محنة صناديق التحوّط..المستثمرون يسحبون أموالهم

محنة صناديق التحوّط..المستثمرون يسحبون أموالهم

02 مايو 2016
اضطرابات اليوان قصمت ظهر العديد من الصناديق العالمية (Getty)
+ الخط -


تعيش صناديق التحوط العالمية محنة حقيقية خلال العام الجاري وربما تنسحب إلى أعوام أخرى ما لم تجر تغييرات هيكلية على إدارتها وتتمكن من رفع كفاءة الأداء بدرجة تقنع المستثمرين وأصحاب الثروات بمواصلة وضع أموالهم فيها.
وتشير تقارير غربية إلى أن مبالغ كبيرة من الأموال سحبت من هذه الصناديق خلال الأشهر الأخيرة.
وحسب التقرير الأخير الصادر عن شركة" إي فيست" الأميركي، والتي ترصد أداء صناديق التحوط، فإن حجم الأموال التي هربت من هذه الصناديق؛ أي سحب أصحابها استثماراتهم منها، بلغت 14.35 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، كما بلغت المبلغ المسحوبة في شهر مارس/ آذار وحده نحو 14.35 مليار دولار.
ورغم أن هذه المبالغ ليست كبيرة مقارنة بحجم الأموال التي تديرها هذه الصناديق وتقدر بنحو 3 ترليونات دولار، إلا أن خبراء يعتقدون أن الأموال التي سحبت تفوق كثيراً هذا الرقم، لأن هناك مبالغ ضخمة سحبت ولم تعلن عنها صناديق التحوط وأن المبالغ المذكورة في تقرير شركة "إي فيست" تمثل الأرقام التي أعلنت عنها صناديق التحوط فقط وربما تمثل نقطة من بحر السحوبات، خاصة من قبل المستثمرين الأفراد.
وحسب تصريحات خبراء في صناعة الاستثمار، فإن المستثمرين باتوا غاضبين من هذه الصناديق في الآونة الأخيرة، حيث أنها لم تحقق لهم العوائد المطلوبة مقارنة بالاستثمار المباشر في الأسهم والسندات.


كما يقول مستثمرون في لندن إن صناديق التحوط تفرض رسوماً باهظة على المستثمرين تقارب في أحيان كثيرة العوائد التي يحصلون عليها، كما أنها تأخذ كذلك حصة كبيرة من الأرباح. وترتفع هذه الرسوم والحصة من الأرباح بحجة صعوبة وإدارة هذه الثروات في الظروف المعقدة التي تعيشها الأسواق حالياً.
وتفرض صناديق التحوط رسوماً تقدر في المتوسط بنحو 2.0% من قيمة الموجودات في أدنى مستوياتها وتزيد عن ذلك بالنسبة للمبالغ الصغيرة، كما تفرض نسبة 20% على الأرباح المتحققة من الموجودات.
وكشفت تسريبات "أوراق بنما" أن العديد من صناديق التحوط تتهرب من الضرائب عبر تأسيس شركات وهمية في مناطق الأوفشور، فيما يظهر بعضها للمستثمرين أنها تدفع ضرائب للحكومات، ولكنها في الواقع لا تدفع ضرائب وإنما يظهر ذلك في الحسابات الورقية فقط.
وحسب تقرير لشركة "بيرغن" العالمية المتخصصة في رصد إدارة الثروات نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن العائد على الاستثمارات في صناديق التحوط بلغ 2.82% خلال شهر مارس/ آذار الماضي.
وهذا المعدل من العائدات قريب جداً من الرسوم التي يدفعها المستثمرون على الموجودات والبالغة 2.0%.
وبالمقارنة بين الذين استثمروا أموالهم مباشرة في السندات والأسهم، بأولئك الذين استثمروا عبر صناديق التحوط، وجدت شركة "بيرغن" أن الاستثمار المباشر حقق عوائد بلغت 4.3%. وهذا المعدل من العائدات يمثل فارقاً كبيراً في نمو الثروات التي يحققها المستثمرون من الاستثمار المباشر لثرواتهم مقارنة بالاستثمار عبر هذه الصناديق.
وتشير تقارير استثمارية إلى أن بعض صناديق المعاشات وصناديق التأمينات وبعض الجامعات قد سحبت خلال العام الجديد استثماراتها من صناديق التحوط.
ويعزو مدراء صناديق التراجع في العائدات خلال العام الماضي والربع الأول من العام الجاري إلى الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية خلال الصيف الماضي وبداية العام الجاري. ويقولون إن هذه الاضطرابات كانت السبب الرئيسي في تراجع عائدات الصناديق، لكن أصحاب ثروات يرون أن مدراء صناديق التحوط "شاطرين في التسويق"، أكثر من "شطارتهم" في الاستثمار.
وفي هذا الصدد قال الملياردير الأميركي وارن بيفت "لا بد أن يكون كبار المستثمرين غاضبين من مدراء صناديق التحوط بسبب الرسوم الكبيرة التي يأخذونها من المستثمرين والعوائد الضئيلة التي يحققونها لهم". وأشار بيفت في نقد لاذع لصناديق التحوط خلال الاجتماع السنوي لشركة بيركشير التي تدير ثرواته بمدينة أوماها في ولاية نبراسكا الأميركية "هناك الكثير من الأموال التي حققها مدراء هذه الصناديق عبر مهاراتهم التسويقية مقارنة بمقدراتهم الاستثمارية".
وذلك في إشارة واضحة إلى أن مدراء صناديق التحوط لا يملكون المهارات الاستثمارية أو القدرات التي تمكنهم من قراءة الأسواق بشكل صحيح. وحينما يصدر مثل هذا الحكم من رجل بوزن بيفت، فإنه سيكون مؤثراً على مستقبل هذه الصناديق.
ويبدو أن الصناديق الوحيدة التي نجت من موجة هروب الثروات هي صناديق التحوط العاملة في مجال السلع، حيث يرى العديد من المستثمرين أن أسعار السلع بما في ذلك النفط قد بلغت القاع وأن السلم الوحيد أمامها هو سلم الصعود إلى أعلى.
وفي سبيل تقليل الخسائر التي منيت بها صناديق التحوط خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، خفضت معظم صناديق التحوط حيازاتها من الأسهم في مارس/ آذار الماضي لأدنى مستوى لها خلال خمس سنوات.
وحدث ذلك رغم تعافي أسواق الأسهم العالمية وتأثر الأصول في منطقة اليورو واليابان بنسبة الفائدة السالبة وإجراءات التحفيز النقدي. كما رفعت الصناديق كذلك الحيازات النقدية إلى 5.8% من 5.3% الشهر الماضي.
وحسب رويترز قال بعض مديري الصناديق إنهم يحاولون تفادي المراهنات على صعود الأسواق أو هبوطها ويفضلون اتخاذ موقف محايد تجاه الأصول المنطوية على مخاطر، نظراً للتقلبات التي شهدتها الأسواق في الربع الأول من العام.