الاحتلال الإسرائيلي يراهن على التجارة الحرة مع الصين

الاحتلال الإسرائيلي يراهن على التجارة الحرة مع الصين

27 ابريل 2016
الاحتلال الإسرائيلي يستنجد بالصين لمواجهة حملات المقاطعة الدولية والعربية(Getty)
+ الخط -
تجري حكومة الاحتلال الإسرائيلي والصين حالياً مفاوضات حثيثة بهدف التوافق على مضامين اتفاق تجارة بين الجانبين، تم التوصل إليه خلال الزيارة التي قامت بها نائبة رئيس الوزراء الصيني، ليو باندونغ، لتل أبيب، أواخر مارس/آذار الماضي.
وتراهن إسرائيل على أن يسهم التوصل لهذا الاتفاق في تحسين أوضاعها الاقتصادية وتعزيز مكانتها العالمية، والحد من تأثيرات حملات مقاطعة أوروبية وعربية لمنتجاتها.
وترى مراكز التقدير الاستراتيجي في تل أبيب أن حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو تبدو متحمسة بشكل خاص لتوظيف قوة إسرائيل الناعمة، في إقناع قوى دولية عظمى، مثل الصين، لتوفير مظلة دولية تقلص من العوائد السلبية لمواقفها المتطرفة من الصراع مع الشعب الفلسطيني.
ويلاحظ مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أن المؤشر على عمق تأثير قوة إسرائيل الناعمة على توجهات القيادة الصينية تمثل في حرص باندونغ على حضور اجتماعات "لجنة الابتكارات الصينية الإسرائيلية المشتركة" في تل أبيب.
وفي تقدير موقف نشره المركز، الجمعة الماضية، وأعده كل من السفير السابق في الأردن والاتحاد الأوروبي، عوديد عيران، وخبير العلاقات الدولية، دورون إيلا، أشار المركز بشكل خاص إلى مجاهرة باندونغ برهان اعتماد الصين على الطاقة الكامنة في التعاون مع إسرائيل.
ولفت كل من عيران وإيلا الأنظار إلى قول باندونغ في أعقاب لقائها بنتنياهو: "إسرائيل معروفة في العالم بفضل ابتكاراتها، وهذا هو السبب وراء رغبة الصين في تعزيز التعاون معها، فنحن معنيون بتحقيق تطور ونمو اقتصادي يرتكز على الابتكار".
ولكي يدلل الباحثان على طابع الإنجاز السياسي الذي حققته حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، بسبب الحرص الصيني على الإفادة من التفوق الإسرائيلي في المجال التقني، فقد أشار عيران وإيلا إلى أن باندونغ تجاهلت الإشارة إلى القضية الفلسطينية خلال زيارتها الأخيرة لإسرائيل، في حين عبرت عن دعمها لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية أثناء زيارتها لمناطق السلطة الفلسطينية.
ونظراً لأن بكين تعي تماماً مواقف حكومة نتنياهو التي تصر على تواصل الاستيطان والتهويد وحسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر سياسة الأمر الواقع، فإن التعبير عن الدعم لفكرة الدولة فقط خلال زيارة رام الله لا يعدو كونه مجرد "ضريبة كلامية".


ويتوقع الباحثان أن يعمل اتفاق التجارة الحرة على تعزيز مكانة إسرائيل الدولية اقتصادياً، حيث إن الصين منحت إسرائيل أفضلية في التعاون التقني والتبادل التجاري، إلى جانب كل من الاتحاد الأوروبي وكندا.
وكانت مطالب دولية وأوروبية وفلسطينية تزايدت الفترات الماضية، بممارسة ضغوط اقتصادية أكبر على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن قررت المفوضية الأوروبية وضع ملصقات لتمييز المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في أسواق الاتحاد الأوروبي، ولكن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها (BDS)، أكدت أن الخطوة الأوروبية أقل بكثير مما هو مطلوب.

ويتوقع مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أن يفضي اتفاق التجارة الحرة بين الجانبين، بعد التوقيع عليه بشكل نهائي والبدء في تطبيقه، إلى مضاعفة قيمة التبادل التجاري، ليقفز من 8 مليارات دولار خلال عام 2015 إلى 16 مليارا.
ونوه عيران وإيلا إلى أنه بمقتضى الاتفاق العتيد سيتم رفع القيود على التصدير والاستيراد بين الجانبين، وسيتضمن الاتفاق رفع القيود غير الجمركية، إلى جانب تضمين الإطار العام للاتفاق تفاهمات حول المشتريات الحكومية للطرفين واتفاق لاحترام الملكية الفكرية، وتفاهم على آليات لحل النزاعات التجارية، وتعزيز التعاون في المجال التقني.
وتوقع عيران وإيلا أن يعمل الصينيون على تضمين الاتفاق تفاهما على بناء مجمعات صناعية مشتركة تقوم على الابتكار والتقدم التقني.
ونوّه المركز إلى أن الحرص الصيني على تعزيز العلاقات مع إسرائيل ينبع من وثيقة مبادئ السياسة الخارجية التي أصدرتها الحكومة الصينية قبل عامين، والتي تحدد سياسات بكين تجاه الشرق الأوسط، حيث شددت الوثيقة على الأهمية الكبرى لهذه المنطقة ضمن الرؤية العالمية للصين.
وشدد المركز على أن الخطة الخمسية الثالثة عشرة التي أعلن عنها في الصين مؤخراً تنص على أن تحسين الأوضاع الاقتصادية في الصين يعد الهدف الرئيس للحكومة في بكين، مما رفع من قيمة العلاقة مع الدول التي يفترض أن يفضي التعاون معها إلى تحقيق هذا الهدف، مثل إسرائيل.
ونوه المركز إلى أن هناك ما يدلل على أن الصين معنية بتعزيز تواجدها في منطقة الشرق الأوسط، في ظل المؤشرات على توجه الولايات المتحدة لتقليص ارتباطها بالمنطقة.
يشار إلى أن إسرائيل والصين دشنتا عام 2013 مجمعاً صناعياً يقوم على الابتكار في مدينة "نانوكسان". وفي عام 2015 تم الاتفاق على تدشين مجمع آخر في مدينة "تشانغهو".
يذكر أنه سبق للطرفين أن وقعا خلال العقد الأخير على ثلاثة عشر اتفاقاً لتعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتبادل الخبرات الأكاديمية. ومن أجل تحسين ظروف الاستثمار، فقد اتفقا على منح كل إسرائيلي الحق في الحصول على تأشيرة دخول لبكين صالحة لعشر سنوات.

المساهمون