مل غيبسون مخرجاً للمرة الخامسة: "هاكساو ريدج"

مل غيبسون مخرجاً للمرة الخامسة: "هاكساو ريدج"

04 نوفمبر 2016
مل غيبسون عائداً إلى الإخراج (سيندي أورد/Getty)
+ الخط -
تبدأ اليوم، العروض التجارية الأميركية لـ"هاكساو ريدج" (Hacksaw Ridge)، الفيلم الخامس لـ مل غيبسون كمخرج، الذي يعود فيه إلى الحرب العالمية الثانية، عبر حكاية المجنّد ديزموند دوس (أندرو غارفيلد)، أول رافض للخدمة العسكرية ينال وسام الشرف، تكريماً لشجاعته وبطولاته أثناء معركة أرخبيل "أوكيناوا" الياباني.

يستعيد الفيلم قصّة حقيقية تدور أحداثها أثناء تلك المعركة، يتناول أسئلة العلاقة الصدامية بين مبادئ أخلاقية وإنسانية مناوئة للقتل والعنف، وإلزامية الانخراط في الحروب. لكن ديزموند دوس أصرّ على عدم حمل السلاح، كرفاقه، منتقلاً إلى العمل ضمن فرق طبية، لإسعاف الجرحى، وإجلاء القتلى.

بهذا الفيلم، الذي تبلغ ميزانيته الإنتاجية 55 مليون دولار أميركي، بمشاركة أساسية لـ"إيكون بروداكشن"، شركة الإنتاج التي أسّسها غيبسون عام 1989 مع المنتج بروس دافي، يعود الممثل والسيناريست والمنتج والمخرج الأميركي (مواليد ولاية نيويورك، 1956) إلى الإخراج، بعد عشرة أعوام على تحقيقه "أبوكاليبتو" (2006). علماً أن أول فيلم يُنجزه كمخرج، يعود إلى عام 1993، وهو بعنوان "رجلٌ من دون وجه"، وذلك بعد عامين اثنين
فقط من إنجازه شريطاً وثائقياً للمحطة التلفزيونية HBO، بعنوان "مل غيبسون يعود إلى المدرسة".

من شاهد "هاكساو ريدج" في عروض صحافية خاصّة، قال إن العمل الإخراجيّ لغيبسون "مهمّ سينمائياً وفنياً"، وإن المَشَاهد التي يُمكن اعتبارها "كليشيهات"، تُستخدم في أفلام الحروب عادة، "منفّذة بمتانة بصرية"، إلى درجة أنها "تجعل المُشاهِد مُسمّراً أمام الشاشة الكبيرة، ليراقب عنف وضراوة ما يدور".

التنويع السينمائي لمل غيبسون، الممتدّ على التمثيل والإخراج والإنتاج والكتابة، ينسحب على تنويع آخر، يتعلّق بالمواضيع المختارة لأفلامه الخمسة كمخرج، وإن تلتقي كلّها عند تعاطيه مع التاريخ، القديم والحديث، للبحث فيه عن أسئلة لا تزال آنيّة وملحّة. غير أن فيلمه الأول، "رجلٌ من دون وجه"، يكاد يفترق عن باقي أفلامه، علماً أن قصّته تعود إلى عام 1968.

من حكاية رجل يتشوّه وجهه، إثر تعرّضه لحادث سيارة يُقتل فيه أحد تلامذته، إلى بطولات المجنّد ديزموند دوس في الحرب العالمية الثانية، يجد مل غيبسون مواضيعه في التاريخ، ليروي ما يُشاهده هو فيه، عبر عدسة الكاميرا السينمائية.

فيلمه الأول يتناول حكاية الأستاذ المشوّه الوجه، جاستن ماكليود (غيبسون نفسه)، الحامل تاريخاً من المعاناة بسبب اتّهامه بالتحرّش بالأطفال، ما يجعل حياته الراهنة، أواخر الستينيات الفائتة، صعبة وقاسية، في بلدة تميل إلى تقاليد أخلاقية محافظة جداً. ولن يفكّ ماكليود عزلته في البلدة، إلاّ بفضل الصبيّ تشاك (نِكْ ستال)، الذي يستعدّ للدخول إلى مدرسة عسكرية.

هنا، يطرح غيبسون أسئلة الماضي والعلاقات المعقّدة بين الناس، وحماسة المراهقة الباحثة عن معنى لحياتها ومستقبلها.

في "قلب شجاع" (1995)، يعود غيبسون إلى أحد فصول الصراع الإسكتلندي الإنكليزي، في القرن الثامن عشر، من خلال قصة البطل الإسكتلندي ويليام والاس (غيبسون أيضاً)، الذي يخوض أشرس المعارك ضد ملك إنكلترا إدوارد الأول، كما ضد قادة إسكتلنديين. في هذا كلّه، تظهر حكايات الحب والعنف والاحتيال السياسي والقسوة الديكتاتورية للحكم الملكي، وتبرز رغبة المخرج في تسليط الضوء على التداخل الحاد بين تناقضات الحياة والانفعالات والأحلام.

أما فيلمه الثالث كمخرج، "آلام المسيح" (2004)، فيروي الأيام الخمسة عشر الأخيرة من حياة السيد المسيح (جيم كافيازل)، على خلفية سؤال العنف والعلاقة الصدامية بين الرومان واليهود، في السياسة والجغرافيا والاقتصاد، من دون تناسي المسار الحياتي للمسيح في أيامه الأخيرة، وعلاقته بالمحيطين به.

ثم يتقدّم مل غيبسون في الزمن، ويتوقّف عند أحد عصور حضارة الـ"مايا"، بين عامي 900 و1200 بعد الميلاد، في "أبوكاليبتو" (2006)، الذي يستمرّ في طرح سؤال العنف، ووحشية السلطة، والصراعات المختلفة، من خلال قصة الانقلاب الحياتي لابن زعيم إحدى القبائل الأساسية، الذي يواجه قدره المفروض عليه بما يتلاءم وقناعاته الإنسانية والأخلاقية.

من ناحية أخرى، لم يحقّق "رجلٌ من دون وجه" نجاحاً تجارياً، إذْ بلغت إيراداته الأميركية نحو 25 مليون دولار أميركي، لقاء ميزانية إنتاجية تساوي 25 مليون دولار أيضاً. أما "قلب شجاع"، الذي كلّف إنتاجه 72 مليون دولار أميركي، فحقّق إيرادات دولية بلغت نحو 210 ملايين و409 آلاف دولار. في حين أن "آلام المسيح" احتاج إلى 30 مليون دولار أميركي فقط لإنتاجه، محقِّقاً إيرادات دولية بلغت 611 مليوناً و899 ألف دولار. أما "أبوكاليبتو"، فحقّق 120 مليوناً و654 ألف دولار، كإيرادات دولية، مقابل 40 مليون دولار ميزانية إنتاجية.

المساهمون