ارتفاع كلفة الكهرباء في إدلب يزيد أعباء النازحين والمقيمين

ارتفاع كلفة مولدات الكهرباء في إدلب يزيد أعباء النازحين والمقيمين

26 يناير 2020
ارتفاع أسعار كهرباء المولدات يزيد الأزمات (سام تارلينغ/ Getty)
+ الخط -

تتفاقم مشكلة تزويد المنازل بالطاقة الكهربائية في مدن وبلدات الشمال الغربي من سورية، ولا سيما في محافظة إدلب، الخارجة عن سيطرة قوات النظام. وتكمن المشكلة في ارتفاع أسعار الاشتراكات لدى مراكز المولدات الكهربائية التي باتت البديل عن خطوط كهرباء الدولة، والتي عمد النظام لقطعها تدريجياً، بعد اندلاع الاحتجاجات عام 2011.

ارتفاع أسعار مادة المازوت والتي تستخدم لتشغيل المولدات الكهربائية، وتقلب سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار بعد انهيارها في الآونة الأخيرة لتصل إلى 1100 ليرة أمام الدولار، والشح في مواد المحروقات عموماً، كلها عوامل يضعها مالكو المولدات كأسباب لارتفاع سعر الاشتراك للأمبير الواحد من الكهرباء من 2500 إلى 3500 ليرة سورية في الشهر.

وخفض أصحاب المولدات ساعات التشغيل التي وصلت في الفترة الأخيرة إلى ساعتين فقط، بعد أن كانت تعمل لعشر ساعات في بداية الاعتماد على هذه الخدمة قبل خمسة أعوام تقريباً، وهذا ما يجعل المواطن السوري في تلك المناطق أمام عبء مادي متزايد لتوفير الطاقة لمنزله في ظل نقلص الوظائف، ولا سيما بالنسبة للنازحين.


ويقول معمر الخالد، وهو أحد أبناء مدينة إدلب، إن "الوضع بالنسبة لخدمة الاشتراك الكهربائي للمنازل من حيث الأسعار وساعات التشغيل يختلف بين منطقة وأخرى.

فمثلاً كانت معرة النعمان مدعومة في هذا الجانب من قبل الحكومة المؤقتة، حيث كانت ساعات التشغيل أكثر وسعر الاشتراك للأمبير الواحد أقل من باقي المناطق، لكن وبعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على كافة مناطق المحافظة بات السعر موحداً عن طريق "المؤسسة العامة للكهرباء"، (تتبع لحكومة الإنقاذ التي تعمل في إطار الهيئة)، وحتى المولدات في محطات التوليد الخاصة ملتزمة بسعر المؤسسة.

كذلك ارتبطت تسعيرة المولدات بسعر الدولار كون المحروقات وقطع التبديل وعمليات الصيانة كلها مواد مستوردة، فحين كان سعر صرف الدولار 500 ليرة سورية، كانت ساعات التشغيل تقريبا 4 إلى 5 ساعات وقيمة الأمبير الواحد 2000 ليرة.

ويضيف معمر لـ "العربي الجديد": "حالياً سعر الصرف تجاوز 1000 ليرة سورية، وبات سعر الاشتراك للأمبير الواحد 3500 ليرة، ومدة التشغيل ساعتان فقط، وبالنسبة للاحتياج المنزلي فمتوسطه على الأقل ثلاثة أمبيرات، لكن نسبة 90% من المنازل مكتفية بـ 2 أمبير فقط، كون المبلغ الشهري المترتب على أصحاب المنزل كبيراً بالنسبة للدخل الشهري".


ويشير معمر الذي يشترك لمنزله بـ 2 أمبير شهرياً، ما يكلفه 7000 ليرة سورية، إلى أن "معظم الناس باتوا يفكرون في إلغاء الاشتراك، كون ساعتين من التشغيل لا تكفيان حتى لشحن بطارية تكفي هي الأخرى إنارة غرفة لساعات محدودة، والبديل عن ذلك هو ألواح الطاقة الشمسية، رغم ارتفع تكلفة تركيبها".

ويرى سليم المحمد، وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي إلى بلدة سرمدا الحدودية مع تركيا، أن أعباء تأمين ثمن الاشتراك أصعب بالنسبة إليه من الساكن الأصلي، كونه لا يزال بدون عمل، وهو أساساً (سعر الاشتراك) مرتفع هنا أكثر من باقي المناطق، والدفع بشكل أسبوعي وليس شهرياً.

ويشير سليم في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنه يدفع ثمن الاشتراك للأمبير الواحد 1500 ليرة سورية في الأسبوع مقابل ساعتين ونصف من التشغيل، فهو يشترك بـ 2 أمبير، ما يكلفه شهرياً 12 ألف ليرة سورية، وهذ مبلغ كبير على النازح، ولا يمكنه تحمله.

ويشير المحمد إلى أنه لن يكون باستطاعته الاشتراك للشهر المقبل، لسببين، الأول، وهو الأهم، يتعلق بعدم مقدرته المادية على ذلك بعد شهر من النزوح وانقطاع الدخل، والثاني عم كفاية ساعات التشغيل للاستهلاك، فالساعتان ونصف لا تكفي لشحن البطارية، وأغلب الأحيان لا يستطيع تبريد ثلاجة لتبقى محافظة على برودتها للساعات المتبقية من اليوم.

ويوجه المحمد أصابع الاتهام لمالكي المولدات، بأنهم يتذرعون بارتفاع سعر مادة المازوت، حيث يعمدون إلى رفع سعر الاشتراك ويقللون ساعات التشغيل عند ارتفاع سعر المازوت، ولا يزيدونها عندما ينخفض سعره".


ويشير محمد سماق، وهو مالك مولد كهربائي في مدينة بنش، إلى أن "سعر برميل المازوت كان في السابق 15 ألف ليرة سورية، وكانت ساعات التشغيل 10 ساعات، أما اليوم فالوضع اختلف عن السابق، فسعر برميل المازوت تجاوز الـ 160 ألف ليرة، مع انخفاض سعر الليرة أمام الدولار. ولذلك نحن مضطرون لخفض ساعات التشغيل، ورفع السعر الذي وصل اليوم إلى 3500 ليرة هذا الشهر مقابل الأمبير الواحد، وربما سيكون الشهر المقبل 4000 ليرة".

ويضيف سماق لـ "العربي الجديد": "أنا من أشد المعارضين لرفع الأسعار، فأنا أعيش في هذه البلد وأشعر بمعاناة الناس وأنا منهم، لكن الظروف الحالية هي التي تجبرنا على رفع الأسعار، ونحن أساساً ملتزمون بلائحة السعر الذي تحدده مؤسسة الكهرباء في حكومة الإنقاذ، وهنا يجب التنويه أيضاً بأن مادة المازوت ليست متوفرة دائماً، وإن لم توفرها المؤسسة لنا في قادم الأيام، سيكون الوضع صعباً على الجميع".

وعلم "العربي الجديد" أن "المؤسسة العامة للكهرباء" قد حددت سعر الاشتراك للأمبير الواحد بـ4 دولارات (4500 ليرة تقريباً) ابتداءً من الشهر المقبل، ما يشير إلى أن كثيراً من المواطنين سيعمدون إلى إلغاء اشتراكهم بسبب التكلفة المرتفعة.

المساهمون