5 مؤشرات اقتصادية خليجية جديرة بالمتابعة في 2024

5 مؤشرات اقتصادية خليجية جديرة بالمتابعة في 2024

09 يناير 2024
تقود قطر والسعودية والإمارات التوجه نحو التقنيات الجديدة في دول مجلس التعاون (Getty)
+ الخط -

لا تزال اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تتميز بأداء تفضيلي قياساً بالكثير من الدول، وثمة 5 ملفات تتعيّن على المراقب متابعتها في العام 2024، وفقاً لدراسة أجرتها "برايس ووتر هاوس".

"برايس ووتر هاوس كوبرز إنترناشونال المحدودة" هي علامة تجارية متعددة الجنسيات للخدمات المهنية، تعمل بعقود شراكة تحت العلامة التجارية "برايس ووترهاوس كوبرز" PWC، وهي ثاني أكبر شبكة خدمات احترافية في العالم وتُعد واحدة من شركات المحاسبة الأربع الكبرى، إلى جانب "ديلويت" Deloitte و"إرنست أند يونغ" EY و"كيه بي إم جي" KPMG.

ففي عام 2023، شهد الاقتصاد العالمي معدل نمو أبطأ، تميز بارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والتوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، ظل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي يتسم بمرونة لافتة.

كما أن انكماشا بالغة نسبته 2.8% في أنشطة القطاع النفطي عام 2023، والناتج عن التخفيضات المتتالية لإنتاج تحالف "أوبك+"، تم تعويضه إلى حد كبير من خلال التوسع في القطاع غير النفطي، والذي من المقدّر أنه نما 4.3% عام 2023، مدعوما بالاستثمارات الحكومية المرتبطة بمختلف أجندات التنويع الاقتصادي الجارية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.

ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس إلى 1.5% عام 2023، بعد نمو سنوي نسبته 7.9% عام 2022.

 وترصد دراسة "برايس ووتر هاوس" أهم 5 ملفات اقتصادية تعتقد أنها ستشكل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024:

1 - تباطؤ النمو العالمي ومرونة اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي

تشير التقديرات إلى نمو عالمي معتدل بنحو 3% عام 2023، أي أقل من 3.5% عام 2022. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يتراجع التضخم العالمي إلى 6.9%، نزولا من 8.7% عام 2022.

وقد وصلت أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ 17 عاما على مستوى العالم. ويمكن أن يُعزى ذلك إلى انخفاض أسعار الطاقة وتباطؤ الاستهلاك والاستثمار مع ارتفاع أسعار الفائدة، فضلا عن الآثار الأساسية الناجمة عن المقارنات السنوية.

ومن المتوقع أن تؤدي آثار السياسة النقدية المتشددة للحد من التضخم إلى تثبيط الاستهلاك والنشاط الاستثماري في العام 2024. ومن المتوقع حدوث تباطؤ طفيف عام 2024 للاقتصاد العالمي، مع وصول الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.9%، وهو أضعف نمو عالمي منذ عام 2001، باستثناء الأزمة المالية العالمية 2008 وذروة أزمة جائحة كورونا.

في المقابل، تستعد دول مجلس التعاون للتنقل بفعالية عبر الاقتصاد العالمي المتباطئ، مدعومة بتخفيض إنتاج نفط "أوبك+" والنمو القوي نسبيا في الأسواق الآسيوية الرئيسية بما في ذلك الهند (نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.3%) والصين (4.2%)، ومواصلة الاستثمار الحكومي في الاقتصاد بما يتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.7% في العام 2024.

ورغم أن المنطقة قد لا تكون محمية بالكامل من التباطؤ الاقتصادي العالمي، إلا أن هناك عدة أسباب تدعو إلى التفاؤل الحذر:

  • أولاً، من المتوقع أن تظل أسعار النفط أعلى من 80 دولارا للبرميل عام 2024. وفي حين أن التوقعات الاقتصادية العالمية البطيئة يمكن أن تؤثر في نمو طلب النفط، فإن النمو في الأسواق الآسيوية من المتوقع أن يزيد استهلاك النفط العالمي بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا عام 2024 مقارنة بعام 2023. ومن المقرر أيضا أن تتخلص السعودية تدريجيا من تخفيضات إنتاج النفط من جانب واحد. وستدعم هذه العوامل تعافي قطاع النفط عام 2024 وتدعم سلامة الأوضاع المالية، حيث من المتوقع أن يسجل الميزان المالي لدول المجلس مجتمعة فائضا بنسبة 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
  • ثانياً، سيظل القطاع غير النفطي محركا رئيسيا للنمو الاقتصادي في المنطقة، ومن المتوقع أن ينمو 4% عام 2024، مدفوعا بالزخم الإيجابي في قطاعي التجزئة والخدمات، مدعوما بالسيولة القوية ومبادرات الإصلاح المستمرة والطفرة السريعة في الاستثمارات الخاصة والحكومية. وستساعد هذه العوامل في تعويض آثار تباطؤ النمو لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين.
  • ثالثاً، وفقا لبيانات مؤشر مديري المشتريات من دول مجلس التعاون الخليجي - وهو مؤشر لثقة الأعمال ومؤشر رئيسي لأداء القطاع الخاص غير النفطي - تتمتع الاقتصادات الإقليمية بصحة نسبية وتحافظ على زخم إيجابي.
  • رابعاً، ظلت مؤشرات مديري المشتريات في الإمارات والسعودية باستمرار في المنطقة التوسعية منذ أعقاب جائحة كورونا، وتستمر في التفوق على المتوسط العالمي.

2 - توقع تخفيف السياسة النقدية بحلول نهاية العام نتيجة انحسار التضخم

التضخم آخذ في الانخفاض في معظم الدول، بما يعكس آثار السياسات النقدية المتشددة. ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضا ملحوظا في معدل التضخم العالمي إلى 5.8% عام 2024، نزولا من 6.9% في 2023.

وفي دول مجلس التعاون الخليجي، عاد التضخم في الغالب إلى مستويات ما قبل كورونا بعد سلسلة من ارتفاعات أسعار الفائدة، ومن المتوقع إلى 2.3% في المتوسط عام 2024، انخفاضا من 2.6% سنة 2023.

ومع تراجع معدلات التضخم، أصبحت نهاية دورة رفع أسعار الفائدة تلوح في الأفق. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي) اعتزامه الحفاظ على سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ضمن النطاق المستهدف الحالي الذي يتراوح بين 5.25% و5.5%.

وتتوقع الأسواق أيضا تخفيضات في أسعار الفائدة الرئيسية في النصف الأخير من عام 2024، مع استمرار تراجع الضغوط التضخمية.

وتتمتع دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد عملاتها غالبا على الارتباط بالدولار، بوضع يسمح لها بعكس هذه التخفيضات، مما سيساعد على خفض تكاليف التمويل وتحسين ظروف السيولة ودعم الاستهلاك والاستثمار الإقليميين.

ومع ذلك، فإن مخاطر التضخم مرجحة في الاتجاه الصعودي، مدفوعة بالصدمات الخارجية لأسعار السلع الأساسية والسلع الأخرى. مثلا، تعمل المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط على تعطيل التدفقات التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن. ويشير تحليل صندوق النقد الدولي إلى أن مضاعفة تكاليف الشحن قد تؤدي إلى زيادة التضخم بمقدار 0.7 نقطة مئوية.

3 - بروز السعودية كوجهة سياحية

تشهد السعودية نموا كبيرا كوجهة سياحية في السنوات الأخيرة، مدفوعا بالمبادرات والإصلاحات الطموحة في إطار "رؤية 2030" الهادفة إلى تحويل المملكة إلى واحدة من أكثر دول العالم استقطابا للزائرين.

كما أدت الاستثمارات المستمرة في البنية التحتية المتعلقة بالسياحة، بما في ذلك المطارات والفنادق ووسائل النقل، إلى تحسين التجربة السياحية الشاملة وسهولة الوصول إليها.

وعدت وزارة السياحة بحزمة استثمارية مدتها 10 سنوات بقيمة تريليون دولار لقطاع السياحة، حيث تهدف البلاد إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق بمقدار 310 آلاف غرفة بحلول عام 2030. وقد سهلت المملكة الحصول على التأشيرات السياحية، بما جعلها أكثر سهولة وملائمة للزوار المحتملين لدخول البلاد واستكشافها، مع الاستثمار بكثافة في استعادة مواقع التراث التاريخي والثقافي الغنية والترويج لها باعتبارها مناطق جذب سياحي، بما في ذلك مدينة العلا القديمة، وآثار مدائن صالح النبطية، ومدينة جدة التاريخية. كما تبنت الحكومة استراتيجية لجذب الاستثمار والإنفاق السياحي من خلال الفعاليات البارزة والسياحة الرياضية.

ومن المقرر إقامة عدد من الأحداث المهمة عام 2024، بما في ذلك سباق جائزة السعودية الكبرى لـ"الفورمولا 1" في جدة، إضافة إلى عدد من المؤتمرات ومؤتمرات القمة. وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تم اختيار المملكة لاستضافة معرض "إكسبو 2030" المقرر عقده في الرياض. وباعتبارها الدولة المضيفة الوحيدة لكأس العالم 2034، من المرجح أيضا أن يتم تأكيد السعودية لتكون الدولة المضيفة هذا العام من قبل الفيفا.

وقد أثرت هذه الجهود إيجابا بالفعل على صناعة السياحة في البلاد. فوفقا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، برزت المملكة كثاني أسرع الوجهات السياحية نموا في العالم بناء على عدد السياح الدوليين خلال الربع الأول من عام 2023، وهو العام الذي تقدر المملكة أنها استضافت خلاله 70 مليون زائر محلي و30 مليون زائر دولي.

ومن المتوقع أيضا أن تتضاعف مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023، من 3% في العام 2019، وهي في طريقها للوصول إلى الهدف البالغ 10% بحلول عام 2030. وتماشيا مع التوقعات الأخرى، فإن قطاع السياحة من المتوقع أن ينمو بنسبة 11% سنويا خلال العقد المقبل.

4 - الصعود السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي GenAI

من المتوقع أن تؤدي التطورات الأخيرة في "الذكاء الاصطناعي" AI، خاصة تطوير "الذكاء الاصطناعي التوليدي" GenAI، إلى خلق العديد من الفرص للشركات والمجتمع.

وإدراكا للأهمية المحتملة لهذه التحولات المقبلة، تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي بنشاط في مبادرات البحث والتطوير التي تركز على تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث تقود قطر والسعودية والإمارات التوجه نحو التقنيات الجديدة التي تتوافق مع أهداف أجندات التحول الخاصة بكل منها.

فقد أبرمت "جي 42" G42، وهي مجموعة تكنولوجية قابضة مقرها الإمارات، شراكة مع OpenAI أواخر عام 2023، لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي للإمارات والسوق الإقليمية بالاستفادة من نماذج GenAI الخاصة بـ OpenAI.

توازيا، قادت "جي 42" أيضا تطوير Jais، وهو نموذج ثنائي اللغة يضم 13 مليار معلمة وأول نموذج لغة عربية كبير عالي الجودة (LLM) في العالم. وبالمثل، يستثمر معهد الابتكار التكنولوجي (TII) بكثافة في برنامج Falcon 180B LLM.

كما أطلقت السعودية أيضا مسرّع GenAI (GAIA) بصندوق بقيمة 160 مليون دولار للاستثمار في الشركات الناشئة في مرحلة مبكرة من GenAI، في حين دخلت شركة "إنفست قطر" في شراكة بالتعاون مع Microsoft Azure لتطوير Ai.SHA، وهو مساعد الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه مساعدة الشركات والمستثمرين على فهم المشهد الاستثماري في قطر بشكل أفضل واتخاذ القرارات الاستثمارية.

وفي العام 2024، من المتوقع أن تسارع الاعتماد على GenAI في المنطقة، لا سيما في قطاعات الرعاية الصحية والمالية والإعلام والتكنولوجيا، التي تتميز بكثافة عالية في البحث والتطوير والتفاعلات المتكررة مع العملاء.

كما من المتوقع أن تتحقق تأثيرات GenAI من خلال تحويل القوى العاملة إضافة إلى أتمتة الذكاء الاصطناعي. ومن خلال تمكين القوى العاملة بالأدوات والتدريب على تقنيات GenAI، ستتم زيادة معارف الموظفين وقدراتهم بشكل كبير، خاصة في المجالات التي تتطلب الإبداع وتحليل البيانات.

ومن ذلك في سياق البحث والتطوير، سيمكن GenAI الباحثين من تحليل مجموعات البيانات الكبيرة بشكل أكثر كفاءة وسهولة.

وسيساعد تنفيذ أتمتة الذكاء الاصطناعي في تبسيط العمليات التنظيمية، فضلا عن تعزيز العمليات التجارية الهامة وتقديم تجارب متميزة للعملاء. مثلا في خدمة العملاء، يمكن لـGenAI إحداث ثورة في هذا القطاع من خلال توفير المساعدة الآلية والشخصية.

وكما هو الحال مع الذكاء الاصطناعي، فإن اعتماد GenAI على نطاق واسع ينطوي أيضا على مخاطر. وتشمل هذه القضايا القانونية وقضايا الملكية الفكرية المتعلقة بملكية المحتوى الذي تم إنشاؤه، إضافة إلى التعقيد والافتقار إلى الشفافية بشأن نماذج GenAI التي تجعل فهم عملية صنع القرار الخاصة بها أمرا صعبا.

ويؤدي استخدام بيانات العملاء أيضا إلى خلق مخاطر أخلاقية وتنظيمية محتملة، فضلا عن الحاجة إلى مراقبة ومعالجة مخاطر التحيز في النماذج الأساسية. ويمكن توقع المزيد من التطورات التنظيمية لإدارة هذه المخاطر في جميع أنحاء المنطقة هذا العام.

5 - بروز دول مجلس التعاون الخليجي كلاعب رئيسي في تحوّل الطاقة العالمي

تتمتع المنطقة بفرصة تسريع وتيرة الاستثمارات في مصادر الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة. لا تزال نسبة مصادر الطاقة المتجددة ضمن إجمالي قدرة توليد الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي ضئيلة، إذ تشكل 3% فقط من إجمالي إنتاج الطاقة.

وبحسب التقرير، تتصدر الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتم توليد نحو 14% من الطاقة في البلاد من مصادر متجددة. ويمثل هذا ما يقرب من 60% من إجمالي قدرة الطاقة المتجددة في المنطقة. وتُنتج السعودية حاليا أقل من 1% من إجمالي إنتاج الطاقة من مصادر متجددة وتحتاج إلى مواصلة دفع الجهود لتحقيق أهداف إزالة الكربون.

بالنسبة للسعودية، إلى جانب بقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الكثير من هذه الاستثمارات في الطاقة المتجددة يجب أيضا أن يتم تنفيذها في البداية، لأسباب ليس أقلها أن الأمر يستغرق وقتا طويلا حتى تبدأ القدرة على الإنتاج، لكن أيضا لأنه من الضروري دعم إزالة الكربون من مصادر الطاقة النهائية.

ورغم أن التقدم كان بطيئا، فمن المتوقع أن تنمو القدرة الإضافية على توليد الطاقة المتجددة في العام 2024، بما يتماشى مع الطموحات الوطنية. كما من المرتقب أن تعمل منشأة تحويل النفايات إلى طاقة في دبي بكامل طاقتها هذا العام، لتولد ما يصل إلى 220 ميغاوات من الكهرباء بإمكانها توفير الطاقة لـ135 ألف منزل في المنطقة.

كما من المتوقع أن يبدأ تشغيل مشروع ليلي للطاقة الشمسية الكهروضوئية التابع لشركة "أكوا باور" في الرياض خلال عام 2024.

المساهمون