الإمارات تمنح رخص تصوير أفلام أجنبية في سقطرى

الإمارات تمنح رخص تصوير أفلام أجنبية في سقطرى

02 يوليو 2021
احتجاج في تعز على النفوذ الإماراتي في سقطرى العام الماضي (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

باتت الإمارات العربية المتحدة أخيراً تستغل الموقع الاستثنائي لأرخبيل سقطرى الذي تسيطر عليه، والمدرج على لائحة "منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة" (يونسكو)، لتمنح منتجين أجانب تصاريح تخوّلهم الدخول إلى المحافظة وإتمام أعمالهم، من دون أي رجوع إلى السلطات اليمنية.

كشف مسؤول في السلطة المحلية في سقطرى، لـ "العربي الجديد"، أن شركة هوليوودية صورت في المحافظة اليمنية الواقعة في قلب المحيط الهندي مشاهد من أحد أفلامها السينمائية التي تنتجها خلال الفترة الماضية، من دون معرفة أو علم للسلطات الحكومية اليمنية، ممثلة في وزارة الإعلام والثقافة والسياحة، في الحكومة الشرعية المخولة بمثل هكذا شؤون، وفقاً للقوانين واللوائح المعمول بها في الجمهورية اليمنية، حول ما يخص الإنتاج الإعلامي والسينمائي الأجنبي في البلاد.

وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه إن منتجي الفيلم لم يحصلوا على تصريح أو إذن من وزارة الإعلام اليمنية ولا حتى من السلطات الشرعية، وإنما من الإمارات العربية المتحدة التي أعطتهم تصريحاً وإذناً لتسجيل وتصوير المشاهد، نهاية العام الماضي. وأضاف أن الأمر تم بحماية إماراتية من دون أي اعتبار لسيادة اليمن، سواء منها أو من الشركة المنتجة. لافتاً إلى أن أبوظبي أصبحت تخنق مواطني سقطرى بنفوذها وسيطرتها، وحولت الجزيرة إلى قبلة للزوار الأجانب القادمين من أراضيها عبر طائراتها وسفنها التي لا تتوقف طوال اليوم، من دون أي إجراءات يمنية لدخول وخروج هؤلاء.

تواصلت "العربي الجديد" مع مصادر في الولايات المتحدة الأميركية واليمن، وتمكنت من الحصول على اسم الفيلم والمنتجين وسنة الإطلاق. وتأكدت "العربي الجديد" أن الفيلم الذي صورت مشاهد منه في جزيرة سقطرى هو "جوراسيك: وورلد دومينيون" Jurassic World: Dominion الذي بدأ التخطيط له منذ عام 2014. بدأ تصوير الفيلم العام الماضي، وفي مارس/آذار 2020 توقف الإنتاج بسبب ظروف جائحة "كوفيد-19"، ليُستأنف في يوليو/تموز من العام نفسه. ومن المقرر طرحه في دور السينما في يونيو/حزيران من العام المقبل، وهو من إنتاج شركة "أمبلين إنترتينمنت".

وأكد مصدر في وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية، لـ "العربي الجديد"، أنهم لم يتلقوا طلباً من منتجين سينمائيين أميركيين خلال السنتين الماضيتين، لتصوير مشاهد أفلام، كما لم يتم التواصل معهم من قبل صنّاع الفيلم السينمائي الذي يجري الحديث عن تصويره أخيراً في جزيرة سقطرى، معتبراً أن هذا الأمر يعد "تطوراً خطيراً"، محملاً المسؤولية لحكومة أبوظبي كما للمنتجين الهوليووديين، مشدداً على أن المسألة "لن تمر مرور الكرام"، فـ"لا يمكن أن يؤخذ إذن تصريح دخول أراضي دولة معينة من خلال دولة أخرى".

وذكرت مصادر خاصة ورفيعة في الحكومة اليمنية، في تعليق لها، أنهم باتوا يدركون خطورة الخطوات الإماراتية في ما يخص سقطرى، والتي تجاوزت حد المنطق، في محاولة منها لتحويل الجزيرة إلى قطعة من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو حلم يراودها منذ عقود، مؤكدة أن الإمارات العربية المتحدة حاولت، خلال الفترة الماضية، استغلال حضورها في الإعلام الدولي، بما فيها عبر شركات الإنتاج الإعلامي والسينمائي المعروفة دولياً، خصوصاً في ظل وجود منتجين كثيرين على أراضيها، لاستقطابهم لتنفيذ مخططاتها حول جزيرة سقطرى.

وكشفت تلك المصادر أن الإمارات العربية المتحدة أيضاً كثفت خلال الفترة الماضية من حملاتها الدولية عبر الإعلام والسينما، في محاولة لإظهار جزيرة سقطرى على أنها أراض تابعة لها، وأنها تدفع مبالغ طائلة لهؤلاء المنتجين لتصوير مشاهد لأفلامهم ومنتجاتهم الإعلامية والسينمائية في جزيرة سقطرى، وهي تتكفل بالتكاليف كافة وبينها النقل، وتعطيهم تصاريح إماراتية لدخول الجزيرة، وكل ذلك يتم بعيداً عن الحكومة الشرعية وسلطات الجزيرة، وفقاً للمصادر.

وأشارت تلك المصادر إلى أن أبوظبي تعتقد أن الحكومة اليمنية لا تعرف بما يدور ويجري في أرخبيل سقطرى وما تقوم به من خطوات وإجراءات لفصل الجزيرة عن محيطها الوطني والجغرافي للجمهورية اليمنية.

هذا فيما يجد الموظفون الحكوميون اليمنيون في سقطرى أن المكاتب الحكومية أصبحت معطلة، وأن حضور عدد من شركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني زاد في الجزيرة خلال الفترة الماضية، وشوهدت الكثير من الأعمال تصور في الجزيرة، وكلها على يد أجانب وغربيين. ويؤكدون أن هؤلاء يأتون بموافقة إماراتية وعبر أراضيها إلى الجزيرة، حيث توفر لهم الحماية والدعم وعمليات النقل والتنقل.

وقال محمد سويلم، وهو موظف في وزارة السياحة في سقطرى، لـ "العربي الجديد"، إنه وزملاءه شاهدوا الكثير من الأشخاص من الجنسيات الأوروبية والغربية يصورون أفلاماً ومنتجات سينمائية ووثائقية ويأتون عبر الإمارات العربية المتحدة بطائرات خاصة إلى الجزيرة، خلال الأشهر الأولى من العام الحالي. لافتاً إلى أن السنوات الماضية لم تشهد مثل هذه الحركة، وأن كل المؤسسات ومكاتب الوزارات الحكومية اليمنية معطلة عن القيام بواجبها وخدمة الناس، حتى أن الأجانب يفترض بهم أخذ تصاريح تصوير الأفلام السينمائية والوثائقية منها، إلا أنهم لا يمرون على أي من تلك المكاتب، لأنهم يقولون إنهم حصلوا على تصاريح من الإمارات العربية المتحدة قبل وصولهم إلى الجزيرة.

المساهمون