3 أزمات تهدّد خبز التونسيين أبرزها ضعف مخزون الحبوب

3 أزمات تهدّد خبز التونسيين: ضعف مخزون الحبوب وضغوط الأسعار وزيادة الهدر

22 ديسمبر 2021
إهدار خبز ومعجنات بقيمة 35 مليون دولار سنوياً (فرانس برس)
+ الخط -

بات خبز التونسيين مهدداً بعد زيادات متصاعدة في أسعار الحبوب بالسوق العالمية وعدم كفاية المخزونات المحلية، ما دفع الحكومة مؤخرا إلى زيادة أسعار الحبوب عند الإنتاج بعد سنوات من المماطلة تحسّبا لاستمرار أزمة نقص المعروض في الأشهر المقبلة.

مؤخرا، أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عن رفع أسعار الحبوب للإنتاج المحلي بالنسبة للموسم الزراعي 2021/ 2022 بزيادة قدرت بـ13 دينارا للقنطار الواحد لكل أصناف الحبوب. وقالت وزارة الزراعة في بيان لها، إن هذا الرفع "يندرج في إطار الحرص على توفير الظروف الملائمة لإنجاح موسم الزراعة، ودعم الفلاحين النشطين في قطاع الزراعات الكبرى وتحفيزهم من أجل تطوير الإنتاج".

أزمة المخزونات

وتسعى السلطات التونسية عبر زيادة سعر الحبوب عند الإنتاج إلى تفادي أزمة مخزونات القمح التي قد تنتج عن مزيد من تراجع الإنتاج المحلي الذي أثرت فيه مواسم الجفاف وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج، ما تسبب في إقصاء صغار الفلاحين من نشاط الزراعات الكبرى.
لكن تونس تواجه صعوبات سداد فواتير وارادات القمح، إذ أكد كاتب عام النقابة الأساسية لديوان الحبوب (المورد الحكومي للقمح)، عادل مرزوق، أن الديوان عاجز عن سداد فواتير 4 شحنات من الحبوب لا تزال البواخر التي تحملها راسية في عرض البحر فيما تتحمل الدولة خسائر يومية عن انتظار البواخر.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وقال مرزوق لـ"العربي الجديد" إن 4 بواخر وصلت في تواريخ مختلفة منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وديسمبر/ كانون الأول الجاري محملة بشحنات قمح صلب وقمح لين وشعير راسية في المنطقة المكشوفة قبالة جزيرة قرقنة من محافظة صفاقس في انتظار سداد رسوم الشحنات والإذن بتفريغها.
وأشار مرزوق إلى أنه لم يتم خلاص هذه البواخر لتفريغها، مما سيتسبّب في خسائر يومية في شكل رسوم تأخير تتراوح بين 10 و20 ألف دولار على كل باخرة، مؤكدا أن الشحنات موزعة بين 25 ألف طن من الحبوب والثانية 26 ألف طن والثالثة 18 ألف طن والرابعة 8 آلاف طن.
وتعتبر منظمة المزارعين أن الزيادة في سعر الحبوب لا تزال دون المأمول رغم أهميتها، معتبرة أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والسيادة الغذائية يتطلبان اعتماد آلية السعر المتحرك بالنظر إلى تواصل ارتفاع سعر كلفة الإنتاج.

عضو منظمة المزارعين المكلف بالزراعات الكبرى، محمد رجايبية، قال لـ"العربي الجديد" إن الزيادة في سعر الحبوب عند الإنتاج في بداية موسم البذر تمنع جزئيا انسحابات جديدة للفلاحين من النشاط، مؤكدا أن عوامل مناخية وأخرى ناتجة عن كلفة الإنتاج تسببت في تراجع مستوى الإنتاج المحلي من الحبوب في السنوات الأخيرة.

واعتبر رجايبية أن الزراعات الكبرى هي أهم عنصر في الأمن الغذائي للتونسيين الذين يستهلكون أكثر من 70 بالمائة من القمح اللين المورد و50 بالمائة من القمح الصلب القادم من وراء البحار، مشيرا إلى أن تحسين المردودية المالية للمزارعين يحفّز على الإنتاج. لكن عضو منظمة المزارعين يطالب بحلول جذرية لإنهاء أزمة إنتاج الحبوب، وذلك عبر اعتماد آلية السعر المتحرك وفقا للسعر العالمي، لتجنّب أزمة المخزونات وارتدادات الزيادات في السوق العالمية على الموازنة العامة للدولة واحتياطي النقد الأجنبي.

من أكبر المستوردين

تعتبر تونس من بين أكبر البلدان المستوردة للحبوب، حيث تتراوح احتياجات البلاد من هذه المادة الحيوية بين 30 و32 مليون قنطار سنويا، ولا تنتج منها إلا 10 ملايين قنطار، ويعود ذلك بالأساس إلى خلل منظومتي الاستهلاك والدعم.
وتواجه تونس صعوبات سداد فواتير واردات القمح، حيث أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن السلطات التونسية لم تتمكن من تفريغ شحنة قمح وصلت إلى ميناء صفاقس في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي محملة بـ 25 ألف طن، وذلك بعد تمسك المزود بالدفع المسبق للشحنة.

لكن ديوان الحبوب المورّد الحصري للحبوب التي يصنع منها غذاء التونسيين، قال إنه بصدد الاستعداد للفرص المتاحة قصد مواصلة برنامج شراءاته، لتأمين حاجيات البلاد من هذه المادة إلى غاية نضج محصول 2022.

وقالت وكالة رويترز مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي إن تجاراً أوروبيين أفادوا بأن الديوان الوطني للحبوب، المشتري الحكومي للحبوب في البلاد، طرح مناقصة دولية لشراء علف الشعير، إضافة إلى مناقصات سبق الإعلان عنها لشراء قمح لين وصلد. وذكروا أن مناقصة علف الشعير تطلب شحنات حجم الواحدة نحو 25 ألف طن من كمية إجمالية تصل إلى 100 ألف طن.

كما أضافوا أن الشحن مطلوب في فترات مختلفة بين الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل و15 فبراير/ شباط، وفقا للمنشأ. وتستورد تونس قرابة 70 بالمائة من حاجياتها من الحبوب، وذلك بالأسعار العالمية التي شهدت في الأشهر الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، ليتجاوز سعر القنطار 110 دنانير عند وصوله إلى البلاد، علما أن استيراد القمح يكلف الدولة ما بين 1.6 و2 مليار دينار سنويا تسددها تونس بالعملة الأجنبية، (الدينار = 2.85 دينار).

إهدار الخبز

 

ورغم ضعف المخزونات وتقلص الإنتاج المحلي لا تزال الأسر التونسية تهدر خبزا ومعجنات بقيمة 35 مليون دولار سنويا.
وحسب دراسة لمعهد الاستهلاك الحكومي، تتصدر مادة الخبز قائمة المواد الغذائية المبذرة (المهدرة) في البلاد، حيث يتم إلقاء 113 ألف طن منها سنوياً، بمعدل 42 كيلوغراماً لكل أسرة. تخسر الأسر التونسية سنويا ما قيمته 321 دولارا من تبذير الخبز، فيما تتكبد الدولة 35 مليون دولار جراء تبذير الخبز المصنوع من الحبوب الموردة، وفق الدراسة.
وأفاد تقرير عن منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، بأن واردات تونس من الحبوب لموسم 2020/ 2021 ستزداد بنسبة 20 بالمئة مقارنة مع الموسم السابق، وذلك إلى 3.8 ملايين طن. وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن ذلك يعود للتوقعات بتراجع محصول الحبوب بواقع الثلث هذا العام.

المساهمون