"لوغان لاكي"... عزف منفرد من مخرج عائد من الاعتزال

"لوغان لاكي"... عزف منفرد من مخرج عائد من الاعتزال

14 أكتوبر 2017
ستيفن سودربرغ (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أربع سنوات، أعلن المخرج ستيفن سودربرغ، اعتزاله العمل السينمائي، والتركيز في مشروعات فنية أخرى، وذلك بعد مسيرة حافلة وصاخبة جداً لمدة 24 عاماً، بدأها بالحصول على السعفة الذهبية لمهرجان "كان" عام 1989 عن فيلمه Sex, Lies, and Videotape، ليكون أصغر فائز بالجائزة في التاريخ، وشهدت أيضاً فوزه بالأوسكار عام 2000 عن فيلم Traffic، إلى جانب تحقيق نجاحات تجارية كبرى من قبيل ثلاثية Ocean الشهيرة. 

وامتاز سودربيرغ دائماً بقدرته على أن يصنع رؤية فنية وغير تقليدية في أفلامٍ تجارية جداً، ويكون نتاج هذا الدمج أفلاما ناجحة على المستويين الجماهيري والنقدي، وهو ما راهن عليه أيضاً في فيلمه الجديد بعد العودة Logan Lucky الذي يدمج فيه شكلين متطرفين جداً من إنتاج السينما. الأول، هو مسؤوليته الكاملة والمباشرة والفردية تماماً عن الفيلم، كما يحدث في الأفلام المستقلة منخفضة الكلفة، إذْ يصبح سودربيرج هنا ليس فقط مخرجاً وليس فقط مصوراً (كما فعل في أفلامه منذ عام 2000 تحت اسم مستعار هو بيتر أندورز)، ولكنه أيضاً منتج ومونتير وكاتب (لأن كاتبة الفيلم المكتوبة في "التترات"، ريبيكا بلانت، لم يرها أو يتحدث معها أحد ولا تحمل مسيرتها أي عمل سابق، وتواصل معها الممثلون فقط عبر الرسائل الإلكترونية). وبالتالي فـ"لوجغان لاكي" هو عزف منفرد تماماً، ولكن في نفس الوقت يراهن على المعطيات التجارية، سواء في قصته، أو في النجوم المشاركين فيه، أو في موعد عرضه. وبالتالي، فإن سودربيرج يحاول تحدي السوق الأميركية القائمة على الشركات الكبرى بحركة فردية تماماً ومنظور شخصي في كل تفاصيل العمل السينمائي.



ولكن بقدر ما هذا الفيلم مثير بسبب تجربته الإنتاجية الفردية، وأنه عودة لمخرج كبير من الاعتزال، بقدر ما كان محبطاً عدم تأثير ذلك على صورته النهائية، وتفاصيله التي تشعر أنك شاهدتها من قبل. بدايةً من قصته التقليدية جداً عن أخ يعاني بعد ترك وظيفته ويقرر الاستعانة بشقيقه (ذو الذراع الواحدة) والحركة من أجل سرقة سباق "ناسكار" الشهير الخاص بالسيارات في ولاية "كارولينا الشمالية"، والذي يحتاج إلى تكوين فريق، على رأسه مجرم محترف في فتح الخِزن، والذي يحضر بدوريه شقيقيه محدودي الذكاء للمشاركة في العملية الكبرى.



قصة الفيلم الخارجية تظهر كأنها نسخة مختلفة من ثلاثية "أوشن" التي أخرجها سودربرغ، نفس معطيات الفريق والعملية والصراع والتداخلات، وهو أمر لم يكن مُبشراً في ذاته منذ العروض الدعائية. ولكن الشيء الأكثر إحباطاً أن هذا الفيلم، ورغم كونه مسلياً، إلا أنه أقل من أي جزء في "أوشن". والفارق الأوضح قد يتعلق بجزئية "الارتباط بالشخصيات"، وفهم دوافعها والاهتمام بمصائرها، في "أوشن" خلق سودربيرج "كاركترات" حية فعلاً، مدعومة بجاذبية طاغية من أهم ممثلي تلك الفترة مثل جورج كلوني وبراد بيت وجوليا روبرتس. وحتى على الناحية الأخرى هناك شرير بقدر إندي غارسيا. على العكس هنا، لم تكن الشخصيات ولا أداءات تشانينج تاتوم وآدم درايفر كافية بأي شكل منح الفيلم جاذبية موازية، حتى تفاصيل من قبيل الأخ ذي الذراع المبتورة، وغيرها من الأمور التي تهدف إلى خلق مواقف وصورة أيقونية مرتبطة بكل شخصية، لم تنجح في أن تجعل شخصياته قريبة من المشاهد.



وفي صورة أوسع، لم يكن من المفهوم أن يختار سودربرغ المضي قدماً في تلك التجربة الثورية التي يصبح فيها ربُّ العمل الوحيد (لم يكن ينقصه إلا أن يكون بطل الفيلم) وفي نفس الوقت تكون كل التفاصيل آمنة وتقليدية، إلى درجة اعتبار بعض النقاد أنه "أكثر أفلامه شعبوية وموافقة للذوق العام"، وبدون أي مساحة من التجريب على صعيد الحكاية أو الصورة أو اللغة، حتى في التصنيف الرقابي المتحفظ الذي جعله، رغم أنه فيلم جريمة، ينال رخصة PG-13 وليس R، ليكون الهدف الوحيد الظاهر في التجربة هو ألا يخسر تجارياً.


دلالات

المساهمون