أزمة بين مصر وتجار قمح دوليين بسبب طفيل الإرجوت

أزمة بين مصر وتجار قمح دوليين بسبب طفيل الإرجوت

02 مارس 2016
تجار القمح يعزفون عن المناقصات المصرية (Getty)
+ الخط -
من المفترض أن تجعل تخمة معروض الحبوب العالمي شراء القمح سهلا ورخيصا لمصر، أكبر مستورد له في العالم، لكن التجار يقولون إن البيروقراطية تزيد الأمور تعقيدا.

فرئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، سعد موسى، يرفض السماح بحبة قمح واحدة إذا كانت مصابة بطفيل الإرجوت الشائع، الذي قد يؤدي إلى الهلوسة والسلوك غير العقلاني عند تعاطيه بكميات كبيرة، لكن المستويات الضئيلة منه غير مضرة بالإنسان.

وعطل الارتباك بشأن موقف مصر من مستويات الإرجوت مناقصات القمح، مما يثير احتمال نقص في الإمدادات قد يفجر مشكلة سياسية جديدة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، نظرا لاعتماد الفقراء الكثيف على الخبز المدعم.

ويستخدم مسؤولو إدارة الحجر، التي يرأسها موسى، لوائح ترجع إلى عام 2001، وتحظر السماح بأي نسبة من الإرجوت، وفق مسؤول في الإدارة طلب عدم نشر اسمه. وتعود المرة الأولى، التي تستخدم فيها تلك اللوائح لرفض شحنة قمح، إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكان موسى الذي لم يرد على محاولات متكررة للتواصل معه بخصوص هذا التقرير، قد قال في يناير/كانون الثاني الماضي، إن "تشريعاتنا تقول إنه لا بد أن تكون الشحنة خالية من الإرجوت، لأننا نحافظ على الثروة الزراعية".

ويرفع موسى تقاريره إلى وزير الزراعة المصري، عصام فايد، لكن متحدثا باسم الوزارة قال إنه لا علم له بلوائح 2001، التي يعتمد عليها موسى.

وقال المتحدث، عيد حواش: "لا علم لي بهذا الموضوع، وأحدث ما لدي هو ما أعلناه على لسان وزير الزراعة ووزير التموين من قبول 0.05%".

ولم يتسن الاتصال بمسؤولي وزارة التموين المصرية للتعليق على هذا التقرير.

ويمتثل معظم المسؤولين المصريين لمواصفات مختلفة أصدرتها في 2010 الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، تسمح بمستويات ضئيلة لا تزيد عن 0.05%، وهو المعيار الشائع عالميا.

وقال ممدوح عبد الفتاح، نائب رئيس هيئة السلع التموينية، عندما سئل عن التضارب بين الاثنين: "ما يحكمني هو المواصفات المصرية".

صانعان للقرار

انتشر القلق في أوساط التجار بعد أن رفضت إدارة الحجر الزراعي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شحنة 63 ألف طن من القمح الفرنسي اشترتها هيئة السلع التموينية بسبب احتوائها على مستويات ضئيلة من الإرجوت.

واضطرت الهيئة إلى إلغاء مناقصتين بعد عزوف التجار والموردين غير المتيقنين من خلو شحناتهم من الإرجوت والمتخوفين من التكلفة الباهظة لرفض الشحنات.

وبعد أسابيع من الارتباك، حاول وزير الزراعة المصري، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير التموين، خالد حنفي، الشهر الماضي، تطمين السوق بأن مصر ستقبل كل الشحنات التي تقل نسبة الإرجوت فيها عن 0.05%.

وفي اليوم التالي، رفضت إدارة الحجر الزراعي شحنة قمح كندي، مما أثار حيرة السوق.

وقال تاجر مقيم في القاهرة: "كانت مفاجأة كبيرة. جاء هذا بعد يوم واحد من تصريحات الوزيرين التي بثها التلفزيون الرسمي... وفجأة يجري رفض السفينة. فهل لدينا صانعان اثنان للقرار في وزارة الزراعة نفسها؟".

وكانت نسبة الإرجوت في الشحنة أقل بكثير من 0.05%.

وأثر تضاؤل فرص المبيعات الناجحة إلى مشتر كبير وإمدادات القمح العالمية القياسية، على أسعار الحبوب في الأسواق العالمية وكبح فرص التصدير أمام منتجي الاتحاد الأوروبي.

وكان من المفترض أن يخلق هذا أوضاعا مثالية لمصر لشراء القمح بأسعار ممتازة.

مخاطر عصية على الحساب

اشترت هيئة السلع التموينية بنجاح 300 ألف طن من القمح الأسبوع الماضي. لكن بأقل من نصف العدد المعتاد للموردين المتقدمين بعروض خلال المناقصة، فإن عدم التيقن يبقى سائدا.

وقال تاجر في القاهرة لم يشارك في المناقصة: "المخاطر مازالت عصية على الحساب"، وهي وجهة النظر نفسها التي عبر عنها عدة تجار آخرين.

ويحظر على تجار القمح بوجه عام التحدث إلى وسائل الإعلام من قبل الشركات التي يمثلونها.

وقال تجار لم يشاركوا في أحدث مناقصة إنهم سيحجمون عن المشاركة لبعض الوقت على الأقل.

وقال تاجر آخر إن موسى "لم يغير موقفه على الإطلاق، بل إنه يضغط الآن على كل مراكز الأبحاث في مصر، وكلها مقتنعة الآن بعدم السماح بأي نسبة من الإرجوت".

وتعلن مصر، اليوم الأربعاء، عن نتائج أحدث مناقصة لشراء كمية غير محددة من القمح من الموردين العالميين للشحن بين الخامس والرابع عشر من أبريل/نيسان في الساعة الثالثة والنصف عصرا بالتوقيت المحلي (13:30 بتوقيت غرينتش).

وكان حنفي قال، الجمعة الماضي، إن إمدادات القمح المصرية تكفي البلاد إلى غاية منتصف يونيو/حزيران المقبل. لكن إذا تفاقمت الأزمة فقد تضر بمصداقية السيسي في وقت يشهد فيه تراجعا في شعبيته ويعاني الاقتصاد المصري أزمات عدة.

وواجه السيسي انتقادات حادة، الأسبوع الماضي، من المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي بعد خطبة طويلة تحدث فيها عن رؤيته للمستقبل.

ويعلم أي قائد سياسي مصري أن توافر الخبز الرخيص بكميات وفيرة شرط أساسي للمحافظة على الاستقرار.

وكان الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، أوقد شرارة أعمال شغب عندما خفض دعم الخبز عام 1977. وعندما ثار المصريون ضد حكم حسني مبارك في 2011 كان أحد الهتافات المميزة: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".



اقرأ أيضا: المضاربات تمتد للعملات العربية في مصر لشح الدولار

المساهمون