تجربة سجن ستانفورد

تجربة سجن ستانفورد

03 نوفمبر 2021
فيلم بول شورينغ يتناول نوازع العنف لدى البشر (Getty)
+ الخط -

"التجربة"، فيلم أميركي إنتاج 2010 من إخراج بول شورينغ Paul T. Scheuring وهو محاكاة لتجربة ستانفورد، لعالم النفس الأميركي فيليب زيمباردو Philip Zimbardo's  التي جمع لها 26 متطوعاً ليضعهم في سجن، مقسماً إياهم إلى ستة سجانين، وعشرين سجيناً، مقابل مبلغ 14 الف دولار لكل منهم.

ولكن لكي يحصلوا على هذه الدولارات، عليهم التزام قوانين وضعها عالم النفس لذلك، وخرق هذه القوانين يعني انتهاء التجربة، ويكون ذلك عبر اشتعال المصباح الأحمر المعلق في السجن.

من بين تلك القوانين عدم استخدام العنف الجسدي من قبل كل سجان. ولذلك يبدأ السجانون باتباع أساليب تشكل عقوبة للسجناء دون أن تندرج تحت مسمى العنف الجسدي، مثل إجبارهم على إجراء تمرين الضغط بداية كعقوبة جماعية.

بعد ذلك، يرفض المساجين تنفيذ أمر ما، ويحدث ما يشبه الانتفاضة، وينسحب على إثرها الحراس الذين يبدأون بالبحث عن طريقة للسيطرة على المساجين، فيقررون اختطاف السجين ترافيس رقم 77، وتعريضه للإذلال بدلاً من تعذيبه جسدياً، فيكبلونه ويحلقون شعره الطويل، ثم يطرحونه أرضاً، ويتبولون عليه.

الأرشيف
التحديثات الحية

ولأن الضوء الأحمر لا يعمل، يعتبر السجانون ذلك علامة رضىً عن سلوكهم، ما يدفع بعضهم إلى التمادي والتغول، فيجرّ أحد الشرطة سجيناً من زنزانته إلى القبو، ويحاول إجباره على ممارسة الجنس، ثم يعذب الجميع "ترافيس" بشكل قذر من أجل الاعتراف بواقعه كسجين، ولكنه يرفض ذلك، ويشتمهم.

يستمر صموده أمام عدة محاولات، ثم يذعن أخيراً، وينفذ لهم طلبهم بالاعتراف بوضعه كسجين، وليس مجرد شخص يخضع لتجربة.

أحد رجال الشرطة، واسمه "بوش" يتعاطف مع سجين يعاني من ارتفاع السكر، ويحتاج إلى الإنسولين. يحاول أن يحضره من حقيبته، ولكن يُكتشَف أمره ويُعذَّب ويُزَجّ مع بقية السجناء.

ومرة أخرى يحاول السجناء التمرد، فيلجأ السجانون إلى ممارسة العنف الجسدي وأبشع أنواع التعذيب، في تلك الزنزانة التي تشبه القبر التي زُجَّ ترافيس السجين رقم 77 فيها، وعُزل السجناء عن بعضهم.

ورغم خرقهم للقوانين بهذه الطريقة، إلا أن المصباح الأحمر لا يعمل. وتستمر اللعبة ويرتفع مستوى القمع، ما يؤدي إلى ثورة في أوساط السجناء يقودها السجين ترافس رقم 77، وتجري اشتباكات حامية يسيطر فيها السجناء على السجانين، وعندها فقط يضاء المصباح الأحمر وتنتهي التجربة ويخرج الجميع إلى الحرية.

الفيلم لا يلتزم كلياً تجربة زيمباردو، سواء في عدد المساجين والسجانين، أو في نسبتهم إلى بعض، ولا يلتزم كذلك تطور تجربة زيمباردو التي ينهيها احتجاج الباحثة كريستينا ماسلاتش على التجربة.

التجربة رغم عدم أخلاقيتها، فإنها تكشف إلى حد بعيد سلوك البشر في ظروف محددة. فمن لعب دور السجان تقمص الدور، رغم أنه لم يكن مرغماً على ذلك. استخدم العنف ضد من اعتبرهم سجناء عنده، لا بل ظهرت عند الكثيرين منهم ميول سادية.

ورأينا في الفيلم أيضاً أن الذين لعبوا أدوار المساجين أبدى قسم منهم إذعاناً غير مبرر، خشية أن تفشل التجربة ويفقد المبلغ الذي يريده لقاء التجربة.

وبالنسبة إلى السجانين، فإن ذلك يحصل في الواقع عملياً، حيث يمكن أن يكون الشخص ذا قلب رحيم، ولكنه عندما يتفاعل مع ظرف السجن ويتقمص الدور يفقد أي تعاطف مع السجناء، ولا يتوانى عن إلحاق الأذى بهم، دون أن يرفّ له جفن. هذا ما يعرفه كل من اختبر السجن يوماً في شرقنا على الأقل.

يذكر أن فيلم "التجربة" هو تقريباً إعادة للفيلم الألماني الذي يحمل العنوان نفسه، والذي أُنتِج عام 2001 من إخراج أوليفر هيرشبيغل والمقتبس من تجربة سجن ستانفورد كذلك.  

المساهمون