العدوان الإسرائيلي في الصحف الأميركية: كلّ هذا الانحياز

العدوان الإسرائيلي في الصحف الأميركية: كلّ هذا الانحياز

11 يناير 2024
قتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة (الأناضول)
+ الخط -

وفقاً لتحليل جديدٍ لموقع ذي إنترسبت الإخباري نُشر الثلاثاء، فقد أظهرت تغطية العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجليس تايمز، تحيزاً ثابتاً ضد الفلسطينيين. ولم تُعِر وسائل الإعلام التي تؤدي دوراً مؤثراً في تشكيل وجهات نظر الأميركيين حول العدوان الإسرائيلي على غزّة سوى القليل من الاهتمام للتأثير غير المسبوق للحصار وحملة القصف الإسرائيلية على الأطفال والصحافيين.
وأظهر تحليل "ذي إنترسبت" أن الصحف الأميركية قد ركزّت على نحو غير متناسبٍ على الوفيات الإسرائيلية في الحرب، واستخدمت لغة مشحونة عاطفياً في وصفها لمقتل الإسرائيليين، دوناً عن الفلسطينيين، وقدمت تغطية غير متوازنة للممارسات المعادية للسامية في الولايات المتحدة الأميركية، وتجاهلت في الوقت نفسه، الممارسات العنصرية المعادية للمسلمين في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وقد عقد الموقع الإخباري تحليلاً مفتوح المصدر للأسابيع الستة الأولى من العدوان الإسرائيلي ابتداءً من عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس في السابع من أكتوبر، وحتى 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بداية "الهدنة الإنسانية" التي استمرت أسبوعاً، والتي اتفق عليها الطرفان لتسهيل عملية تبادل المحتجزين. وقتلت إسرائيل خلال هذه الفترة 14800 فلسطينياً، منهم أكثر من 6 آلاف طفل. وقد تخطى الآن عدد الشهداء الفلسطينيين الـ23 ألف.
جمع "ذي إنترسبت" عينةً من 1100 مقال من صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجليس تايمز، حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وحصر توظيف بعض المصطلحات والتعبير الرئيسة وسياق استخدامها. وكشفت الإحصائيات عن اختلال كبير في طريقة تغطيتها للإسرائيليين والشخصيات المؤيدة لإسرائيل في مقابل الأصوات الفلسطينية والمؤيدة للفلسطينيين، كما أكّد أن هذه الصحف فضّلت الروايات الإسرائيلية على الروايات الفلسطينية.
ترسم تغطية الأسابيع الستة الأولى من الحرب صورة قاتمة عن الجانب الفلسطيني، وفقاً للتحليل، وهي صورة تجعل إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين، وبالتالي إثارة تعاطف الولايات المتحدة، أكثر صعوبة. ولجمع البيانات عمد الصحافيون في "ذي إنترسبت" للبحث في المقالات التي تحتوي على كلمات ذات صلة (مثل فلسطيني، وغزي، وإسرائيلي، وإلخ)، في المواقع الإخبارية التابعة للصحف الثلاث، ثم حلَّلوا تلك الجمل والمصطلحات، وقادهم التحليل إلى 4 نتائج أساسية.

1: تغطية غير متناسبة للوفيات

تظهر كلمتا "إسرائيلي" أو "إسرائيل" في صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجليس تايمز، أكثر من كلمة "فلسطيني" أو أي من تحويراتها، وحتى مع تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين عدد القتلى الإسرائيليين بكثير. ويُذكر الفلسطيني مرّة مقابل ارتقاء كل شهيديْن، في حين يُذكر الإسرائيلي ثماني مرّات مقابل كل قَتيل، أي بمعدل 16 مرة أكثر من الفلسطيني.

2: استخدام كلمة "مذبحة/مجزرة" مع الإسرائيليين فقط

خُصص استخدام المصطلحات العاطفية لقتل المدنيين مثل "المذبحة" و"المجزرة" و"المروّعة" تخصيصاً شبه حصري للإسرائيليين الذين قُتلوا على يد المقاومين الفلسطينيين، وليس العكس. استخدمَ المحررون والمراسلون مصطلح "المذبحة" لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 60 إلى 1، واُستخدمَ مصطلح "المجزرة" لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 125 إلى 2. واستخدم وصف "المروّع" لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 36 إلى 4.

جمع "ذي إنترسبت" عينةً من 1100 مقال من صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجليس تايمز

وأشار التحليل إلى أحد العناوين الرئيسة النموذجية لصحيفة نيويورك تايمز، والذي نُشر في منتصف نوفمبر حول عملية طوفان الأقصى: "آووا إلى ملجأ مُحصّن بحثًا عن الأمان، لكنهم قُتلوا فيه". وقارنت المجلة هذا العنوان بأكثر عناوين "نيويورك تايمز" تعاطفاً مع الفلسطينيين، والذي نُشر في 18 نوفمبر: "الحرب تحوّل غزّة إلى (مقبرة) للأطفال". توجد علامة الاقتباس حول كلمة "المقبرة" لأنها نُقلت عن الأمم المتحدة، ويُذكر فعل القتل بصيغة المبني للمجهول. لا تستخدم الصحيفة في قصتها حول الشهداء في غزّة أي مصطلحات عاطفية يمكن مقارنتها بتلك الواردة في قصتها حول "طوفان الأقصى".
استخدمت صحيفة واشنطن بوست كلمة "مجزرة" عدة مرات في تقاريرها لوصف أحداث السابع من أكتوبر. يذكر أحد التقارير الصادرة عن الصحيفة: "يواجه الرئيس بايدن ضغوطاً متزايدة من المشرعين في كلا الحزبين لمعاقبة إيران بعد المجزرة التي ارتكبتها حماس". وفي قصتها التي نشرتها في 13 نوفمبر حول كيف أدى الحصار والقصف الإسرائيلي إلى مقتل 1 من كل 200 فلسطيني، لم تستخدم كلمة "مجزرة" أو "مذبحة"، ولا حتى مرة واحدة. "يموت" الفلسطينيون ببساطة، أو "يُقتلون" غالباً بصيغة المبني للمجهول.

3: الأطفالُ والصحافيون

من أصل 1100 مقال إخباري ضمن عينة التحليل، أشار "ذي إنترسبت" إلى أن عنوانين فقط يذكران كلمة "أطفال" في الحديث عن أطفال غزة. ونشرت "نيويورك تايمز"، في استثناءٍ ملحوظ، على صفحتها الأولى أواخر نوفمبر حول الوتيرة التاريخية لقتل النساء والأطفال الفلسطينيين، على الرغم من أن العنوان الرئيس لم يبرز أيًا من المجموعتين (الفلسطينيين أو الإسرائيليين). وعلى الرغم من أن حرب إسرائيل على غزة لربما تكون الأكثر دموية بالنسبة للأطفال في التاريخ الحديث، فلا ذكر لكلمة "أطفال" والمصطلحات ذات الصلة في عناوين المقالات التي استطلعها الموقع. 
كما يُشار إلى الشباب الإسرائيليين على أنهم أطفال، بينما يُشار إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم "تحت سن 18 عاماً". وظهرَ هذا التجاهل للأطفال الفلسطينيين بوضوح خلال المفاوضات حول تبادل الأسرى، إذ أشارت "نيويورك تايمز" في إحدى المقالات إلى تبادل "النساء والأطفال الإسرائيليين" بـ"النساء والقُصَّر الفلسطينيين". وأورد التحليل أن الأطفال الفلسطينيين قد أُشيرَ إليهم في المقالة نفسها باسم "الأطفال"، ولكنه كان في سياق تلخيص النتائج التي توصلت إليها مجموعات حقوق الإنسان.

عنوانان فقط يذكران كلمة "أطفال" في الحديث عن أطفال غزة

وأفاد "ذي إنترسبت" بأن تقرير "واشنطن بوست"، المنشور في 21 نوفمبر للإعلان عن الهدنة، لم يأتِ على ذكر النساء والأطفال الفلسطينيين على الإطلاق: "قال الرئيس بايدن في بيان ليلة الثلاثاء إن اتفاقاً أبرم لإطلاق سراح 50 امرأة وطفلاً تحتجزهم حماس كرهائن في غزة، مقابل 150 سجيناً فلسطينياً تحتجزهم إسرائيل".
كما تُعدّ الحرب على قطاع غزّة واحدة من أكبر الحروب دموية في التاريخ الحديث بالنسبة للصحافيين، فإن ذكر كلمة "الصحافيين" و"المراسلين" و"المصورين الصحافيين" تظهر فقط في تسعة عناوين رئيسة من بين أكثر من 1100 مقالة. استشهد نحو 48 صحافياً فلسطينياً بسبب القصف الإسرائيلي حتى الهدنة. واليوم، تجاوز عدد الشهداء من الصحافيين الفلسطينيين 100 صحافي. 4 مقالات من أصل 9 مقالات احتوت كلمتي "صحافي/مراسل" كانت عن الصحافيين الفلسطينيين.

4: الكراهية في الولايات المتحدة

على هامش العدوان الإسرائيلي على غزة، أولت الصحف الكبرى اهتماماً أكبر للهجمات المعادية للسامية مقارنة بالهجمات ضد المسلمين. وقد ظهر تركيزٌ غير متناسب على العنصرية تجاه اليهود، مقابل العنصرية التي تستهدف المسلمين أو العرب أو ممّن ينحون نحوهم. وضمن المقالات في الفترة التي درسها "ذي إنترسبت"، ذكرت "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجليس تايمز" معاداة السامية أكثر من كراهية الإسلام بنسبة 549 مقابل 79، وكان هذا قبل الجدل الكبير حول "معاداة السامية في الحرم الجامعي" الذي ابتدعه الجمهوريون في الكونغرس مع بداية أسبوع 5 ديسمبر.
وعلى الرغم من وجود العديد من الأمثلة البارزة على معاداة السامية والعنصرية المعادية للمسلمين خلال فترة الاستطلاع، فإن 87% من الإشارات إلى التمييز كانت حول معاداة السامية، مقابل 13% حول كراهية الإسلام، بما في ذلك المصطلحات ذات الصلة. 
 

المساهمون