الشرطة الروسية تدهم منازل صحافيين استقصائيين

الشرطة الروسية تدهم منازل صحافيين استقصائيين

29 يونيو 2021
تتصاعد الضغوط على المنصات الإعلامية المستقلة في روسيا (ألكسندر نيمينوف/فرانس برس)
+ الخط -

دهمت السلطات الروسية، صباح اليوم الثلاثاء، شقق عدد من الصحافيين الاستقصائيين وأفراد من عائلاتهم، في خطوة تأتي وسط تصاعد الضغوطات على المنصات الإعلامية المستقلة.

فتشت الشرطة الروسية شقتي رئيس تحرير الموقع الإلكتروني الاستقصائي "برويكت" رومان بادانين وواحدة من الصحافيات فيه ماريا زولوبوفا. كذلك دهم عناصر الشرطة منزل والدي ميكيل روبين، وهو نائب بادانين. اعتقل روبين بالقرب من المبنى حيث تسكن زولوبوفا، ونقل إلى شقة والديه.

أشار "برويكت" عبر حسابه على منصة "تيليغرام" إلى أن المداهمات تمت بعدما وعد بنشر تحقيق حول وزير الداخلية الروسي، فلاديمير كولوكولتسيف، وثروته المزعومة. ونشر "برويكت" التحقيق بعد وقت قصير من بدء عمليات البحث.

أفاد "برويكت" لاحقاً بأن عملتي مداهمة من أصل 3 على الأقل مرتبطتان بقضية تشهير بشأن فيلم وثائقي عام 2017 عمل عليه بادانين وزولوبوفا، حول رجل أعمال من سانت بطرسبرغ له صلات مزعومة بالجريمة المنظمة. لكن لم يتضح سبب استهداف الشرطة لروبين.

ومعظم وسائل الإعلام الروسية ربطت إجراءات الأمن بالفيلم الاستقصائي الذي أعلن الموقع أنه سيعرضه صباح اليوم، ويتطرق إلى جمع وزير الداخلية الروسي ثروات كبيرة، وتسجيله منازل فخمة وسيارات فارهة باسم أقارب زوجته، وتزوير في بياناته الضريبة حول مكان إقامته، إضافة إلى شبهات بعلاقات للوزير مع بعض رموز الجريمة المنظمة في روسيا في تسعينيات القرن الماضي.

عرض " برويكت" صباح اليوم فيلماً استقصائياً عنوانه "ماذا يخفي وزير الداخلية؟"، مشيراً إلى أنه قرّر المضي في نشر الفيلم رغم المضايقات الأمنية ودهم قوات الأمن شقق الصحافيين، بعد ساعات على نشر مقاطع من التحقيق.

يعرض الفيلم الذي حظي في غضون ثلاث ساعات بأكثر من 110 آلاف مشاهدة على موقع "يوتيوب" وثائق وصوراً قال إنها تعود إلى منازل فاخرة يملكها وزير الداخلية ومسجلة باسم عائلة زوجته وأصدقاء لهم في حي "روبلوفكا" الراقي شمال غرب موسكو حيث توجد فيلات ومنازل كبار رجال الدولة، ومن ضمنهم الرئيس فلاديمير بوتين، وكبار رجال الأعمال.

وبحسب مراسلة "برويكت"، فإن الكشف الضريبي للوزير يشير إلى أنه لا يملك سوى شقة صغيرة مساحتها قرابة 40 متراً مربعاً في " جولييبنا" إحدى الضواحي الفقيرة جنوب شرق موسكو. وعرض الفيلم المراسلة زولوبوفا وهي تدخل إلى المبنى حيث تقع الشقة وتأكيد السكان لها أن الوزير لا يسكن في المكان منذ أكثر من 20 عاماً. وكشف التحقيق المصور أن نجل الوزير ألكسندر البالغ من العمر 32 عاماً يملك قصراً ضخماً في منطقة أخرى في موسكو إضافة إلى شقة جنوب العاصمة ثمنها نحو 50 مليون روبل.

قدّر الفيلم العقارات المعروفة المملوكة للوزير بنحو 1.8 مليار روبل (الدولار يساوي 73 روبلاً تقريباً). كما أشار إلى أن الوزير سجل سيارات فاخرة، منها سيارتا "بورش"، باسم شقيقة زوجته.

وذكر الموقع أن وزارة الداخلية الروسية رفضت الإجابة عن أسئلة المراسلة بخصوص صحة المعلومات ومصدر ثروات ابن الوزير "البالغ الذي يملك عملاً خاصاً ناجحاً".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

 

لا يقتصر الفيلم على عرض أملاك الوزير، لكنه يشير إلى علاقات مشبوهة مع رموز في المافيا الروسية في حقبة التسعينيات، وعلاقات شراكة لنجله مع "الأخوين تشورني" اللذين هاجرا إلى الكيان الصهيوني نهاية التسعينيات، وكانا من أهم رؤوس المافيا المعروفين في تلك الفترة.

وفي إشارة إلى أن المستهدف هو وقف عرض الفيلم الجديد وليس أي قضايا قديمة، ذكر "برويكت" أنه مصرّ على عرض الفيلم رغم الضغوط، وأوضح الموقع أن رئيس التحرير بادانين والمراسلة زولوبوفا شاركا في سلسلة أفلام استقصائية عنوانها "البطرسبورغيون"، مشدداً على أن نائب رئيس التحرير ليست له علاقة إطلاقاً بإعداد الفيلم المذكور.

معلوم أن "برويكت" أعدّ بمساعدة قناة "دوجد" سلسلة الأفلام الوثائقية المذكورة، وأن أحدها حمل عنوان "البطرسبورغيون الأب والابن"، وتطرق إلى حياة رجل الأعمال إيليا ترابورا وعلاقاته مع بوتين، وصدر في 2017. رفع ترابورا قضية ضد الموقع والقناة في 2018 بتهمة القدح والذم.

وحسب الفيلم، فإن ترابورا، المعروف بأنه رجل أعمال في مجال التحف القديمة في سانت بطرسبورغ في تسعينيات القرن الماضي، كان من زعماء المافيا الروسية في تلك الحقبة. ويذكر الفيلم أنه "الوحيد من زعماء المافيا الأحياء الذي أقر فلاديمير بوتين بأنه يعرفه"، وأنه الوحيد من زعماء المافيا الذي أقر بوتين بوجود علاقة معه.

وليست هذه المرة الأولى التي يتعرّض فيها "برويكت" لمضايقات وضغوط، إذ توجه بادانين بشكوى للجنة التحقيق في إبريل/ نيسان من العام الماضي، لأنه لمس وجود مؤشرات لتتبع تحركاته وملاحقته، ومحاولة اختراق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، واختراق بريده الإلكتروني والأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها. وتعرض الموقع في ربيع العام الحالي لهجمات قراصنة بعد عرضه فيلماً استقصائياً حول زوجات الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف عنوانه "أسرار زوجات قاديروف".

والسنة الماضية أعلن "برويكت" في فيلم استقصائي أن بوتين لديه ابنة ثالثة، وذكر اسمها، لكنه لم ينشر صوراً لها، واكتفى بنشر صور لوالدتها سفيتلانا كريغونوغيخ التي تحولت من موظفة عادية إلى سيدة أعمال تملك أسهماً في بنك "روسيا" الذي يرأس مجلس إدارته أصدقاء للرئيس الروسي، إضافة إلى شقق سكنية ومنازل فاخرة بالقرب من كبار رجال الأعمال وأصدقاء بوتين في مدينة سانت بطرسبورغ.

دلالات

المساهمون