مزارعو القمح في غزة يترقبون بحذر موعد الحصاد

مزارعو القمح في غزة يترقبون بحذر موعد الحصاد

05 ابريل 2016
حقول القمح والشعير تتركز بالمناطق الحدودية (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تحل علامات السعادة على وجه الفلاح الفلسطيني عمار خضير كلما شاهد سنابل القمح في أرضه القريبة من الشريط الحدودي لقطاع غزة تزداد حملا، إلا أن شعور السعادة سرعان ما يتلاشى، بسبب الخشية من إقدام الاحتلال الإسرائيلي على إتلاف أو حرق المزروعات كلما اقترب موعد الحصاد.

ويترقب خضير (41 عاما) حلول موعد حصاد سنابل القمح في أواخر الشهر الجاري أو بعد ارتفاع دراجات الحرارة بحذر شديد، متوقعا أن يكون إنتاج هذا العام وفيرا؛ نظرا لغزارة موسم الأمطار التي بدأت بالهطول منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حتى شهر مارس/آذار الماضي.

ويقول المزارع عمار لـ "العربي الجديد" إن موسم القمح للموسم الحالي، يعتبر من أفضل المواسم مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، فجميع المحاصيل البعلية التي تروى بواسطة الأمطار أعطت إنتاجا مميزا، مبينا أن المزارعين لم يعانوا من فترات جفاف وانحباس للأمطار مثلما حصل في الأعوام المنصرمة.

وأوضح خضير أن الخوف يسيطر على جميع مزارعي القمح في المناطق الحدودية، خشية من تدمير الاحتلال للمزروعات بوسائل مختلفة، مشيرا إلى أن بعض المزارعين قد يضطرون في الأسابيع القليلة القادمة إلى حصد محاصيلهم، رغم أن دورة زراعة محصولي القمح والشعير التي تصل لقرابة ستة أشهر لم تكتمل بعد.

ويتعمد الاحتلال بين الحين والآخر تجريف المحاصيل الزراعية على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، أو إحراقها عبر إطلاق القذائف النارية عليها، فضلاً عن قيام طائرات إسرائيلية صغيرة الحجم برش مبيدات كيميائية تُجفف الزرع ثم تحرقه، الأمر الذي يكبد المزارعين الغزيين خسائر مالية كبيرة تفوق طاقتهم.


أما المزارع جميل قديح، الذي يمتلك تسعة دونمات مزروعة بمحصول الشعير، فأوضح لـ"العربي الجديد" أن ميزة موسم العام الجاري 2016 تكمن في كمية الأمطار الكبيرة التي تساقطت على قطاع غزة على مدار فصل الشتاء وعلى فترات متقاربة، الأمر الذي ساهم في إحياء التربة وإنعاش الزرع.

وذكر قديح أن زراعة محصولي القمح والشعير تمر بأربع مراحل، تبدأ من مرحلة الإنبات، ثم مرحلة التفسيخ، وصولا إلى مرحلة تكوين الأزهار، وأخيرا مرحلة إنتاج الحبوب، لافتا إلى أن محصول القمح المزروع محليا يتميز بجودته وصلاحيته لصنع الدقيق، الذي يمكن من خلاله إنتاج الخبز والكثير من الأطعمة.

وبين أن بعض أجنة القمح والردة التي تُنتج بعد طحن الدقيق تستخدم في أعلاف الدواجن والماشية كما تستخدم حبوب القمح علفاً لحيوانات المزارع، الأمر الذي يساعد المزارع في توفير الأموال وتقليل تكاليف الرعاية إن كان من مربي أو تجار الدواجن، متمنيا أن يمكنه الموسم الحالي من تعويض خسائره التي تكبدها في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، صيف 2014.

وربط قديح بين ازدياد وتيرة إطلاق قوات الاحتلال نيران رشاشاتها بشكل عشوائي تجاه المزارعين أثناء تواجدهم في أراضيهم الحدودية، وبين كثافة محصول القمح ووصوله لأطوال غير مسبوقة، مشيرا إلى أن فرحة المزارعين عند مناطق التماس تبقى منقوصة بسبب خوفهم من اعتداءات جنود الاحتلال.

وكانت وزارة الزراعة في غزة، قد حذرت منتصف الشهر الماضي من مخطط إسرائيلي يرمي إلى تدمير محصول القمح في المناطق الحدودية تحت حجج أمنية واهية، منوهةً إلى أن الاحتلال يسعى لإبقاء القطاع سوقا لمنتجاته الرديئة.

ويواجه المزارعون في المناطق الحدودية عدة تحديات أبرزها، تهديد الاحتلال لحياتهم بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر ومتعمد، إضافة إلى تدميره لشبكات الري وآبار المياه، فضلاً عن غياب البنية التحتية التي تسهل عمليات تنقل المزارعين.


من جهته، قال رئيس قسم التخطيط والبرامج الإرشادية في وزارة الزراعة بغزة، محمد الناقة لـ "العربي الجديد" إن حجم إنتاج القمح والشعير للعام الجاري تضاعف بنسبة 20% عن العام الماضي، مبينا أن تساقط كميات هائلة من الأمطار واستقرار دراجات الحرارة طوال فصل الشتاء انعكس إيجابا على نمو وغزارة المحصول.

وأوضح الناقة أن المساحات المزروعة بالقمح تبلغ قرابة 23 ألف دونم، وبالشعير نحو عشرة آلاف دونم، في حين سيبلغ مجموع إنتاج القمح نحو عشرة آلاف طن، وقرابة أربعة آلاف طن من الشعير، مشيرا إلى أن الإنتاج المحلي العام يساهم في تغطية نحو 6% من إجمالي احتياجات السكان.

ولفت رئيس قسم التخطيط والبرامج الإرشادية إلى أن غالبية حقول محصولي القمح والشعير تتركز في المناطق الحدودية، الأمر الذي يجعل المزارعين عرضة لخسائر مالية باهظة في حال أقدم جنود الاحتلال على تدمير المحاصيل الزراعية سواء عبر تجريفها أو رشها بمبيدات قاتلة.

ويهدف الاحتلال من وراء الاستهدافات المتكررة للمزارعين على طول المناطق الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، إلى ترسيخ مفهوم المنطقة العازلة التي تقتحم الحدود بعمق يصل لـ 500 متر، وفي مناطق أخرى تتجاوز مسافة كيلومتر مربع.

وتمنع قوات الاحتلال إعادة إحياء المنطقة العازلة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، والتي تتميز بخصوبة تربتها ووفرة مياه المخزون الجوفي داخلها. (الدونم يساوي 0.247 فدان)

المساهمون