الآلاف يتظاهرون ضد قانون يحظر "توثيق" انتهاكات الشرطة في فرنسا

الآلاف يتظاهرون ضد قانون يحظر "توثيق" انتهاكات الشرطة في فرنسا

18 نوفمبر 2020
هتف المتظاهرون: الشرطة في كل مكان والعدالة ليست في أي مكان (Getty)
+ الخط -

تظاهر الآلاف في عدد كبير من المدن الفرنسية حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الثلاثاء، ضد مشروع قانون "الأمن الشامل"، بالتزامن مع بدء النقاشات حوله في البرلمان الفرنسي؛ واندلعت مواجهات أبرزها في العاصمة باريس، بين الشرطة والمتظاهرين.

ومن أمام الجمعية الوطنية، مقر البرلمان الفرنسي في العاصمة باريس، هتف آلاف المتظاهرين "كل الناس يكرهون الشرطة" و"الشرطة في كل مكان، العدالة ليست في أي مكان"، بالتزامن مع نقاش مشروع القانون من قبل النواب داخل البرلمان.

ومشروع القانون المثير للجدل، طرحه حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، وينص في "المادة 24" على حظر "التقاط الصور في الميدان، لا سيما أثناء عمليات إنفاذ القانون (بهدف إظهار) صورة الوجه أو أي عنصر آخر، لتحديد هوية مسؤول في الشرطة الوطنية أو جندي في الدرك الوطني عندما يتصرف في إطار عملية للشرطة"، و"يعاقب المخالف بالسجن لمدة عام واحد ودفع غرامة 45 ألف يورو".

الصورة
تظاهرات فرنسية ضد قانون الأمن الشامل (GETTY)
(Getty)

وإلى جانب التظاهرة الكبرى في العاصمة، خرج الآلاف في معظم المدن الكبيرة، وأبرزها ليون وتولوز، تجمعوا في وسط المدينة، وتم تفريقهم من قبل الشرطة باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، كما سجلت مشاركة لافتة لناشطي حركة "السترات الصفراء" في هذا الحدث لتزامنه مع الذكرى السنوية الثانية لولادة حركتهم. إذ يشكل هذا الاحتجاج صورة رمزية بالنسبة إليهم، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من نشطائهم كانوا ضحية عنف الشرطة خلال تدخلها لفض تظاهراتهم التي أرهقت الحكومة.

ومع تطور المواجهات في باريس، وتدخل الشرطة بعنف، أفاد ناشطون بقيام الشرطة بالاعتداء واعتقال 5 صحافيين على الأقل، فيما فرض طوق أمني مشدد حول مكان التظاهرة بحيث منع المتظاهرون، وجلهم من الصحافيين والناشطين الحقوقيين وجمعيات الصحافيين، من الخروج قبل أن يتم إجبارهم على الدخول إلى محطات المترو لفض التظاهرة، ليستكملوا تظاهرتهم داخل محطة "الفرينو" وسط هتافات مستمرة ضد الشرطة. كما عرقلت الشرطة عدداً كبيراً من المتظاهرين، معظمهم من "السترات الصفراء" وناشطين من المنظمات اليسارية وطلاب المدارس الثانوية، حيث منعتهم من الوصول إلى موقع التظاهرة بعد احتجازهم في بولفار سان ميشيل على مقربة من مقر البرلمان لنحو ساعتين.

وبينما تعيش فرنسا في حالة حجر صحي ثانٍ، يمنع فيها إقامة التظاهرات أو التجمعات، بدت هذه التظاهرة وكأنها تحد لقرارات الحكومة بهذا الشأن، فوفق المنظمين "المطالبة بالحقوق والحريات لا يمكن أن تؤجل". كما اتخذت الدعوة إلى التظاهر شكلاً أكثر تنظيماً، مع قرار نقابات الصحافيين ورابطة حقوق الإنسان دعوة المواطنين إلى التجمع أمام البرلمان الفرنسي للاحتجاج على مشروع القانون.

الصورة
تظاهرات فرنسية ضد قانون الأمن الشامل (GETTY)
(Getty)

في المقابل، يدافع وزير الداخلية جيرالد درمانان بشراسة عن مشروع القانون الذي شارك في صياغته مع النائب والقائد السابق في الشرطة جان ميشال فوفيرغ والنائبة أليس تورو، إذ يقولون إنه مشروع لـ"حماية من يقومون بحمايتنا"، في إشارة إلى الشرطة وقوات الأمن.

وفي تصريحات لوسائل إعلام فرنسية، قال فوفيرغ، إن الهدف من مشروع القانون هو "حرب الصور (..) التي تخسرها السلطات، والدولة بشكل خاص"، حيث ينشر ناشطون وصحافيون صوراً صادمة لحالات عنف ترتكبها الشرطة الفرنسية، أودت في كثير من الأحيان بحياة أشخاص أثناء اعتقالهم أو استجوابهم.

لكن مشروع القانون هذا يواجه معارضة واسعة يقودها الاشتراكيون والحزب الشيوعي الذي يرفض "انسحاب الدولة من المهام السيادية"، كما أن كتلة الوسطيين "مودم" الحليف الأبرز لحزب "الجمهورية إلى الأمام" صاحب مشروع القانون، يظهر نوابها تحفظاً كبيراً ما يصعّب مهمة حزب الرئيس لتمرير هذا القانون.

وكانت "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) ومنظمات أخرى مثل "مراسلون بلا حدود" (وهي منظمة فرنسية تدافع عن حقوق الصحافيين حول العالم)، قد نددت بمشروع قانون "الأمن الشامل" واعتبرت أنه يرقى إلى مستوى عرقلة عمل الصحافيين، ويصادر حقوق المواطنين بتوثيق الانتهاكات التي قد يرتكبها عناصر الشرطة.

وأصدرت عشرات وسائل الإعلام الفرنسية من بينها "لوموند" و"ليبراسيون" و"ليزيكو" و"لا تريبيون" وقناة "بي إف إم" و"فرانس إنفو"، وغيرها، بياناً مشتركاً حذّر من اعتماد هذه المادة في القانون. وحذّر البيان من أن "المادة 24" بمثابة تقييد لحرية التعبير، منتقدا رواية نواب الأغلبية التابعة لحزب الرئيس حول الهدف منها، وهو "حماية عناصر الشرطة والأمن من تعرضهم للأذى في حال بثّ صور لوجوههم"، على حد زعمهم.

وجاء في البيان "قلقنا من هذه المادة كبير، لأن وزير الداخلية (جيرالد درمانان) يحتفظ بأكبر قدر من الغموض حول هذا القانون". وحذّر من أن "نشر الصور المتعلقة بتدخلات الشرطة أمر مشروع وضرورى للعمل الديمقراطي"، خاتماً بالقول: "نحن جمعيات الصحافيين والمحررين، ندعو البرلمانيين إلى عدم نسيان هذا الحق الديمقراطي الأساسي، وسحب المادة الـ24 من نص القانون".

المساهمون