"لانهائي": موجة الأبطال الخالدين

"لانهائي": موجة الأبطال الخالدين

14 أكتوبر 2021
يطرح الفيلم تصوراً عدمياً للعالم (أمازون)
+ الخط -

تشهد هوليوود، كل فترة، إنتاج نسق من الأفلام المتشابهة؛ قالب ينتشر لفترة ثم يتلاشى، يدلل على ذات الفكرة وذات المكونات، وهذا ما يمكن رصده مع فيلم "الحرس القديم" بطولة تشارليز ثيرون، الذي لم ينل إعجاب النقاد وقوبل بالسخرية، كونه يستفيد من "نجمة" ذات أجر عال، بينما باقي الإنتاج يمكن وصفه بالرخيص، كالتصوير في الأماكن المغلقة، واعتماد الحبكات "السهلة".
لكن، حكاية "الحرس القديم" تتمحور حول مجموعة من المقاتلين الخالدين الذين يريدون الدفاع عن البشرية. يتكرر هذا العالم في فيلم "لانهائي" (INFINITE)، من بطولة مارك وولبرغ. فالفيلم الذي بث على شبكة "برايم" التابعة لـ"أمازون" تدور أحداثه حول مجموعة من الخالدين، الذين يتقمصون أجساداً مختلفة عبر الزمن: قسم منهم يسمى "المؤمنون" الذين يريدون إنقاذ البشرية، والقسم الآخر اسمهم "العدميون"، الذين يريدون موت الجميع، وذلك لنجاتهم الشخصية، كونهم ضاقوا ذرعاً بذكرياتهم التي تعود لهم فجأة ودفعة واحدة، منذ كانوا أجنّة في الرحم.
يوحي الفيلم، منذ البداية، بما سيحدث، هناك "جهاز" سيبيد البشرية، ولا بد من الحصول عليه، وبعد صراع طويل، يحصل "الأخيار" عليه ويبطلون مفعوله ويقتلون "الأشرار".

نكتب بهذه اللغة كوننا أمام فيلم تقليدي، يتشابه مع غيره في تصميمه، ناهيك عن فراغات في الحبكة لا تبدو منطقيّة، إلى حد انهيار الفيلم على ذاته، حسب تعبير أحد النقاد.
لكن ما يثير اهتمامنا، ليس التعامل مع ظاهرة التقمص، وانتقال "الندوب" بين الأجساد المُتقمصة، بل تلك الرغبة التي تتبناها هوليوود، وتتجلى بأهمية وجود أبطال خالدين. فئة من المقاتلين الثابتين على مر العصور، سيخلصوننا من "الشر"، أولئك الذين يتمتعون بـ"أخلاق" لا تتغير، ما يعني أن مبادئ "الخير" لا تختلف عبر الزمن، ما يتناقض مع "أخلاق" اليوم، تلك المستمدة من الهويات المتنوعة، لا من مبادئ متعالية تحرص على سلامة "كلّ" البشر.
المثير أن الفيلم يطرح تصوراً عدمياً للعالم، أي لا بد من فناء الجميع، كي تنجو الذاكرة. وهنا ما يثير اللبس، الذاكرة تظهر كلعنة، لا كحكمة، وما يميز العدميين عن المؤمنين، هو الأمل، تلك الحقيقة التي لا يمكن التأكد منها، ليظهر المؤمنون كسذّج نوعا ما. أزمة الخلود هذه، قسمت الخالدين إلى أشرار مطلقين وأخيار مطلقين، التصور الذي تحاربه البشريّة، ولا يعني أبداً بأي نسبة للأخلاق. وهنا أيضاً تتضح فجوات الحبكة، الخالدون يخافون التضحية بأنفسهم؛ الأمر الذي لا يبدو منطقياً إن كانوا يضمنون أن ذكرياتهم ستعود لهم في الجسد الجديد!
يوظف الفيلم المرض النفسي/الفصام لتفسير ظاهرة التقمص، فما "يتذكره" الفرد الخالد، ليس نتاج أصوات في رأسه، أو هلوسات، بل حيوات سابقة تتردد في جسده، لكن الأمر يمتد لنكتشف أن كل المهارات التي يمتلكها الفرد تنتقل معه، من دون أي تشويش أو لبس، وهنا تظهر بعض السخافة في الفيلم؛ إذ لا نعلم حقيقة كيف بدأت هذه الحكاية، ومن هم الخالدون فعلاً، وما هي "البداية" المفترضة لهم، القرن الرابع عشر؟ ما قبل التاريخ؟ وكيف يتم التقمص حقيقة، ناهيك أن العدميين يرغبون بالقضاء على كل "الحياة"، أي هناك احتمال أن يتقمص أحدهم شجرة أو طائراً، كيف سيكون وعيه حينها؟

نطرح السؤال السابق عن الذاكرة، لأن الفيلم حقيقة مزيج من كل ما "نتذكره" من أفلام أكشن وخيال علمي، ليس فقط "الحرس القديم" بل الماتريكس، وديدبول، ورامبو، وكل أفلام الأكشن اليابانيّة، ولا يمكن لنا نهاية إلا أن نذكر أن CBS، صنفت الفيلم كواحد من أسوأ الأفلام الصادرة عام 2021.

المساهمون