"أغاني الصيف"... كلمة ولحن لا يصلحان شتاءً؟

"أغاني الصيف"... كلمة ولحن لا يصلحان شتاءً؟

21 يوليو 2021
يتحكّم السوق بمواعيد الأعمال الغنائية وتوقيت إصدارها (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

عادة، يستغل نجوم الغناء العربي المناسبات الخاصة والشعبية لطرح أعمالهم الجديدة. غير أن مفهوم الاستغلال ليس نقطة الخلاف أمام تلقائية الطقوس الترويجية المستهلكة. فعملية الاختيار رسّخت عناوين وتعريفات حديثة، لا تمت لواقع المحتوى الموسيقي بأي صلة. وعليه، نتداول هذه المسميات تحت سقف التطور والمواكبة، فتصبح لغة شائعة في الأوساط الفنية.

إن أحدًا لن يستغرب من "أغاني عيد الحب" كتعريف أو توصيف شائع جدًا. عندما نقول إن مغنيًا سيصدر ألبومه الغنائي أو أغنيته المفردة، قبل أو بعد أو خلال عيد الحب، فهي مناسبة شعبية شهيرة، ونوع من التقاليد المؤثرة، تدعو أجواؤها إلى استغلال جميع أشكال التعبير والسرد الغنائيين. والهدف يقبل التوزيع على الجماهير بمختلف أذواقهم وأعمارهم. لكن هل ينفي ذلك وجود بعض الأعمال التي لا صلة لها بالتعريفات المتداولة؟

يشاع، عادة، بين المحطات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المعنية بمتابعة صفحات المشاهير أو إدارتها، توصيف "أغاني الصيف". هذا التعبير له مدلولات ظاهرة وواضحة. وفي حال تفكيكه، ستتكون لدينا مفردات فيها من الاعتباط ما يجعلها تفقد دلالاتها الرمزية بعد جمعها. الأغنية هي أي عمل مكون من لحن وكلمة، وربما فيديو كليب. وكلمة "صيف" تشير إلى معنى زمني/موسمي. وعليه، فإن الأغنية مخصصة للاستماع في فصل الصيف فقط، كما لو أنّها لن تصلح في فصل الشتاء، وفقًا للتعريف المستخدم. وفي حال تم تقديم الأغنية (الصيفية) خلال حفل ضخم يجري في أحد المنتجعات السياحية، فإن تأثيرها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأجواء المنتجع، حيث المسابح والمشروبات الباردة والأجواء الحارّة فدرجات الحرارة المرتفعة، على ما يبدو، تسمح للمستمع بفهم الأغنية ومعاني كلماتها والانسجام مع اللحن بشكل أفضل مما هو عليه لو كان متدثرًا ببطانية أمام مدفأته خلال فصل الشتاء القارص.

اللافت في هذه الأعمال، رغم تأطيرها بمسمى "أغاني الصيف"، تركيباتها الخاصة. فعادة ما تتم الإشارة إلى الأعمال الجديدة، من هذا النوع، على أنها أعمال مشغولة بألحان مرنة وعاصفة، أو ربما سريعة وراقصة، لدرجة أنها تتخذ من موسم الصيف سماتها التعريفية. لكننا، في المقابل، نجد هذه السمات موجودة خلال أغنيات فصلي الربيع والشتاء، وخلال عيد الفطر والأضحى والفصح وغيره من مناسبات. فهل يجعلنا ذلك ننفي سببية الإنتاج ووسائله على حساب الزمن وطابع التنفيذ؟

وسائل الإنتاج تدرك قيمة الزمن وعوامل الجذب والبيع والترويج المناسبة. ولكن هل توظيف المحتوى الموسيقي يحدد حجم ارتباطه بالزمن، نوع الكلمة واللحن، أم السوق والحدث؟ لعلنا نختصر الموضوع ونلتفت إلى وصف أدق، قد لا نصيب به المعنى المطلوب، ولكن يجعلنا على مسافة قريبة من الخدعة التعريفية التي ابتكرها رأسماليون نافذون في عالم الغناء. فاختيار "الأغنية الشبابية" بدلًا من "الصيفية"، كوصف يسمح لنا بغض الطرف عن مستوى الكلمات الشعرية في الأغنية الشبابية، لصالح اللحن الأكثر هيمنة في هذا النوع من الأعمال، ومنه نكون أمام أغنية تناسب مواصفاتها عقل الجمهور (الفتي) وذوقه. والحدث، ما هو إلا عنوان عريض يخدم العمل الموسيقي ويعزز فيه آلية الاستجابة.

دلالات

المساهمون