الوعود الحكومية لم تنقذ قرى مصر من براثن الفقر

الوعود الحكومية لم تنقذ قرى صعيد مصر من براثن الفقر

04 ديسمبر 2019
القرى الفقيرة تفتقر للمدارس والوحدات الصحية ومراكز الشباب(فرانس برس)
+ الخط -
على بقعة زراعية تضم أراضي ينبت فيها القمح والذرة الى جانب أراضٍ خاوية وقرب مدرسة ابتدائية متهالكة تقع على طريق بالكاد يصلح لسير السيارات، يعيش الآلاف في النهايا، إحدى القرى الأكثر فقرا في مصر، آملين أن تؤتي مبادرة رئاسية لتحسين أوضاعهم ثمارها.
تقع قرية النهايا على بعد حوالى 400 كلم جنوب القاهرة في محافظة أسيوط التي تعتبر المحافظة الأكثر فقرا في البلاد، حسب أحدث إحصاءات الفقر الرسمية في البلاد.

وتقول فتاة عشرينية تخرج من بوابة "مدرسة النهايا الابتدائية" لوكالة "فرانس برس"، "هل جئتم لإعداد موضوع صحافي عن الفقر في النهايا؟.. الحالة نيلة خالص (سيئة جدا)".

وتضيف بدون أن تذكر اسمها "أنا لست معلمة هنا، بل أؤدي الخدمة العامة، لكننّي أرى التلاميذ يجلسون على مقاعد متهالكة، هناك 45 طفلا في الفصل الواحد، وهناك نقص في عدد المعلمين".


حياة كريمة
في منزل مبني من الطوب الأحمر والطيني وبسقف مصنوع من القش وجذوع الشجر، جلست هانم زناتي، الأرملة العجوز ذات الـ 75 عاما، على سريرها المتواضع غير المريح وحيدة في بيتها، وراحت تشكو الفقر والمرض.

وتعاني زناتي من كسر في عظمة رسغ يدها بعدما سقطت عليها منذ بضعة أشهر ولم تتمكن من علاجها حتى الآن لعدم توفر المال.

وتقول باستغراب "قالوا (المسؤولون) لي اهدمي المنزل وسوف نبني لك واحدا جديدا.. هل يتخيلون أنني قادرة على ذلك؟!"، مضيفة "أنا لا أريد شيئا سوى ثلّاجة وسرير صغير يناسبني"، موضحة أنها تعيش على معاش زوجها بقيمة 700 جنيه شهريا (43,4$) ولا تتقاضى غيره.

بالقرب من المدرسة، كان عمدة القرية جمال ثابت مرتديا جلبابه الفضفاض ويجلس على أريكة خشبية تحت سقيفة من القش وسط حقله المحاط بأراضي القرية.

ويقول العمدة "إن مسؤولي مبادرة حياة كريمة أتوا وتفحّصوا المنازل والطلبات ثم أرسلوا لنا الجمعيات الخيرية، ولكن حتى الآن لم يتغيّر شيء"، مضيفا أن القرية التي يقطنها حاليا 10600 شخص "لا تملك مدرسة إعدادية أو ثانوية ولا توجد فيها وحدة صحية أو مركز للشباب. هناك فقط مدرسة ابتدائية ومخبز لا يكفي إنتاجه الجميع".

ويتابع "طالبنا المبادرة بتخصيص أرض ضمن أملاك الدولة لبناء مدرسة أخرى، لأن أقرب مدرسة إعدادية أو ثانوية تقع على بعد نحو أربعة كيلومترات من القرية". ولا يتحمل معظم الأهالي كلفة المواصلات.

ويوضح أن كثيراً من منازل القرية يحتاج إلى ترميم أو أسقف، مشيرا الى أن معظم أهالي القرية يعملون في الزراعة بمردود يومي يتراوح بين 70 و80 جنيهاً (4,3$) لكل منهم.

قرية النهايا في صعيد مصر (محمد الشاهد/ فرانس برس) 

أمّا عن شباب القرية، فيقول إنهم "يهاجرون إلى الشمال مثل القاهرة والإسكندرية والسويس للبحث عن عمل"، مشيرا إلى أن القرية تعاني قصورا في إمدادات المياه والكهرباء ولا تمتلك نظاما للصرف الصحي.

في إحدى حارات القرية الترابية، يقف محمد مصطفى (31 عاما) قرب نافذة دكانه الصغير المظلم وقد نثرت خلفه بعض البضائع والبقالة القديمة على رفوف خشبية يغطيها الغبار.
ويقول متكئا على حافة النافذة وشاكيا من آلام في ظهره "كل ما أحتاجه هو غرفتان ومطبخ وحمام، فأنا أعيش أنا وأسرتي في منزل سقفه متهالك ومهدد بالسقوط".

ويضيف محمد، وهو أب لخمسة أطفال، "أنا آخذ معاش التكافل (الاجتماعي) وهو يبلغ 400 جنيه (نحو 25$) ولكنه لا يكفى حتى لتكاليف علاج ظهري".

في المقابل، يقول مسؤول "المبادرة الرئاسية" في محافظة أسيوط خالد عبد الناصر إن من أسباب تأخر نتائج المبادرة "البيروقراطية الإدارية"، ويشير إلى أن "مساعدة الأسر الفقيرة وترميم منازلها تستلزمان موافقة الجهات الإدارية المعنية"، "لكن تم تحديد كافة الأسماء التي تحتاج إلى مساعدة" في النهايا، كما "تم الانتهاء من تخصيص الأرض لبناء مدرسة".

خلف المدرسة الابتدائية كنيسة قيد الإنشاء ذكر الحارس أن العمل فيها متوقف، وإلى جوار المدرسة أيضا ترتفع أربعة جدران لبناء غير مكتمل إلى جانبه لافتة كتب عليها "يتم بحمد الله (بالتبرعات) بناء مسجد سيدنا الحسين بقرية النهايا". ويقول أحد سكان القرية "هذا البناء لا تقدم فيه منذ أربعة أشهر .. لا أحد يملك المال".

(فرانس برس)

دلالات

المساهمون