ثلاثة عوامل رئيسية وراء تدهور أسعار النفط

ثلاثة عوامل رئيسية وراء تدهور أسعار النفط

02 أكتوبر 2014
مواطن سنغافوري يملأ سيارته في إحدى محطات الوقود (Getty)
+ الخط -
قال محللون إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية ستدفع أسعار النفط للهبوط أكثر من مستوياتها الحالية خلال الأشهر المقبلة.
وهذه العوامل هي، أولاً: معادلة العرض والطلب المبنية على حجم الاستهلاك العالمي وحجم الانتاج. أما العامل الثاني فهو عامل الاضطراب السياسي والحروب "الجغرافيا السياسية"، التي تذكي عادة نار المضاربات في الاسواق المستقبلية،
أما العامل الثالث فهو زيادة الانتاج خارج دول منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك".
على صعيد معادلة الطلب العالمي على النفط، يلاحظ أن النمو الاقتصادي لا يزال هشاً، خصوصاً في الدول الكبرى المستهلكة للنفط . فالنمو في الصين لا يزال يتأرجح تحت المعدل المتوقع 7% . كما أن النمو الاقتصادي في أميركا لا يزال يعاني من ارتفاع معدل البطالة.
وعلى الصعيد الاوروبي، تعاني معظم دول المجموعة الاوروبية من الركود الاقتصادي، وحتى الدول التي أظهرت مؤشرات نمو، فهي مؤشرات ضعيفة لا تكاد ترفع من مستويات حركة الاستهلاك المطلوبة للنمو.
وفي هذا الصدد، يسعى البنك الاوروبي الى ضخ ترليون يورو في الاقتصاد الاوروبي على أمل تحريك عجلة النمو، وذلك بعد أن فشلت سياسة خفض معدل الفائدة الى تحت الصفر التي ابتدعها قبل شهرين.
وعلى ذات الصعيد، تتوقع منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، في تقريرها الاخير، أن تتفاعل هذه العوامل لتخفض نمو المعروض النفطي من خارج "أوبك" إلى 1.6 مليون برميل يومياً في 2015، مقارنة مع 1.3 مليون برميل يومياً خلال 2014.
ويذكر أن طفرة النفط الصخري في اميركا الشمالية، ستعمل على تراجع الحاجة إلى مزيد من نفط "أوبك".
وحسب الوكالة الدولية التي تراقب سوق الطاقة لصالح دول مجموعة التنمية والتعاون الاقتصادي، فإن الطلب العالمي على النفط سيتباطأ بوتيرة ملحوظة في الفترة المقبلة، بفعل تعثر اقتصادات أوروبا والصين، بينما تشهد الإمدادات زيادة مطردة ولاسيما من اميركا الشمالية.

توقعات النمو

خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2014 و2015، بسبب الصراعات الملتهبة في "العراق وليبيا" وتأثيرها على توازنات سوق النفط العالمية، مشيرة الى أن الطلب النفطي لا يزال محدوداً وسط نمو ضعيف للطلب على النفط ومعروض وفير.
وكان تجار النفط في لندن يتوقعون أن تحدث الحرب الاهلية في العراق والتي يقودها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أضطراباً كبيراً في إنتاج النفط العراقي، لكن ما حدث أن داعش لم تتمكن من التأثير على حقول النفط في جنوب العراق وفي منطقة كردستان وتم محاصرتها في شمال ووسط العراق.
وهذه المنطقة لا توجد بها سوى حقول صغيرة وغير مؤثرة في الإمداد النفطي العالمي.

المضاربات

على صعيد المضاربات، يلاحظ ان سياسات "التحفيز النقدي" التي نفذها مصرف الاحتياط الفدرالي الاميركي، وضخ بموجبها ترليونات الدولارات في السوق الاميركية، إضافة الى قيام البنوك المركزية في دول العالم الرئيسية بتنفيذ سياسات مماثلة، ساهمت في إضعاف سوق الصرف العالمي وضرب القيمة الحقيقية للموجودات مثل الاسهم والسندات.
وكانت النتيجة بحث المستثمرين عن ضخ أموال في أسواق السلع وعلى رأسها النفط. ويلاحظ أن المضاربات التي أجرتها الصناديق الاستثمارية الكبرى وصناديق المعاشات على النفط، كانت السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار النفط من مستوياتها الدنيا قبل أزمة المال الى فوق 110 دولارات خلال النصف الثاني من العام الماضي.
وحسب الاحصائيات التي أوردتها "فوربس"، فإن كمية العقود المستقبلية التي نفذتها مؤسسات استثمارية ومضاربون بلغت 423136 عقداً نفطياً.
ومع توجهات بنك الاحتياط الفدرالي برفع سعر الفائدة على الدولار وتوقعات رفع الفائدة على الاسترليني، بدأ المضاربون يهربون من سوق السلع والاستثمار مرة أخرى في سوق الاسهم والسندات.
وسيكون عامل هروب المستثمرين من عقود النفط أحد العوامل الرئيسية التي ستدفع النفط للانخفاض خلال الأشهر المقبلة.
وفي لندن، ارتفعت العقود الآجلة لبرنت لتقترب من 95 دولاراً للبرميل أمس الأربعاء حيث ساعدت بيانات ايجابية للقطاع الصناعي الصيني خام القياس ليستهل أكتوبر/تشرين الأول على ارتفاع بعد تراجعه إلى أدنى مستوى منذ عام 2012 في الجلسة السابقة، وذلك حسب وكالة رويترز.
وكان القلق من تنامي المعروض النفطي وارتفاع الدولار قد دفع برنت للانخفاض أكثر من دولارين يوم الثلاثاء في أكبر خسارة له في يوم واحد منذ يناير/كانون الثاني، ومن المرجح أن تكبح العوامل نفسها أيّ تعافٍ.
واستقر النشاط الصناعي الصيني في سبتمبر/أيلول حيث سجل مؤشر مديري المشتريات الحكومي 51.1، مرتفعاً بذلك عن توقعات السوق بقليل، مما أثار بعض الارتياح لدى المستثمرين المتخوفين من تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وارتفع خام برنت تسليم نوفمبر/تشرين الثاني 30 سنتاً إلى 94.97 دولاراً للبرميل لينزل عن أعلى مستوى للجلسة 95.17 دولاراً.
وكانت أسعار عقود نوفمبر قد تراجعت 2.53 دولار لتغلق عند 94.67 دولاراً يوم الثلاثاء بعد أن لامس في وقت سابق من المعاملات 94.24 دولاراً وهو أقل سعر له منذ يونيو/حزيران 2012.
وارتفع الخام الأميركي تسليم نوفمبر/تشرين الثاني 36 سنتاً إلى 91.52 دولاراً للبرميل بعد أن هبط 3.41 دولارات في الجلسة السابقة في أكبر انخفاض يومي له منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
واختتم كل من برنت وخام غرب تكساس الوسيط معاملات الربع الثالث من العام على أشد خسائر فصلية في أكثر من عامين.
وأعادت "جلف كيستون بتروليوم" لإنتاج النفط كل العاملين في مشاريعها بكردستان العراق بعد إجلاء المتعاقدين الأجانب من المنطقة وسط تصاعد للعنف في أغسطس/آب.
وقالت الشركة إن تركيزها مازال منصباً على زيادة الإنتاج بحقل شيكان النفطي في كردستان العراق إلى 40 ألف برميل يومياً.
وقالت جلف كيستون إن حوالي 30 بالمائة من إنتاج الحقل يباع إلى السوق المحلية وإن المبيعات بلغت 220 ألف برميل منذ 28 أغسطس/آب، ما در على الشركة إيرادات إجمالية قدرها 9.4 ملايين دولار.
وتعني عودة عمال النفط التدريجية الى منطقة كردستان من العوامل التي ستدفع إنتاج النفط العراقي الارتفاع. وبالتالي فإن عوامل زيادة المعروض من المتوقع أن تساهم في مزيد من انخفاض أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.

المساهمون