الفنان المعارض كايسي وونغ: هونغ كونغ ستبقى في قلبي

الفنان المعارض كايسي وونغ: هونغ كونغ ستبقى في قلبي

19 اغسطس 2021
من بين التذكارات التي حملها في حقائبه العدد الأخير من صحيفة "آبل ديلي" (سام يه/ فرانس برس)
+ الخط -

عاش الفنان المنشق كايسي وونغ، المنحدر من هونغ كونغ، لحظات من الجزع لدى انتقاله إلى المنفى في تايوان الشهر الماضي، هرباً من قمع السلطات الصينية، في ظل توقه للحصول على "حرية تعبير فني كاملة". عندما دقق مسؤولو الهجرة في الوثائق الثبوتية للركاب المتوجهين إلى الجزيرة الديمقراطية، حاول الفنان البالغ 51 عاماً إظهار ارتياح زائف كي لا يلفت الأنظار.

وكان كايسي وونغ من أشهر فناني هونغ كونغ، وهو معروف خصوصاً بأعماله التي تنتقد القادة السياسيين وتشديد بكين قبضتها على المستعمرة البريطانية السابقة. لكن في مواجهة حملة القمع الصينية لكل أشكال المعارضة في هونغ كونغ، قرر كايسي وونغ الذهاب إلى المنفى. وحتى اللحظة الأخيرة، بقي يتساءل ما إذا كانت السلطات ستسمح له بتنفيذ مشروعه، إذ سبق لبكين أن قبضت على معارضين كثر لدى محاولتهم الفرار من المطار. وارتعد عندما رأى مزيداً من عناصر شرطة الهجرة يصلون فور توجيه النداء بشأن انطلاق رحلته.

يقول: "على بعد عشرين خطوة من الباب، انتشروا كما لو كانوا يلعبون كرة القدم الأميركية لمراقبة الركاب المتجهين إلى الطائرة"، مضيفاً: "كان الأمر مخيفاً على الصعيد العاطفي". وللإعلان عن هروبه، نشر وونغ مقطع فيديو بالأبيض والأسود على "فيسبوك"، يؤدي فيه أغنية حزينة للفنانة الإنكليزية الراحلة فيرا لين، عنوانها "ويل ميت أغاين" (سنلتقي مرة أخرى). وأحدث انتقاله إلى المنفى تفاعلاً كبيراً في المدينة التي غادرها نحو 90 ألف نسمة من أصل 7.5 ملايين نسمة، العام الماضي.

ويوضح الفنان المنشق، بعد وصوله إلى مدينة تاي شانغ التايوانية: "غادرت لأنني أتوق إلى حرية تعبير فني كاملة". وقد استغل فترة الحجر الصحي عند وصوله إلى الجزيرة لتصوير فيديو الوداع. ويقول: "أعتقد أن الأمر الأهم هو أنه من خلال مجيئي إلى هنا يمكنني الاستمرار في الدفاع عن معتقداتي وممارسة فني، أعتقد أنه لم يكن بإمكاني الاستمرار في القيام بذلك في هونغ كونغ".

ولطالما كان يُنظر إلى هونغ كونغ على أنها معقل لحرية التعبير داخل الصين. لكن الأمور تغيرت بشكل كبير خلال العام الماضي، إذ تعزز السلطات المركزية في بكين قبضتها على هذا المركز المالي، بعد عامين من احتجاج شعبي هائل عام 2019. ويشكل قانون الأمن القومي الصارم الذي فرضته بكين على هونغ كونغ الصيف الماضي، أحد الأدوات الرئيسية المستخدمة لاستئصال أي معارضة.

ولم يكن الفنان الذي درس في الولايات المتحدة، ويُعرف بأعماله البصرية المعاصرة والملتزمة سياسياً، يظهر أي ميول "قومية". عام 2018، عزف النشيد الوطني الصيني على آلة الأكورديون، داخل قفص معدني أحمر. وبات مثل هذا العرض الفني يصنَّف انتهاكاً لقانون الأمن القومي الذي يحظر أي "إهانة" للعلم أو النشيد الوطني الصيني.

في بادئ الأمر، كان وونغ مصمماً على البقاء في هونغ كونغ والاستمرار في نشاطه من دون تخطي الخطوط الحمر. لكنّ اعتقال نحو خمسين شخصية معارضة في الأشهر الأخيرة جعله يدرك ضرورة الذهاب إلى المنفى.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

يعلق: "كنت أشعر بأنني لن أغادر هونغ كونغ إطلاقاً، لكن في الوقت نفسه، عبر رؤية ما كان يحدث يومياً تقريباً، تبين لي أنه حان وقت المغادرة". ويضيف "لن أعود إلى هونغ كونغ بعد الآن. لهذا السبب، عندما يسألني الناس: لماذا أنت هنا؟ أقول لهم إنني منفي ذاتياً".

ومن بين التذكارات التي حملها في حقائبه، العدد الأخير من صحيفة هونغ كونغ المعارضة "آبل ديلي" التي اضطرت للتوقف عن الصدور، والأكورديون الذي عزف عليه خلال أدائه النشيد الوطني عام 2018.

ويبدي الفنان قلقه من أن تختفي كل أشكال التعبير الفني النقدي بشكل دائم في هونغ كونغ، معرباً عن خوفه من أن السلطات "ستمضي قدماً في التصدي لكل شيء تعتبره مشكوكاً فيه سياسياً". كذلك، يعد بمواصلة "الدفاع عن الحرية في هونغ كونغ"، داعياً أولئك الذين فروا إلى الخارج لأن يحذوا حذوه. ويقول: "من الآن فصاعداً، ستبقى هونغ كونغ في قلبي، لأنّ هونغ كونغ كما أعرفها لم تعد موجودة".

(فرانس برس)

المساهمون