرضها.

فهل تُنتج هذه السينما أفلاماً عن دونالد ترامب؟ إنْ تكن الإجابة "نعم": هل يردّ ترامب عليها؟ وإنْ يردّ، فما الذي سيقوله سياسيٌ مثله، مشهورٌ بلجوئه الدائم إلى التغريدات، قبل منعه من استخدامها؟

المساهمون