الثقوب السوداء: أفق الحدث

الثقوب السوداء: أفق الحدث

09 أكتوبر 2020
روجر بنروز أسس لنظرية ورياضية حسمت الجدل حول وجود الثقوب السوداء (Getty)
+ الخط -

الثقوب السوداء مناطق في الفضاء ذات جاذبية عالية لا يمكن لأي شيء أن يفلت منها. هي غامضة وغير مرئية، يستدل العلماء عليها من خلال دراسة تأثيرها في الأجسام والغازات القريبة منها، أو انحناء الضوء القريب من المنطقة المحيطة بها.

نوبل للفيزياء هذا العام، كانت من نصيب علماء قدموا إنجازات مهمة لفهم الثقوب السوداء، ومنها اكتشاف ثقب أسود فائق الكتلة والكثافة في مركز مجرتنا. ولأن الرياضيات التي تصف الثقوب السوداء بالغة التعقيد، تطلب فهمها سنوات طويلة وجهود العديد من العلماء منهم الإنكليزي روجر بنروز، الذي حصل على نصف الجائزة هذا العام، عن إنجازات قدمها قبل أكثر من نصف قرن.

وضع روجر أسساً نظرية ورياضية حسمت إلى حد كبير الجدل الدائر آنذاك حول وجود الثقوب السوداء، وأثبت أن "الثقوب السوداء هي نتيجة مباشرة لنظرية النسبية العامة لآينشتاين". وتعتبر المقالة العلمية التي نشرها بنروز في يناير/كانون الثاني من عام 1965، بحسب وصف الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، "أهم إسهام في النظرية النسبية العامة منذ آينشتاين". مرّت شخصية روجر بنروز سريعًا في فيلم "نظرية كل شيء" (The Theory of Everything) الذي تدور أحداثه حول محطات اجتماعية في حياة الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ.

في الفيلم، نرى ستيفن هوكينغ -يلعب دوره الممثل إيدي ريدماين- يتأثر بمحاضرة عن الثقوب السوداء يلقيها بنروز، الذي يلعب دوره الممثل كريستيان مكاي.

النصف الآخر من الجائزة ذهب مناصفةً بين اثنين من علماء الفلك، وهما الألماني راينهارد غينزل (68 عاماً) من معهد ماكس بلانك لفيزياء خارج الأرض، والأميركية أندريا غيز (55 عاماً) من جامعة كاليفورنيا، في لوس أنجليس، والتي تصبح بذلك رابع امرأة تنال جائزة نوبل للفيزياء.

توصل غينزل وغيز إلى استنتاج وجود ثقب أسود كبير جدًا في وسط مجرتنا درب التبانة. جاء الاكتشاف نتيجة سلسلة من الأبحاث التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي. تتبع خلالها العالمان حركة النجوم عند منطقة في مركز المجرة. بدت النجوم تدور حول جسم غير مرئي يُفسر بحسب ما هو متاح من معرفة حاليًا على أنه ثقب أسود عملاق.

تطلّب إنجاز العالمين عملًا طويلًا ومعقدًا، استخدما خلاله أضخم التلسكوبات في العالم، إضافة إلى تقنيات ومعدات خاصة.

التُقطت في أبريل/نيسان من العام الماضي أول صورة مباشرة لثقب أسود في مجرة بعيدة، أظهرت الصورة حدود الثقب الأسود أو ما يسمى بـ "أفق الحدث"

التُقطت في أبريل/نيسان من العام الماضي أول صورة مباشرة لثقب أسود في مجرة بعيدة، أظهرت الصورة حدود الثقب الأسود أو ما يسمى بـ "أفق الحدث"، وهو المنطقة المحيطة بالثقب الأسود، والتي يختفي بعدها كل شيء إلى الأبد في داخله، بما في ذلك الضوء، لذا لا يمكن رؤية الثقب الأسود.

بحسب نظرية النسبية العامة، فإن الجاذبية ليست قوة، وإنما هي نتيجة لانحناءات في نسيج المكان والزمان تحدثها الكتل الضخمة والطاقة. تحدد هذه الانحناءات حركة الأجسام الأقل كتلة التي "تعلق" بها وتدور بحسبها. يمكن للثقب الأسود أن يتكون عند أفول نجم ضخم تنضغط كتلته في مساحة صغيرة، كلما كان هذا النجم أكبر كانت كثافته أعلى، وبالتالي جاذبيته أعلى.

قالت الأكاديمية الملكية إن اكتشافات الحائزين على جائزة هذا العام فتحت آفاقًا جديدة للدراسة، لكن لا تزال هناك العديد من الأسئلة حول الثقوب السوداء التي تتطلب الإجابة عنها المزيد من البحث في المستقبل. أولف دانيلسون، عضو لجنة نوبل، قال خلال مقابلة أجريت معه بعد الإعلان عن الحائزين على الجائزة، إن كل الملاحظات العلمية التي توصل إليها العلماء تتوافق مع توقعات النظرية النسبية العامة.

 يقول: "لهذا السبب يستمر (العلماء) في الرصد والقياس.. فقد يكون هناك شيء آخر، شيء مختلف يمكننا اكتشافه.. نحن نعرف أن (الثقوب السوداء) موجودة، لكننا لسنا واثقين تماما من حقيقة خصائصها، قد يكون هناك فيزياء جديدة.. قد تكون هناك مفاجآت أخرى".

المساهمون