أزمة الدولار تشعل حرباً بين مصر وشركات الطيران الأجنبية

أزمة الدولار تشعل حرباً بين مصر وشركات الطيران الأجنبية

15 سبتمبر 2016
تعليق العديد من الرحلات إلى مصر(خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي تنتظر فيه مصر، وصول حزمة مساعدات مالية، لدعم الاحتياطي النقدي للبلاد، أعلنت شركة الطيران الملكي الهولندية توقف رحلاتها إلى مصر اعتباراً من الثامن من يناير/ كانون الثاني المقبل، وذلك على خلفية أزمة نقص الدولار في مصر، ومماطلة الحكومة المصرية في سداد مستحقات الشركة المتأخرة.

لم يكن قرار الشركة الهولندية الأول من نوعه، فقد أعلنت، في وقت سابق، شركة الخطوط الجوية البريطانية "بريتش إير وايز" أنها تواجه مشكلات مماثلة، وقررت وقف التعامل بالجنيه داخل مصر منذ مارس/ آذار الماضي.

وقالت الشركة، لعملائها، إنّ من يريد السفر عبر خطوطها من مصر عليه الدفع بالدولار أو "الفيزا كارد"، وذلك لوجود تحويلات مالية متأخرة للشركة لدى البنك المركزي المصري تقدر بنحو 11 مليون دولار.

وفي فبراير/ شباط الماضي، هدد المدير العام لشركة "إير فرانس"، كيس أوسروز، بإيقاف رحلات شركته، وإنهاء عملها في مصر، نهائياً، معترضاً على مماطلة البنك المركزي، في تحويل مبلغ 95 مليون دولار للفرع الرئيسي للشركة بالخارج، قبل أن يتم الاتفاق مع وزارة السياحة المصرية على جدولة المبلغ.

وأعرب أوسروز، وقتها عن استيائه من أن البنك المركزي المصري، يماطل في سداد مستحقات شركته، على الرغم من تحويل المستحقات المالية لشركة طيران الإمارات، نتيجة ضغط مسؤولين في الشركة الإماراتية، على البنك المركزي.

وتوقع خبراء تفاقم أزمة عدم سداد مستحقات شركات الطيران في مصر خلال الفترة المقبلة.

وينتاب العديد من شركات الطيران الأجنبية شعور بعدم الاطمئنان لمساعي الحكومة المصرية وجديتها في سداد المستحقات، خاصة مع تصاعد مخاوف الشركات على خلفية قرار البنك المركزي بوقف استخدام بطاقات الائتمان في عمليات الحجز.


نقص السيولة 

ويسعى البنك المركزي المصري إلى المحافظة على الاحتياطي النقدي لتمويل واردات الغذاء والوقود والدواء ومكونات الصناعة عن طريق فرض القيود على الودائع المصرفية والتحويلات المتعلقة بواردات السلع والخدمات غير الأساسية، لكن تلك القيود تعرقل حركة الصناعة والتجارة وتزيد صعوبة تحويل إيرادات المستثمرين الأجانب إلى الخارج.


إلى ذلك، جاء قرار الشركة الهولندية المفاجئ، بتعليق رحلاتها، على الرغم من إعلان وزير الطيران المدني المصري، شريف فتحي، في مارس/ آذار الماضي، أنه تم التوصل مع البنك المركزي إلى حل أزمة المستحقات المتأخرة لشركات الطيران الأجنبية العاملة في مصر.

وأكد الوزير المصري، أن البنك المركزي سيقوم، خلال الفترة المقبلة، بجدولة مستحقات الشركات وإرسالها شهرياً إلى الخارج، وذلك بعد تعثره في السداد الفترة الماضية.

وعجزت مصر عن تدبير النقد الأجنبي لشركات الطيران الأجنبية العاملة في مصر، والسماح لتلك الشركات بتحويل أرباحها بالعملة الصعبة إلى الخارج، بسبب أزمة نقص المعروض من الدولار، وتراجع إيرادات المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي، خاصة السياحة، وإيرادات قناة السويس والصادرات والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

وتقدر مستحقات شركات طيران عربية، وأجنبية تعمل في مصر، بنحو 275 مليون دولار، وهو ما دفع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (آياتا)، إلى التحذير من تداعيات الأزمة، قائلاً، إن "مصر تخاطر بتدمير صناعة الطيران لديها"، إذا ما واصلت احتجاز الأموال المستحقة لشركات الطيران الأجنبية.

وبحسب البيان فإن الاتحاد الدولي للنقل الجوي يعمل مع السلطات المصرية على إيجاد حل عملي لإعطاء هذه الأموال لشركات الطيران، لكي تتجنب مصر أي تأثيرات ضارة غير مقصودة على صناعة الطيران لديها.

وأعلنت مصادر في وزارة الطيران المدني المصرية، مساء أمس، أن الخطوط الهولندية ــ KLM ــ لم تبلغها بوقف رحلاتها بعد السابع من يناير/ كانون الثاني القادم.

وقالت المصادر في تصريحات صحافية، إن مشكلة التحويلات النقدية والمستحقات المتأخرة لشركات الطيران الأجنبية العاملة في مصر، منذ منتصف العام الماضي، تم الاتفاق على حلها من خلال برنامج لسداد وتحويل المستحقات بعد الاتفاق مع البنك المركزي المصري على سداد كامل مستحقات هذه الشركات بالنقد الأجنبي.

وقال رئيس شركة المطارات المصرية سابقاً، اللواء محمد زمزم، إن قرار الخطوط الجوية الهولندية تعليق رحلاتها إلى مصر بداية يناير/ كانون الأول المقبل يعود إلى أسباب اقتصادية جراء خفض قيمة الجنيه المصري وقرار البنك المركزي فرض قيود على تحويل العملات الأجنبية من مصر يعد رسالة للقاهرة، بضرورة حل تلك الأزمة سريعاً.

وأضاف زمزم خلال مداخلة هاتفية لبرنامج ساعة من مصر على شاشة "الغد"، أن وزير الطيران المصري أعلن أنه أجرى مباحثات مع البنك المركزي بخصوص تحويل العملات للشركات الأجنبية، موضحاً أنه توصل إلى نتائج لم يعلن عنها، مؤكداً أنه في سبيله لحل الأزمة.

وأكد زمزم ضرورة حل مثل هذه الأزمات سريعاً، لأن الأزمة لا تخص الشركة الهولندية وحدها، موضحاً أن المباحثات مع الجانب الروسي بشأن استئناف الرحلات مستمرة.

وعلقت وكالة أنباء أسوشييتد برس على قرار تعليق "KLM" رحلاتها إلى مصر بأنه يمثل شهادة على نقص العملة الأجنبية في مصر، مشيرة إلى أن تلك المشكلة ناجمة جزئياً من هلاك صناعة السياحة عبر سنوات من الفوضى، وكذلك انخفاض تحويلات المغتربين المصريين.
وقالت الوكالة، إنه من المتوقع أن تجري مصر تخفيضاً جديداً لقيمة الجنيه المصري، أو تتخذ قرار تعويمه، كجزء من خطة الإصلاحات الطموحة التي يشترطها صندوق النقد الدولي مقابل قرض 12 مليار دولار.

دلالات

المساهمون