مهر العروس بسورية يصل إلى 100 مليون ليرة

تهاوي العملة السورية والتضخم يرفعان تكلفة المهور إلى 100 مليون ليرة لعروس

28 مايو 2017
تراجع الليرة دفع سوريين لدفع المهر ذهبا (Getty)
+ الخط -
رفع تهاوي سعر صرف الليرة السورية التي خسرت أكثر من 1000% من قيمتها منذ بداية الحرب قبل ست سنوات، من مبالغ المهور التي يشترط المشرّع السوري تسجيلها بالعملة المحلية لحالات الزواج، لتبلغ أرقاماً فلكية بحسب ما يتسرب عن المحاكم الشرعية بدمشق.


وتداعت العملة السورية بسبب تهاوي إيرادات البلاد من النقد الأجنبي وتراجع تحويلات العاملين من الخارج والصادرات وأسعار النفط، كما قفز معدل التضخم الخاص بالأسعار لمعدلات قياسية.

وبلغ أعلى مهر بتاريخ سورية، وفق المحكمة الشرعية بالعاصمة السورية، مئة مليون ليرة سورية، موزعة 50 مليون مقدم "أي مدفوع" و50 مليون متأخر صداق "الدولار 540 ليرة" سجله متنفذ لزوجته قبل أيام، بحسب المحكمة الشرعية التي لم تفصح عن الاسم الصريح.

ونقلت مصادر إعلامية سورية، عن المحكمة الشرعية بدمشق، أن مبلغ 50 مليون ليرة متأخر صداق، قد تم تسجيله من قبل رجل أعمال سوري قبل ثلاثة أشهر، لكن المقدم كان 10 ملايين ليرة.

وأوضح المصدر الشرعي، أن متوسط المهور في سورية هو 500 ألف ليرة مقدم ومثلها مؤخر، وأن المحكمة الشرعية لا تتدخل في تحديد قيمتها إلا إذا كان القاضي الشرعي، هو الوصي حيث يحددها ما بين 350 ألفا و500 ألف ليرة.

ويقول سمير خضر "اسم مستعار" من دمشق، تنتشر حالات الاستعراض برفع مستوى المهور، وخاصة من شرائح رجال الأعمال وأولاد المسؤولين، وباتت موضع مفاخرة بين تلك الأوساط.

وأشار خضر لـ"العربي الجديد" إلى أنه إضافة لرفع مبالغ المهور لتبلغ عشرات الملايين، تفشت استعراضات عقد القران والزفاف ببيروت ودبي "تأتيك دعوة الزفاف فتفاجأ أن العرس بلبنان وبفنادق فاخرة".

حالات نادرة

ويلفت خضر خلال اتصال مع "العربي الجديد" إلى أنه وفي واقع هذه الحالات القليلة والنادرة، تسود حالة تراجع المهور إلى أقل من ربع ما كانت عليه قبل الحرب، بل ويكتفي بعض السوريين ببعض ألاف الليرات ليوثقوا قرانهم، بواقع الفقر الشديد وعزوف كثير من الشباب السوري عن الزواج.

ويضيف المتحدث، أكثر من تأذى بتضخم الليرة بقضية الزواج، هو العروس، إذ لم تعد الآلاف تشتري لها شيئاً، ما يدفع البعض لرفع مبلغ متأخر الصداق أو طلب المهور بعملات أجنبية أو ذهب.

يذكر أن قانون عام 1940 منع التعامل بالذهب في المعاملات المدنية والتجارية سواء كانت ليرات ذهبية أم غرامات، ثم جاء المرسوم التشريعي 54 لعام 2013 وأضاف لمنع التعامل بالذهب أيضاً، العملات الأخرى، لتصبح الليرة السورية الوسيلة الوحيدة المعتمدة لتثبيت المهور في سورية.

استبدال الليرة

طلبت المحاكم الشرعية، وبعد تراجع سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية وتراجع قيمتها الشرائية للذهب وأثاث البيوت ولوازم الزواج، من وزارة العدل، بعد الحرب مراراً، تسجيل المهر "ذهباً" مستندة لدراسات للمجمع الفقهي الإسلامي بأن تكون قيمة المهر بالذهب، لكن الوزارة كانت ترفض باستمرار.

وقال القاضي الشرعي الأول بدمشق، محمود المعراوي، خلال تصريحات أخيراً، الطلب حصل على موافقة كل من وزارة العدل التي راسلت بدورها إدارة التشريع وحصلت على الموافقة بتسجيل المهر ذهباً، كما أن حاكم مصرف سورية المركزي، دريد ضرغام، لا يرى مانعاً اقتصادياً شرط أن يكون استثناء الذهب من المنع.

وكشفت مصادر من دمشق، أن سيدات سوريات قد تقدمنّ بدعاوى لرفع قيمة مؤخر صداقهن، بعد تراجع سعر صرف الليرة، أو احتساب قيمة مهرهن على الذهب وفق أسعار عقد القران.

 وبيّن القاضي الشرعي المعراوي وجود بعض النصوص الشرعية التي تبيح رفع قيمة مهر المرأة وخاصة في المذهب الحنفي، وهو الرأي الأرجح في هذه المسألة بمعادلة مهر المرأة واعتبار النقود الورقية قيمية وليست مثلية، مشيراً إلى أن هذا الرأي يمكن أن يعد حلاً بأن تأخذ المحاكم الشرعية برأيه في هذه المسألة باعتبار أن قانون الأحوال الشخصية لا توجد فيه مادة تنص على رفع قيمة المهر نتيجة انخفاض قيمة النقد بل ينص على أن المهر يجب أن يدفع كما هو مسمى بالعقد.

ورأى المعراوي أن الظروف المعيشية الصعبة وهجرة عدد كبير من الشباب وعدم قدرة عدد كبير أيضاً على الزواج دفع الآباء إلى القبول بأي رجل يتقدم لبناتهم سواء كان كفؤاً لها أو غير ذلك، مضيفاً: هنا يبرز دور القاضي الشرعي في قبول هذا الزواج أو عدمه.

ويشهد المجتمع السوري تفككاً أسرّياً، نتيجة الحرب المندلعة منذ ست سنوات، نتيجة موت الزوج أو هجرة الشباب وعزوفهم عن الزواج، فضلاً عن حالات الطلاق المتزايدة، منها بسبب الفقر وإعلان الزوج عدم قدرته على تغطية الأعباء المعيشية وتفضيله الهجرة أو الانخراط بأعمال قتالية، ليؤمن دخلاً للعيش.

وتشير الاحصاءات الرسمية بمناطق سيطرة نظام الأسد، إلى أن عدد حالات الطلاق وصل في العام 2015 إلى نحو 7028 حالة، بينما كانت نحو 6516 حالة طلاق في 2014، ونحو 5210 في العام 2013، أما في العام 2012 فلم يتجاوز عدد حالات الطلاق 4980 حالة.

وإذا ما قورنت نسبة الطلاق بالزواج نجد أن عام 2011 كان الأكثر بحالات الطلاق، إذ وصلت النسبة الى 26 %، بينما سجل عام 2012 الأقل في نسبة الطلاق خلال سنوات الازمة، حيث بلغت النسبة 20 %. أما باقي سنوات الأزمة فقد كانت في العام 2013 نحو 22.5 %، وفي العام 2014 نحو 23.8 %، وفي عام 2015 نحو 21،24%.