"مهرجان القاهرة السينمائي الـ39": الافتتاح المُعطَّل

"مهرجان القاهرة السينمائي الـ39": الافتتاح المُعطَّل

23 نوفمبر 2017
المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد (فيسبوك)
+ الخط -
غداة الافتتاح المُعطَّل للدورة الـ39 لـ"مهرجان القاهرة السينمائيّ الدوليّ"، مساء 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، تساءل البعض عن سبب استمرار الارتباكات الجمّة في تنظيم مسائل، يُفترض بها أن تكون عادية وطبيعية.

والارتباكات، إذْ ترافق افتتاح أكثر من مهرجان سينمائيّ عربيّ، تبلغ ـ أحياناً ـ مستويات مثيرة للضحك الساخر، الممزوج بعتبٍ وخيبة: عتبٍ على مهرجان له تاريخ وذاكرة ومكانة، يفتقدها كلّها دورة إثر دورة، رغم استثناءات قليلة، يُعوِّل عليها مهتمّون ومعنيّون به؛ وخيبة من انعدام أي أفقٍ لأي تغيير أو تبديل أو تطوير، خصوصاً على المستويات البسيطة والأساسية، التي لا تحتاج إلى ميزانيات، أو إلى أعدادٍ وفيرة من المتطوّعين أو العاملين، بل تحتاج، فقط، إلى صرامة في إدارة الشؤون المختلفة للمهرجان، المرتكزة على خطط عملية وواضحة، يجب ألاّ تشوبها شائبة.

والافتتاح المُعطَّل هذا "يُعتَبَر تقدّماً ملحوظاً" في "التراجع الذي تتلاحق فصوله في أمور شتّى"، بحسب تعليقاتٍ ضيوفٍ عربٍ، ولزملاء مصريين. فبالإضافة إلى المسافة البعيدة، بين مقرّ إقامة الضيوف (فندق "سميراميس أنتركونتينتال" ـ "غاردن سيتي"، بالقرب من مبنى "جامعة الدول العربية" في "ميدان التحرير") ومكان الحفلة (قاعة "المنارة" في "مركز المنارة للمعارض والمؤتمرات الدولية" في "التجمّع الخامس")؛ وزحمة السير الخانقة في شوارع القاهرة، التي تحول ـ دائماً ـ دون قدرة أحدٍ على بلوغ أي مكانٍ في الموعد المحدَّد؛ لم يلتزم ضيوف كثيرون بقواعد حفلات الافتتاح، التي تتضمّن ـ كالعادة ـ خطابات (لا تملك أي معنى عميق وحقيقي وعمليّ، غالباً)، وتكريمات (سمير غانم وهند صبري وماجد الكدواني)، وتقديم ضيوف أجانب (معظمهم غير منتمٍ إلى "النجومية السينمائية"، التي تجمع الشهرة والأضواء بحِرَفية المهنة)، قبل عرض الفيلم المختار، والانتقال، بعده، إلى الـ"بوفيه" خاص بـ"العشاء الرسميّ". وهذا غير حاصلٍ في ذاك "الافتتاح المُعطَّل".

مساء 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 يبقى علامة سلبية في سيرة المهرجان المصريّ، الذي لا يزال كثيرون يلجأون، في التعريف به، إلى أقوالٍ قديمة، تعجز عن تحصين تاريخه وذاكرته، أو بعضهما على الأقلّ، كأن يُشدِّدوا على كونه "الأعرق والأقدم في الوطن العربي"، كأن العراقة والقِدم يحجبان "فوضى" لا تليق لا بالمهرجان وبلا بتاريخه وذاكرته البعيدين.

التأخير (نحو 3 ساعاتٍ) سببٌ لتعطيل حفلة، انهمك فيها كثيرون بهوامش، متغاضين عن الجوهر، الذي يتمثّل بالسينما، إذْ يبدو أن "الجمهور" مهتمٌّ بـ"الأضواء" لا بها (كما قال البعض)؛ بالإضافة إلى أسبابٍ أخرى، منها: انهماك إعلاميين بلقاءات متسرّعة مع "نجومٍ" مصريين، يُطلقون كلاماً يُقال في المناسبات كلّها "من دون أي تعديل"؛ وعجز مدعوين عن الدخول إلى القاعة لاختيار مقاعدهم؛ وعدم ملاءمة التجهيزات مع التطورات التقنية الحاصلة في عالم السينما.

حاول مسؤولو المهرجان تدارك الأمر مساء اليوم التالي، بعد رفض المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد عرض فيلمه الأميركي الأخير "الجبل بيننا" ليلة الافتتاح، بسبب رداءة التقنيات المُقدَّمة في مناسبة كهذه؛ وتدافع مدعوين كثيرين باتجاه الـ"بوفيه"، قبيل بدء العرض المتأخّر حتى منتصف الليل تقريباً، متغاضين عن الفيلم، ومخرجه الذي وجد نفسه، فجأة، وحيداً مع فيلمه في قاعة شبه خالية.

ورغم أن الممثلة يُسرا، بصفتها "رئيسة شرف" الدورة الـ39، اعتذرت من هاني أبو أسعد، ومن مشاهدين جاءوا إلى صالة "سينما الزمالك"، في المساء التالي، لمُشاهدة الفيلم، في غياب الممثلين كايت وينسلت وإدريس إلبا (اللذين اعتذرا عن تلبية الدعوة قبل بدء الدورة الأخيرة هذه)؛ ورغم أن المخرج ردّ على الاعتذار بلباقة تليق بسينمائيّ حقيقيّ، متناسياً "وقائع" الليلة الفائتة؛ إلاّ أن افتتاحاً كهذا سيبقى إشارة واضحة يُفترض بها تنبيه المعنيين بضرورة وضع "خطة طوارئ"، تُنقذ المهرجان من انهياراته المتكاثرة.


المساهمون