حصاد 2023: من الذكاء الاصطناعي إلى التضخم إلى نجاح النقابات العمالية

حصاد 2023: من الذكاء الاصطناعي إلى التضخم إلى نجاح النقابات العمالية

20 ديسمبر 2023
لم يواجه الاقتصاد العالمي الركود في 2023 رغم رفع الفائدة (Getty)
+ الخط -

شهد العام 2023 الذي شارف على الانتهاء، أحداثا اقتصادية هامة، منها تحول المد ضد التضخم، والانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي، ونجاح النقابات العمالية في الاستفادة من قوتها المتنامية لجني مكاسب أكبر على صعيد الأجور ومزايا أكثر سخاء.

كما شهد العام أيضا تطورات مهمة في منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة "تويتر" بعد استحواذ الملياردير إيلون ماسك عليها وتغيير اسمها إلى إكس "X" وما تبعه من تغييرات في سياسات النشر عليها.

وهذه بعض من بين أهم الأحداث الاقتصادية في حصاد 2023.

الغضب ضد التضخم

قضى الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) وأغلب البنوك المركزية الكبرى الأخرى معظم العام في استخدام سلاح أسعار الفائدة في مواجهة أسوأ موجة من التضخم يواجهها العالم منذ أربعة عقود.

اندلعت الأزمة عامي 2021 و2022 خلال خروج الاقتصاد العالمي من الجائحة، التي أدت إلى نقص الإمدادات وتعقد سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار. وزادت حدة الأزمة عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022. 

وبحلول نهاية عام 2023، بدأ الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا في التقاط الأنفاس. وأدت الزيادات الشرسة في أسعار الفائدة إلى انخفاض التضخم عن الذروة التي بلغها عام 2022، عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب بسرعة بالغة مع زيادة حادة في الأسعار.

وفي الولايات المتحدة، أسعد صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي مستثمري "وول ستريت" عندما أشاروا في ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى أن العام 2024 سيكون على الأرجح عام خفض أسعار الفائدة، وليس رفع أسعار الفائدة.

وتحدث بنك إنكلترا والبنك المركزي الأوروبي بنبرة أكثر حذرا، في إشارة إلى أن التضخم سيظل، على الرغم من اتجاهه نحو الانخفاض، أعلى من هدفه.

وتساءلت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أمام الصحافيين: "هل يجب أن نتنازل عن حذرنا؟ نحن نسأل أنفسنا هذا السؤال. لا، لا ينبغي لنا على الإطلاق أن نتنازل عن حذرنا”.

ووجد مجلس العلاقات الخارجية، الذي يتتبع أسعار الفائدة في 54 دولة، أن البنوك المركزية تحولت بقوة نحو التضخم في ربيع عام 2022. ووجد المجلس أن السياسات لا تزال متشددة، لكن الموقف العام لمكافحة التضخم تراجع.

الذكاء الاصطناعي يسود

دخل الذكاء الاصطناعي إلى الوعي العام هذا العام، ولكن رغم قدرة هذه التكنولوجيا المبهرة على استرجاع المعلومات أو إنتاج نصوص قابلة للقراءة، إلا أنها لم تضاهِ بعد الخيال العلمي في أذهان الناس عن الآلات الشبيهة بالبشر.

كان "تشات جي بي تي" هو العامل الذي حفز عاما من ضجة الذكاء الاصطناعي. فقد منح برنامج الدردشة الآلي العالم لمحة عن التقدم في علوم الحاسبات، حتى وإن لم يتعلم الجميع كيفية عمله أو كيفية الاستفادة منه على أفضل وجه.

تصاعدت المخاوف عندما هددت هذه المجموعة الجديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي سبل عيش الكتاب أو الرسامين أو العازفين أو المبرمجين.

وساعدت قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى أصيل في تأجيج الإضرابات التي قام بها كتاب وممثلو هوليوود، ودعاوى قانونية أقامها المؤلفون أصحاب الكتب الأكثر مبيعا.

وبحلول نهاية العام، انتقلت أزمات الذكاء الاصطناعي إلى شركة "أوبن إيه آي"، مبتكرة تشات "جي بي تي"، وإلى غرفة اجتماعات في بلجيكا، حيث خرج قادة الاتحاد الأوروبي بعد أيام من المحادثات للتوصل إلى اتفاق ضمانات قانونية رئيسية للذكاء الاصطناعي.

ماسك يعيد تسمية منصة تويتر

قبل أكثر من عام بقليل، دخل إيلون ماسك إلى المقر الرئيسي لشركة "تويتر" في سان فرانسيسكو، وقام بإقالة الرئيس التنفيذي للشركة وغيره من كبار المسؤولين التنفيذيين، وبدأ في تحويل منصة التواصل الاجتماعي إلى ما يعرف الآن باسم "إكس".

ومنذ ذلك الحين، تعرضت الشركة لوابل من مزاعم المعلومات المضللة، وتكبدت خسائر إعلانية كبيرة، وعانت من تراجع عدد مستخدميها.

توقفت شركات "ديزني" و"كومكاست" وغيرها من كبار الشركات عن الإعلان على "تويتر" بعد أن أصدرت المجموعة الحقوقية الليبرالية "ميديا ماترز" تقريرا يشير إلى أن إعلاناتها كانت تظهر إلى جانب مواد تشيد بالنازيين.

وأقامت شركة "إكس" دعوى قضائية ضد المجموعة، مدعية أنها "زورت" التقرير من أجل "إبعاد المعلنين عن المنصة وتدمير شركة إكس".

بلغت المشاكل ذروتها عندما أدلى "ماسك" بحديث مليء بالألفاظ البذيئة في مقابلة حول الشركات التي أوقفت إعلاناتها على منصة إكس.

وأكد ماسك أن "المعلنين الذين انسحبوا يسعون إلى ابتزاز الشركة"، وباستخدام لغة نابية قال لهم " اغربوا عن وجهي".

فوضى العملات المشفرة

إذا كان عام 2022 هو العام الذي انهارت فيه صناعة العملات المشفرة، يبدو أن عام 2023 سيكون امتدادا لذلك.

إذ هيمنت الإدانات والتسويات القانونية على عناوين الأخبار الرئيسية لهذا العام، حيث تبنى المنظمون في واشنطن موقفا أكثر عدوانية تجاه هذا المجال.

ودانت هيئة محلفين سام بانكمان فرايد، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لبورصة العملات المشفرة "إف تي إكس"، بتهمة الاحتيال عبر الإنترنت وست تهم أخرى.

وبعد أسابيع، وافق مؤسس منصة "بيانسي"، تشنغ بنغ تشاو، على الإقرار بالذنب في تهم غسل الأموال في إطار تسوية بين السلطات الأميركية والبورصة.

ومن بين شركات العملات المشفرة الأخرى ذات الوزن الثقيل التي واجهت مشاكل قانونية كانت شركات "كوين بيز" و"جيمني" و"جنسيس".

لكن التكهنات بشأن إمكانية اكتساب العملات المشفرة المزيد من الشرعية بين المستثمرين ساعدت في مضاعفة سعر البيتكوين.

وبعد سنوات من التأخير، يتوقع أن يوافق المنظمون في النهاية على إنشاء صندوق للتداول في البورصة بالبيتكوين.

ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا كافيا للحفاظ على ارتفاع أسعار عملة البيتكوين على المدى الطويل.

مرونة الاقتصاد العالمي

خلال السنوات الثلاث الماضية، تلقى الاقتصاد العالمي ضربة تلو الأخرى: جائحة مدمرة، وارتباك أسواق الطاقة والحبوب نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، وعودة التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة.

برغم ذلك استمر الناتج الاقتصادي في النمو عام 2023، ولو بشكل متواضع. وتزايد التفاؤل بشأن "تراجع سلس" - وهو السيناريو الذي تسعى فيه أسعار الفائدة المرتفعة الى ترويض التضخم دون التسبب في ركود.

وأشادت مديرة صندوق النقد الدولي بالاقتصاد العالمي لما يتمتع به من "مرونة ملحوظة".

وقادت الولايات المتحدة الطريق، ففي تحد للتوقعات بتسبب ارتفاع أسعار الفائدة في حالة من الركود في الولايات المتحدة، واصل أضخم اقتصاد في العالم نموه. وحافظ أصحاب الشركات، مدعومين بإنفاق استهلاكي قوي، على توفير فرص العمل بمعدلات جيدة.

برغم ذلك، تفرض الصدمات المتتالية قيودا على النمو، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع نمو الاقتصاد العالمي من 3% كانت متوقعة لهذا العام إلى 2.9% فقط في 2024.

ومصدر القلق الرئيسي هو ضعف الصين، ثاني أضخم اقتصاد في العالم، والتي يواجه نموها عوائق بسبب انهيار سوق العقارات، وتراجع ثقة المستهلك وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

(أسوشييتد برس)

المساهمون