أسواق غزة تعود للانتعاش مع صرف المنح القطرية

أسواق غزة تعود للانتعاش مع صرف المنح القطرية

11 نوفمبر 2018
جانب من صرف الرواتب لموظفي غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تشهد أسواق قطاع غزة هذه الأيام، حركة تجارية نشطة بعد فترة طويلة من الركود الذي سيطر عليها في العامين الأخيرين، مع بدء صرف المنحة القطرية لآلاف الموظفين التابعين لحكومة غزة السابقة التي تديرها حركة "حماس"، والمساعدات الإنسانية للفقراء، وهو ما انعكس إيجاباً على الحركة التجارية وعاد النشاط تدريجياً لحركة البيع والشراء في أسواق غزة.

ولم تُخيب أخبار صرف رواتب الموظفين، توقع البائع محمود القوقا بنشاط حركة الشراء، والذي يؤكد أنه قد اشترى كميات مضاعفة من المستلزمات الغذائية، مع بدء عملية صرف الرواتب عبر فروع "بنك البريد" في غزة.

ويقول القوقا لـ"العربي الجديد": "بالتأكيد صرف الرواتب والمساعدات المالية للناس، حركت السوق بشكل واضح هذه الفترة، مقارنة بالفترة الماضية التي كانت الحركة الشرائية فيها شبه معدومة، نتمنى أن تذهب الأمور إلى مزيد من التحسينات، لأن ذلك ينعكس على الكل الفلسطيني، بائعين ومستهلكين وتجاراً".

وتلقى آلاف الموظفين المدنيين التابعين لحكومة غزة السابقة رواتبهم أخيراً، من المنحة القطرية المقدمة لهم، في وقت أصبح من المتوقع أيضاً، أن يتم تنفيذ مشاريع دعم قطرية أخرى للفئات المهمشة في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006.

وتحركت أسواق غزة أيضاً، بفعل المنحة التي تم البدء في صرفها لنحو 50 ألف أسرة أيضا في القطاع بقيمة إجمالية تصل إلى خمسة ملايين دولار أميركي، جرى اختيار المستفيدين منها، من غير موظفي حكومة غزة السابقة أو السلطة الفلسطينية أو حتى المستفيدين من برنامج وزارة التنمية الاجتماعية، وحتى العاملين في القطاع الخاص ومن يمتلكون سجلاً تجارياً.

وأعلنت وزارة المالية بغزة في بيان صحافي، تفاصيل عملية الصرف الخاصة بالموظفين، حيث ستقوم بصرف راتب كامل للموظفين المستفيدين من المنحة ولم يستلموا دفعة راتب يوليو/ تموز، على أن يتم الصرف لهم بواقع 50% في الأشهر الخمسة التالية.

إنعاش جيوب الموظفين وغيرهم من سكان القطاع المحاصر إسرائيلياً من شأنه أيضا أن يعيد عجلة الاقتصاد إلى الدوران، بعد أن اقتربت من التوقف تماما خلال الأشهر الماضية، وسط تصاعد التحذيرات من انهيار اقتصادي للقطاع المحاصر.

ويقدر عدد الموظفين في قطاع غزة الذين يعملون بمختلف الوزارات والمنشآت الحكومية بنحو 43 ألف موظف، جرى تعيينهم في أعقاب أحداث الانقسام الداخلي عام 2007 ضمن الحكومة التي كان يترأسها سابقاً رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس إسماعيل هنية.

ولطالما شكّل الموظفون على وجه الخصوص، محوراً أساسياً في تحريك أسواق غزة، فغزة لم تشهد هذا النشاط التجاري الأخير، قبل أن تُصرف رواتب موظفي حكومة غزة السابقة، أخيراً، عبر المنحة القطرية. فعلى الجانب الآخر، أدت الحسومات على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية إلى مزيدٍ من الشلل على صعيد الحركة التجارية في القطاع.

وخلال الفترة الماضية كانت وزارة المالية تقوم بصرف دفعة مالية بقيمة 40% من إجمالي رواتب الموظفين بغزة بحد أدنى 1200 شيكل (الدولار 3.65 شيكل)، على فترات تتجاوز في بعض الأحيان 40 يوماً، فيما كانت تقوم بترحيل باقي الرواتب إلى المستحقات، بسبب عجز السيولة النقدية المتوفرة.

ويقف الاحتلال الإسرائيلي وحصاره المطبق على غزة، في وجه كل سبل إنعاش الحياة في غزة، حيث شدد من سياسة خنق غزة في الأشهر الأخيرة، زاد على ذلك، توقف المساعدات المالية عن غزة ومرور القطاع بأزمة وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وهي الإجراءات جميعها التي أودت إلى انهيار كارثي في جميع مناحي الحياة، أفضت إلى مزيد من المعاناة لأكثر من مليوني مواطن يعيشون في غزة.

وأمام آمال بتحسّن أوسع في الحركة التجارية داخل أسواق غزة، ما زالت الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ضد سكان غزة، والحسومات التي يفرضها على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بالقطاع منذ إبريل/نيسان 2017، بنسبة وصلت إلى 50ٌ%، تقف عقبةً واضحة أمام ذلك.

وسبق أن قدمت قطر منحة مالية لموظفي حكومة غزة السابقة الذين ترفض السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني الاعتراف بهم عبر دفعة مالية بقيمة 1200 دولار وجهت للموظفين المدنيين، فيما عملت وزارة المالية على صرف رواتب الأجهزة الأمنية بشكل كامل عامي 2014 و2016.

وكان تقرير قد أصدره البنك الدولي في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، قد أشار إلى أن قطاع غزة قد دخل في مرحلة الانهيار الاقتصادي، وذكر أيضاً أن الخدمات الأساسية المقدمة للسكان، تتعرض للخطر في ظل شح السيولة، بالإضافة إلى أن فرداً واحداً من أصل اثنين في القطاع يعاني من الفقر.

ولفت البنك الدولي إلى أن معدل البطالة بين السكان، الذين يغلب عليهم الشباب، وصل إلى أكثر من 70%، كما بلغ معدل النمو بالسالب 6% في الربع الأول من العام الجاري 2018، في ظل أن المؤشرات توقعت مزيداً من التدهور منذ ذلك الحين، في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه. لكن قطر، تجهد لتدارك ذلك.

المساهمون