تردي أوضاع الصحافيين في الجزائر: سخط ووقفات احتجاجية

تردي أوضاع الصحافيين في الجزائر: سخط ووقفات احتجاجية

03 مايو 2021
احتجاجات الصحافيين في الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

تشهد أوضاع الصحافيين في الجزائر تردياً كبيراً على كل المستويات المهنية والمادية والاجتماعية، رغم تطلعات كبيرة بإمكانية حدوث تغيير في هذا المشهد.

وتفاءل الصحافيون عقب اندلاع الحراك الشعبي في البلاد، ووعود سياسية أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون، عشية وبعد انتخابه رئيساً للبلاد في ديسمبر/كانون الأول 2019.

لكن الأوضاع ازدادت تعقيداً، خاصة على صعيد الحريات الصحافية والمهنية، إذ لم تخلُ السنة الحالية من اعتقالات ومضايقات طاولت الصحافيين.  

ونظمت مجموعة من الصحافيين الجزائريين وقفة للتنديد بالأوضاع المزرية للصحافة والصحافيين في الجزائر، في ساحة حرية الصحافة، وسط العاصمة الجزائرية، شارك فيها صحافيون وكتاب ينتمون إلى صحف ومواقع ووسائل إعلام محلية.

ورفع الصحافيون لافتات كُتب عليها "في الجزائر الجديدة، تغطية مظاهرة تؤدي بك إلى السجن"، و"حرية الصحافة ليست امتيازاً وإنما حق أصلي"، كما رفعت صور الصحافي رابح كارش، القابع في سجن تمنراست، جنوبي البلاد، منذ أسبوعين. 

 وأعلنت مجموعة من الصحافيين والحقوقيين والمحامين، اليوم، عن تأسيس لجنة مساندة للصحافي كارش، الموقوف بسبب مقالات صحافية نشرها في جريدة "ليبرتي" التي يعمل مراسلاً لها من تمنراست.

ووجه القضاء لكارش تهمة "إنشاء وإدارة حساب إلكتروني مخصص لنشر معلومات وأخبار من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع"، و"الترويج العمدي لأخبار وأنباء كاذبة أو مغرضة بين الجمهور ليكون من شأنها المساس بالأمن والنظام العمومي"، و"العمل بأي وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن".

وكانت شرطة مكافحة الجرائم الإلكترونية بمدينة تمنراست قد استدعت الصحافي كارش، الأحد قبل الماضي، للتحقيق معه حول مقالات نشرها عن مظاهرات نظمها السكان في المدينة، قبل أن يقرر قاضي التحقيق وضعه في الحبس، ورفض القضاء، الخميس الماضي، إخلاء سبيله. 

ونشر المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، وهو من أبرز النقابات الصحافية في الجزائر، تقريراً تضمن انتقادات لأوضاع الصحافيين في الجزائر، موضحاً أن "رجال ونساء الصحافة في الجزائر يواجهون عقبات تزداد تعقيداً وتحط من العزيمة".

وقال التقرير إنه، رغم صخب الوعود المتوالية في خطاب إصلاحات ما بعد الحراك الشعبي، فإن الوضع انتهى بعد سنة ونصف من النشاط داخل قطاع الإعلام إلى خيبة أمل يشعر بها كل الصحافيين المحترفين، وأيضاً الآلاف من خريجي معاهد الصحافة، لما يلاقونه في ميدان العمل من حقائق صادمة ومؤلمة، حتى لا نكاد نجد ما نحتفل به اليوم". 

ويعرض التقرير استغلال الصحافيين والمراسلين من قبل مُلّاك المؤسسات الإعلامية، التلفزيونية منها والصحف المطبوعة والإلكترونية.

وذكر أن "70 في المئة من الصحافيين يؤدون ساعات عمل تصل إلى 10 ساعات في اليوم طيلة أيام الأسبوع، بمعدل وطني للرواتب لا يتجاوز 35 ألف دينار (262 دولاراً)". 

ويذهب التقرير إلى أنه وعلى "رغم انطلاق حديث مبكر عن إصلاحات واعدة لقطاع الصحافة والإعلام، وعقد لقاءات وورش حول الصحافة الإلكترونية، والحوار مع النقابات في قطاع الإعلام، لكن الأوضاع ازدادت سوءاً وتعقيداً".

ونسب التقرير هذا التدهور إلى ما وصفه "سوء إدارة الحوار مع الشركاء في قطاع الإعلام والتعويم وغياب الإصغاء الجيد والعمل الهادئ والمركز مع المختصين والفاعلين الحقيقيين في القطاع"، إضافة إلى "تنصل وزارة الاتصال من مسؤولياتها على المؤسسات الإعلامية في القطاع الخاص، ما جعل ناشرين يتغولون ويتحولون إلى إمبراطوريات فوق القانون". 

وانتقد التقرير "فتح مجال النشاط في قطاع الصحافة لمن هب ودب، ودون دفتر شروط معلوم يحمي المهنة من الانحراف عن آدابها وقواعد ممارستها، وغياب تام للعدالة الاجتماعية بين الصحافيين والعاملين في قطاع الصحافة".

وأكد أن "فئة قليلة مرموقة منتفعة من امتيازات كبيرة، وأغلبية ساحقة مقهورة بالضغوط وساعات العمل الزائدة وهزالة الأجور والتعويضات، وتشغيل المراسلين الصحافيين بدون أجور، ودون حقوق اجتماعية، وقيام قنوات تلفزيونية بفصل مراسلين أدوا سنوات طويلة من الخدمة معها، دون ما يبرر ذلك قانوناً، ودون تعويض وبطرق مهينة تمس بكرامة الإنسان". 

وطالب المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين السلطات بالتعجيل بإطلاق لقاءات تشاورية رسمية لتصحيح الاختلالات وتوجيه مسار الإصلاحات، ومناشدة رئيس الجمهورية التكفل بالقضايا الحقيقية الشاغلة للصحافيين، التي تقف عائقاً أمام تطور الإعلام الجزائري، وتشكيل لجنة رصد مركزية على مستوى وزارة الاتصال، تعمل مع الشريك الاجتماعي، على تلقي انشغالات الصحافيين والبت فيها وإصدار تقارير دورية. 

 

المساهمون