أزمة شركات النفط الكبرى

أزمة شركات النفط الكبرى

09 سبتمبر 2014
ازمة تعانيها شركات النفط العالمية(أرشيف/getty)
+ الخط -
تعيش الشركات النفطية الكبرى، التي كانت تعرف سابقاً بـ "الأخوات السبع"، أزمة كبرى منذ سنوات ولكن يبدو أن العديد من محللي الطاقة لم ينتبه لهذه الأزمة أو يتجاهلها لقوة نفوذ هذه الشركات في مجال العلاقات العامة.
ومن بين هذه الشركات الكبرى، أكسون موبيل وشل وشيفرون وبريتش بتروليوم، وحسب بعض خبراء النفط فإن هذه الشركات، التي حكمت العالم مالياً لفترات طويلة ومنذ بداية عصر النفط، تعاني منذ مدة أربع مشاكل رئيسية.
ولاحظ البروفسور ليونارد موغيري، خبير الطاقة في معهد "بلفور إنستيتيوت" التابع لجامعة هارفارد الأميركية، في بحث بهذا الصدد، أن هذه المشاكل تتمثل في ركود الأرباح، وقلة كشوفاتها النفطية وفقدان مهاراتها، كما أنها أصبحت تعمل في مجال الغاز الطبيعي أكثر من عملها في مجال النفط.
ومعروف أن مجال الغاز أقل ربحية مقارنة بمجالات النفط. وذلك لأن الغاز الطبيعي يحتاج إلى تسييل ومنشآت تصدير ونقل.
وهذه العمليات مكلفة وتحد من أرباح الشركات، مقارنة بصناعة النفط، إذ لا تحتاج الخامات بعد الاستخراج إلا إلى النقل إلى الأسواق.
وعلى صعيد الايرادات الصافية أو الأرباح، يقول البروفسور موغيري، في تحليله لأرباح هذه الشركات في العقد الأخير إن الأرباح الصافية لهذه الشركات، ظلت راكدة منذ نحو عشر سنوات تقريباً.
وأشار إلى أن الأرباح الصافية لكل من إكسون موبيل وبريتش بتروليوم وشل لم تحقق ارتفاعاً يذكر.
ويقول في هذا الصدد إن الأرباح الصافية لشركة إكسون موبيل مثلاً بلغت 44.9 مليار دولار في عام 2012.
وهذه الأرباح الصافية حدثت في ظروف كانت فيها أسعار النفط تبلغ مائة دولار للبرميل. وبمقارنة هذه الأرباح بالأرباح المتحققة في عام 2005 والبالغة 36.13 مليار دولار، أو ما يعادل نحو 42 مليار دولار بحساب " القيمة الشرائية للدولار في عام 2013"، تكاد تكون قد ارتفعت بأقل من ملياري دولار خلال ثماني سنوات.
ويذكر أن سعر النفط في عام 2005 كان يبلغ نحو 55 دولاراً في المتوسط، مقارنة بسعر مائة دولار في عام 2012.
وفي المقابل فإن أرباح شركة شل بلغت في عام 2012 نحو 27 مليار دولار، مقارنة بأرباح قدرها 26.3 مليار دولار في عام 2005.
وعلى صعيد المهارات، منذ عام 1990 بدأت الشركات النفطية الكبرى في خفض التكاليف بدرجة حادة.
وتركز هذا الخفض في المهارات عالية الخبرة في مجالات هندسة النفط، كما فقدت هذه الشركات العقود الفنية التي كانت تقوم بها في مجال الكشوفات والحفريات والإنتاج لمصلحة شركات النفط الوطنية التي تملكها الدول النفطية، مثل شركات أرامكو وأدنوك وشركة النفط الكويتية.
وحسب إحصاءات الصناعة النفطية، في هذا الصدد فإن 75% من عمليات الكشوفات والحفر والإنتاج في أنحاء العالم أصبحت تنفذها شركات خدمات، وليس الشركات النفطية الكبرى كما كان في السابق.
وتعد كل من شركة هاليبيرتون وشليمبيرغر صاحبة النصيب الأكبر من عقود هذه العمليات. كما لاحظ البروفسور موغيري، أن هذه الشركات نفذت خفضاً كبيراً في ميزانيات البحث والتطوير.
وبالتالي فإن بعض شركات النفط الوطنية مثل بتروبراس البرازيلية وشركات الخدمات النفطية، أصبحت مساوية لها في الخبرة والتقنيات المستخدمة في الصناعة النفطية أو في بعض المجالات متفوقة عليها.
وأشار البروفسور موغيري إلى أن شركة بتروبراس البرازيلية أصبحت حالياً من الشركات القيادية عالمياً في تقنية حفر الآبار في المياه العميقة.
ويرى خبراء في الصناعة النفطية أن خفض إنفاق الشركات النفطية الكبرى في مجال الخبرات الهندسية، يعد من نقاط الضعف التي ضربت إستراتيجيات النمو أو على الأقل احتفاظ هذه الشركات بموقعها المتقدم في الصناعة النفطية.
إضافة إلى هذه العوامل فإن الشركات النفطية الأميركية، مثل إكسون موبيل تلكأت في دخول مجال كشوفات الغاز الطبيعي الصخري في أميركا، وصناعة الغاز الصخري الأميركية أثبتت أنها مربحة في السنوات العشر الأخيرة.
كانت الشركات النفطية الكبرى تعتقد أن مجال الغاز الصخري يحمل الكثير من المخاطرة، وربما يعرضها للخسارة وبالتالي تركت المجال لشركات الطاقة الصغيرة والمتوسطة، ولكن حينما درت صناعة الغاز الصخري أرباحاً، عادت لتدخل هذا المجال في العام الماضي.
ومثالاً على ذلك فإن شركة إكسون موبيل اشترت في العام الماضي شركة "إكس تي أو" بقيمة 41 مليار دولار.
وشركة "إكس تي أو" تعد من كبرى الشركات العاملة في مجال إنتاج الغاز الصخري، ولكن لسوء حظ شركة إكسون موبيل، فإنها جاءت متأخرة بعد قرب نفاد الوليمة، فقد انهارت أسعار الغاز الطبيعي منذ منتصف العام الماضي.
ويتراوح سعر الغاز الصخري حالياً بين أربعة وخمسة دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية، وكان في السابق فوق ثمانية دولارات للوحدة.
وهذا يعني أن هامش الربح الذي ستحققه إكسون موبيل سيكون ضئيلاً من هذه الصفقة إن لم يكن معدوماً.

المساهمون