مصر: قرض جديد من صندوق النقد يخالف الدستور

مصر: قرض جديد من صندوق النقد يخالف الدستور

07 يونيو 2020
الديون تقفز لما يقرب ثلاثة أمثالها منذ وصول السيسي(Getty)
+ الخط -

واصل نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي انتهاك مواد الدستور، من خلال إبرام حكومته اتفاقاً جديداً مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه على قرض جديد بقيمة 5.2 مليارات دولار، عقب أقل من شهر على حصول مصر على تمويل طارئ من الصندوق بقيمة 2.77 مليار دولار، في مخالفة صريحة لنص المادة 127 من الدستور المصري.

ونصت المادة الدستورية، وفق مصادر برلمانية على أنه "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة، يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب (البرلمان)".

واشترطت المادة وجوب موافقة البرلمان على أي اتفاقية اقتراض قبل توقيعها من قبل الحكومة، وليس بعد ذلك، بينما لم تحل الحكومة المصرية أياً من الاتفاقين الموقعين مع صندوق النقد إلى مجلس النواب حتى الآن، والذي يستأنف جلساته هذا الأسبوع لمناقشة بعض التعديلات التشريعية المقدمة من الحكومة، بعد توقف دام 20 يوماً بسبب تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا، وإصابة 8 من نوابه بالفيروس، بخلاف 7 آخرين من الموظفين والصحافيين المعتمدين لدى المجلس.

وفي 12 مايو/ أيار الماضي، أعلن البنك المركزي المصري تسلمه مبلغ 2.77 مليار دولار من صندوق النقد، وهو ما يعادل 100 في المائة من حصة مصر وفقاً لأداة التمويل السريع، بهدف احتواء التداعيات الناجمة عن أزمة فيروس كورونا، لتصل قيمة القروض الإجمالية التي حصلت عليها مصر من الصندوق إلى نحو 8 مليارات دولار، فضلاً عن 12 مليار دولار حصلت عليها سابقاً.

وتستهدف مصر من وراء الاقتراض الخارجي وقف نزيف احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، والذي تراجع بقيمة 8.5 مليارات دولار خلال شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان الماضيين. ووصل الاحتياطي إلى 37.037 مليار دولار في نهاية إبريل، مقابل 45.5 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط.

وعمقت تداعيات كورونا من الأضرار الاقتصادية للبلد الذي اعتمدت ماليته خلال السنوات الست الماضية على الاقتراض بشكل غير مسبوق لسد عجز الموازنة المتفاقم والإنفاق على مشروعات ضخمة تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد خبراء اقتصاد أنها من دون جدوى اقتصادية، على رأسها إنشاء عاصمة إدارية جديدة للبلاد في صحراء شرق العاصمة القاهرة وشق تفريعة جديدة لقناة السويس ومد جسور ورصف طرق شابتها عمليات فساد حيث انهار بعضها خلال هطول أمطار غزيرة خلال الأشهر الأخيرة.

وبحسب بيان صادر عن صندوق النقد الدولي، مساء الجمعة الماضي، فإن موافقته على منح مصر تمويلًا جديداً بقيمة 5.2 مليارات دولار لمدة عام يأتي لمساعدة البلاد على التخفيف من الأثر الاقتصادي لوباء كورونا. وقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي أوما راماكريشنان في بيان، إنّ القاهرة طلبت المساعدة في إطار ما يُعرف ببرنامج الاستعداد الائتماني، وذلك من أجل دعم جهودها "للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلّي وسط صدمة كوفيد-19، مع الاستمرار في دفع الإصلاحات الهيكليّة الرئيسية" قدماً.

وأضافت أن "هذا سيحمي المكاسب التي حقّقتها مصر على مدى الأعوام الثلاثة المنصرمة، ويضع البلاد في موقف قوي من أجل التعافي الاقتصادي المستدام إضافة إلى تحقيق نموّ أعلى وأكثر شمولًا وخلق وظائف على المدى المتوسّط".

كما أنّ ذلك سيفتح الباب أمام الحصول على تمويل من مُقرضين آخرين ويساعد في دعم خلق الوظائف من قبل القطاع الخاص. ويهدد فيروس كورونا مصر بالتخلف عن سداد الديون، بعد إصابته قطاعات حيوية تمثل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي للبلاد، على رأسها السياحة، وتحويلات المغتربين في الخارج.

وقال رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، في وقت سابق، إن "بلاده لديها الحق في مناقشة المؤسسات الدولية لوقف فوائد الديون الخارجية، أو تعليق سدادها على الأقل في ظل أزمة كورونا".

وكانت مصر قد أبرمت اتفاقاً مع صندوق النقد في نهاية عام 2016، حصلت بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، في مقابل فرض بعض الإجراءات الاقتصادية الصعبة، ومنها تحرير سعر الصرف، وإلغاء الدعم تدريجياً على الوقود والكهرباء، وخفضه على خدمات أخرى، فضلاً عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض أعداد العاملين في جهاز الدولة.

وقفز الدين الخارجي في مصر بنسبة تبلغ 145% منذ وصول السيسي إلى الحكم، إذ لم يكن يتجاوز 46 مليار دولار منتصف عام 2014، ووصل إلى 112.67 مليارات دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، في حين تلتزم مصر بسداد نحو 18.6 مليار دولار خلال العام الجاري، وهو مجموع الأقساط والفوائد التي تتحملها الدولة.

وقفز سعر صرف الدولار في البنوك إلى مستويات هي الأعلى منذ نحو 7 أشهر في ظل شح موارد النقد الأجنبي التي انحسرت بفعل توقف السياحة وتراجع عائدات قناة السويس وانخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وكسر سعر العملة الأميركية حاجز 16.15 جنيها في البنوك بنهاية الأسبوع الماضي، الأمر الذي اعتبره الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب متوقعا في ظل الظروف الحالية، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد إلى أن مواصلة الدولار الصعود خلال الفترة المقبلة أمر مرجح في ظل التوقعات باستمرار تداعيات كورونا.

المساهمون