5 تحديات رئيسية تهدد بقاء المشروع الأوروبي

5 تحديات رئيسية تهدد بقاء المشروع الأوروبي

24 سبتمبر 2016
مظاهرات في روما ( غابرييل بويس/فرانس برس)
+ الخط -
ربما لم يعر الإعلام الأوروبي الكثير من الاهتمام للقمة الثلاثية التي عقدت في يوم 22 أغسطس/ آب الماضي على ظهر سفينة حربية ايطالية، وضمت كلاً من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي.

وتكشف مصادر مصرفية في لندن عن أن هذه القمة التي ظلت مداولاتها سرية ولم يكشف شيء عن محتوى مناقشاتها، سوى أنها ناقشت مستقبل الاتحاد الأوروبي في ما بعد استفتاء "بريكست" البريطاني، كانت تناقش تحديداً، ماذا لو سقط الاقتصاد الإيطالي، الذي يعد ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، وسط الأزمة المالية الحادة التي تواجهه حالياً.

لكن إيطاليا ليست وحدها المهددة بالسقوط، فهنالك العديد من المخاطر التي تحيط بالاقتصادات الأوروبية.

وبعد ثماني سنوات من تطبيق سياسة التقشف، تجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها أمام مجموعة من التحديات التي ستهدد المشروع الأوروبي برمته، ربما خلال سنوات.

أهم هذه التحديات، أن سياسة التقشف فشلت في إنعاش الاقتصادات الأوروبية، واستغل اليمين المتطرف هذا الفشل في التشكيك في جدوى المشروع، والسعى إلى محاولة تمزيقه أسوة بما فعله السياسي المتطرف نايجل فراج في بريطانيا عبر الاستفتاء الأخير.

ويستفيد اليمين المتطرف الذي يواصل الصعود في كل من فرنسا وألمانيا والنمسا، والعديد من دول اليورو الفقيرة، من ارتفاع نسبة البطالة، وتدفق اللاجئين واليأس من عودة الرخاء الاقتصادي إلى أوروبا.

وهنالك شكوك عديدة حول استمرارية دولة الرفاه والضمانات المعيشية التي تكفلها الدول الأوروبية لمواطنيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط الضعف المستمر والركود الاقتصادي الذي تعيشه القارة العجوز.

ولكن يبدو أن إيطاليا وبنوكها، إلى جانب مصارف مثل "دويتشه بانك"، ربما ستكون بحاجة إلى مساعدات حكومية عاجلة.

ويرى خبراء اقتصاد أن إيطاليا ستبقى ولسنوات "كعب أخيل" الذي ستضرب منه أوروبا في مقتل، ما لم تعالج أزمة المصارف الإيطالية.

في هذا الصدد، يشير التقرير الأخير الصادر من الكونغرس الأميركي إلى خمسة تحديات رئيسية تواجه مستقبل بقاء المشروع الأوروبي. وهذه التحديات هي:

أولاً: مسألة إفلاس بعض الدول في منطقة اليورو، وربما لا تستطيع دول الاتحاد الأوروبي إنقاذها مثلما فعلت مع اليونان بمساعدة صندوق النقد الدولي. خاصة احتمالات حدوث افلاسات مالية كبيرة في إيطاليا التي تحمل بنوكها سندات ديون لا تدر فوائد تفوق 600 مليار دولار.

كما أن هنالك العديد من البنوك الإيطالية والأوروبية تعيش منذ مدة على جرعات الإنعاش النقدي وخطوط السيولة التي يوفرها المركزي الأوروبي.

ثانياً: مشاكل الهجرة واللجوء التي تخلق مجموعة من الأزمات والانقسامات داخل دول الاتحاد الأوروبي. ورغم أن الاقتصادات الأوروبية بحاجة إلى هذه الهجرة في المستقبل، بسبب تناقص عدد المواليد وتزايد عدد كبار السن.

وهو ما يعني عملياً، أن الاقتصادات في عدد من دول الاتحاد الأوروبي لن تجد في المستقبل الأيدي العاملة الشابة لشغل الوظائف، وبالتالي دفع الضرائب للدولة لتمويل ودعم دولة الرفاه وبنود الضمانات الاجتماعية والمعاشية لكبار السن، إلا أن الأحزاب اليمينية المتطرفة تنظر للهجرة على اساس أنها عبء مالي وإرهابي وديمغرافي، ربما يغير مستقبلاً الخارطة الثقافية والعرقية في أوروبا.

ومن هذا المنطلق تواصل التيارات اليمنية في أوروبا توظيف الهجرة وموجات اللجوء في إيقاظ العنصرية والنظرة الانعزالية الضيقة المعارضة لمشروع الاقتصاد الأوروبي.

ثالثاً: استفتاء "بريكست" الذي أقر خروج بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي. هذا الاستفتاء شجع الجماعات اليمينية المتطرفة لمواصلة تحدى المشروع وإبراز عيوبه وفشله وتدريجياً في تحدي الحكومات الأوروبية القائمة، وإسقاط مرشحيها في انتخابات البلديات وانتخابات برلمانية مثلما حدث في ألمانيا، في الانتخابات المحلية لولاية برلين التي جرت الأسبوع الماضي.

وصعد فيها حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات فقط ليحتل المركز الثالث، من حيث عدد المقاعد. وهذا الفوز لهذا الحزب اليميني المتطرف في برلين وولايات أخرى، ينذر بفوز اليمين المتطرف في الانتخابات الألمانية العامة التي ستجرى في العام المقبل.

رابعاً: صعود القوة العسكرية الروسية وسط سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوسعية، وأحلام بناء إمبراطورية روسية جديدة في اعقاب ضم جزيرة القرم. وهو ما يعني أن أوروبا ستواجه زيادة الإنفاق الدفاعي، وهو ما سيضغط أكثر على بنود الإنفاق الاجتماعي والضمانات المعيشية خلال السنوات المقبلة.

خامساً: الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها العديد من دول القارة الأوروبية، خاصة دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا. وهذه الحرب رفعت من الإنفاق على الأمن، وضربت السياحة والأعمال التجارية في مجالات الترفيه والمقاهي الليلية، وبالتالي ضربت الاقتصادات الأوروبية.

في هذا الصدد حث جاك ديلور، أحد مهندسي العملة الموحدة، صنّاع السياسات النقدية على إجراء تغييرات فورية للوحدة النقدية الأوروبية المضطربة، من أجل تفادي الانهيار الحتمي. وجاء التحذير ضمن تقرير "الإصلاح والإعداد - النمو واليورو بعد الخروج البريطاني".

المساهمون