أو جيه سيمبسون.. مات الرجل الذي حوّل المحاكمة إلى مسرحيّة

أو جيه سيمبسون.. مات الرجل الذي حوّل المحاكمة إلى مسرحيّة

12 ابريل 2024
كل من شارك في المحاكمة تحوّل إلى شخصية علنية مشهورة (فينس بوتشي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أو جي سيمبسون، برئ جنائياً من قتل زوجته وصديقها لكن أدين مدنياً، استخدم العرق دفاعاً مثيراً للجدل حول العدالة العرقية وتأثير الإعلام، محولاً المحاكمة إلى استعراض غيّر الثقافة الشعبية الأمريكية.
- استمر اهتمام العام بقصة سيمبسون عبر وثائقيات وأفلام، وأثار جدلًا بكتاب "لو فعلتها" يناقش تنفيذ الجريمة لو كان الفاعل، معكسًا استغلال القضية تجاريًا رغم ديونه لأهالي الضحايا.
- محاكمة سيمبسون أحدثت تحولاً في تعامل النظام القضائي والإعلام مع قضايا المشاهير، مسلطة الضوء على العلاقة بين العرق والعدالة ومساهمة في ظهور الكارداشيانز كشخصيات عامة، وبقي سيمبسون شخصية مثيرة للجدل.

لا يمكن كتابة رثاء عن أو جيه سيمبسون، فلاعب كرة القدم الشهير، المدان مدنياً بقتل زوجته نيكول براون وصديقها في منزله، حوّل المحاكمة في أميركا إلى شكل استعراضي ترفيهي، يمكن القول إنه غيّر شكل الثقافة الشعبيّة.

سيمبسون الذي مات، الأربعاء، بعد معاناته مع السرطان بُرئ من تهمة القتل العمد جنائياً، ووظف ورقة "اللون" من أجل نيل براءته تحول إلى مثال في كيفية التلاعب بالقضاء على أساس عرقي، ودور وسائل الإعلام في تهديد سير العدالة، وتحوّلت عبارة "إن لم يكن الكف ملائماً فلا بد من البراءة" إلى لازمة تتكرّر دوماً للسخرية من محاكمات المشاهير.

حكاية سيمبسون تحولت إلى هوس أميركي، عشرات الوثائقيات والأفلام والمسلسلات تناقشها وتعيد تمثيلها، لتكرر المفاجأة دائماً، كيف يمكن له أن يكون بريئاً، هو الذي استفاد من المحاكمة وأطلق كتاب "لو فعلتها" عام 2007، يناقش كيفية ارتكابه للجريمة "لو فعلها"، أي أنّه حول اتهامه وبراءته إلى مساحة للاستثمار والكسب، خصوصاً أن إدانته مدنياً تركته أمام 33 مليون دولار يجب دفعها لأهالي الضحيتين.

محاكمة سيمبسون في إحدى مفارقاتها، كانت السبب في أوّل ظهور علني للكارداشيانز، هن أولاد الفضيحة إن صح التعبير، فوالد كيم وكلوي وكورتني، روبيرت كارداشيان، كان واحداً من "فريق الأحلام" الذي دافع عن سيمبسون، إلى جانب محامي ترامب رودي جولياني، وآلان دورشويتز محامي إسرئيل المفضل، وجوني كوكران، الشهير برهانه على العرق لفوز القضايا الإشكالية.

لغز محاكمة أو جيه، أو بصورة أدق، براءته المشكوك بها بقيت محط الأنظار، آخر الفضائح كانت محاولة دفعه للاعتراف على يد الممثل الكوميدي البريطاني ساشا بارون كوهين في مسلسل "هو إز أميركا" (?Who is America) الذي بثّ على شبكة شوتايم، وتكرار الإحالات إلى قضيته في كل مرة يتعرض فيها أميركي أسود للمحاكمة.

براءة أو جيه سيمبسون من جريمة القتل حولت النظام القضائي الأميركي إلى محط الدعابة، إذ تتردد الحكايات أنه في حال دفعت الملايين للدفاع عن نفسك ووظفت أشهر المحامين، يمكن أن تكون بريئاً من جريمة قتل لا لبس فيها، يكفي فقط المال والعرق.

يحضر أو جيه سيمبسون أيضاً ضمن الكوميديا، بوصفه أشبه باليورانيوم، لا يمكن الاقتراب منه أو حتى إلقاء التحية عليه، وهذا ما يتضح في النكتة التي يلقيها دايفيد شابيل، ويتحدث فيها عن لقائه مع أو جيه 3 مرات، ورفضه أخذ صورة معه، لان ذلك يعني تهديداً لمسيرته المهنيّة، في حين أن مشكلات أو جيه مع القانون لم تنته، إذ ألقي القبض عليه عام 2008 وأدين بالخطف والسرقة المسلحة، وقضى 9 سنوات في السجن.

أو جيه سيمبسون رمز في الثقافة الشعبية الأميركيّة، لا فقط لكونه لاعب كرة قدم أميركية في قاعة المشاهير، بل بسبب سيرة حياته، تلك التي أيضاً تحولت إلى أغنية إشكالية أطلقها جاي زي تحت اسم "أنا لست أسود، أنا أو جيه"، خصوصاً أن الاتهامات العرقية التي تطاول أو جيه تقول إنه كان يتصرف كـ"أبيض" حتى يتهم بالقتل، فيتحول عندها إلى "أسود" تآمرت الشرطة من أجل اعتقاله، وهذا بالضبط الإشكالي حوله، توظيف ورقة الضحية لحظة الاتهام.

لا يمكن إنكار أن كل من شارك في محاكمة أو جيه سيمبسون تحوّل إلى شخصية علنية مشهورة، الكاردشيانز اللواتي كن مراهقات، مروراً بالمحامين والقضاة الذين عملوا على القضيّة، ودارت آراء الادعاء دوماً، حول الكاريزما وقدرة الرأي العام على التأثير بمجريات المحاكمة، تلك التي كان مشهد الكف الأسود الذي لم يتسع بيد أو جيه حاسماً فيها، وهذا ما نراه بوضوح في المسلسل الذي بثته "نتفليكس" بعنوان "الشعب ضد أو جيه"،  الذي أعاد للذاكرة المحاكمة، وتركنا أمام سؤال شديد القسوة يطرح على محامي أو جيه، مفاده، إن كان بريئاً ولم يقتل زوجته، فمن قتلها؟

حوّلت محاكمة أو جيه شكل الترفيه، ونقلت المحاكمة من مساحة جديّة إلى مساحة للاستعراض، بل أصبحت منصة لتحقيق العدالة الشعبيّة، وهذا ما شهدناه في محاكمة جوني ديب وآمبر هيرد، ومحاكمة غوينث بارلتو شديد الابتذال، بل أن الكثير من القضاة في المحاكمات الحساسة منعوا وسائل الإعلام من الحضور، وهذا المتوقع في محاكمة ترامب مثلاً، إذ يلخص القضاة موقفهم بعبارة "لا نريد تكرار ما حصل مع أو جيه" الذي تحول إلى ما يشبه الإنفلونسر في نهاية حياته.

المساهمون