"البرارة".. ملاذ الأردنيين لمواجهة الغلاء

"البرارة".. ملاذ الأردنيين لمواجهة الغلاء

19 فبراير 2016
سوق في الأردن (فرانس برس)
+ الخط -
لسنوات خلت كانت "البرارة"، وهي التالف من الخضار والفواكه، مقصد الفقراء والمعدمين في الأردن. وكانت عبارة "خضارك برارة" تصنف في خانة الازدراء أو الإهانة، لكن غلاء الأسعار والتضخم وضعف القدرة الشرائية، جعلت العديد ممن كانوا "ميسورين" في السابق ينافسون الفقراء على شرائها، حتى نشأت محال متخصصة في بيعها.

تعود حكاية "البرارة" إلى عقود عندما كان الباعة يفرزون صناديق الخضار والفواكه في محالهم لاختيار الطازجة لإرضاء الزبائن، ووضع الرديء أو التالف منها في صندوق منفصل يوضع على زاوية غير مكشوفة من المحل لتباع بسعر مخفّض أو تقدم مجاناً لمن لا يملك ثمنها.

أما اليوم، فتجتذب محال جديدة متخصصة في بيع الخضار والفواكه التالفة أو رديئة الجودة أعداداً واسعة من الزبائن حتى إنها صارت تنافس المحال الشعبية.

وباتت عملية الفرز تتم على أرض المزرعة أو مستودعات التخزين ليس لاختيار الطازج من المنتجات، كما في السابق، بل لتوضيب الرديء أو التالف في صناديق وإرساله إلى المحال المتخصصة في بيع "البرارة".

وقال أحد زبائن هذا النوع من المحال، وهو أمجد حماشه، والذي يعمل معلماً في وزارة التربية والتعليم، إنه كان يرفض فكرة الشراء من هذه المحال، بيد أن "الفقر وضنك العيش وارتفاع الأسعار بشكل جنوني"، على حد قوله، دفعه إلى تجربة الشراء من هذه المحال، قبل أن يصبح زبوناً وفياً لها.

وأضاف، بابتسامة ساخرة: "ولت الأيام التي كان الأردنيون يحرصون فيها على اختيار أجود أنواع الخضار والفواكه".

وأكدت إحدى المتسوقات، واسمها أم محمد، أن العديد من الأسر الأردنية عاجزة عن تأمين كلفة غذائها اليومي لارتفاع أسعار المكونات الأساسية، وتحديداً الخضار والفواكه، لافتة إلى أن السبب الرئيس يكمن في "جشع بعض التجار، وعدم جدية الحكومة في توفير الحد الأدنى من كرامة العيش للمواطن الأردني".

وسجلت أسعار الخضار والفواكة في الأردن خلال الأعوام الماضية قفزات متتالية، خاصة خلال الصيف الماضي، ما أجبر الأردنيين على البحث عن محلات تبيع الخضار والفواكه بأسعار رخيصة، ولو على حساب الجودة، وفق المواطن الأردني، محمد قباوي.

وأضاف قباوي: "المزارع يئن، والتاجر يشتكي، والحكومة تدير الأمور من وراء المكاتب".

أما أم ناصر، المتقاعدة من وزارة الصحة، فقد قالت، وقد بدت عليها علامات الاستياء والتعب، إن أسعار البندورة (الطماطم) والخيار تساوي أو تزيد على أسعار التفاح، قبل أن تضيف بحسرة: "لم نكن نتوقع أن يأتي اليوم الذي نشتري فيها الخضار والفواكه بالقطعة".

وأقرت بأنها أصبحت تبحث في أسواق "البرارة" عن الخضار شبه التالفة، لأنها أرخص ثمناً، واصفة هذا الأمر بـ"العادة التي لم يألفها الأردنيون".

وطالب عيسى خلف، على غرار مواطنين أردنيين آخرين، حكومة بلاده بالتدخل لتحديد الأسعار على نحو يراعي الحد الأدنى للأجور، وقال إن الارتفاع الكبير في أسعار الخضار والفواكه له آثار سلبية على المجتمع نتيجة عدم قدرة العديد من الأسر على توفير أبسط احتياجاتها.

ورأى أن الحكومة "لم تتحرك خطوة واحدة لوقف جشع التجار أو المزارعين".

في المقابل، قال المزارع فرج سويلم إن المزارعين يبيعون محصولهم من الخضار والفواكه في السوق المركزي بأسعار متدنية، مشيراً إلى أن الأسعار لن تشهد أي ارتفاع في حال اشترى المستهلك حاجياته من المزارع مباشرة.

وأوضح أن الأسعار التي يبيع بها المزارع لا تغطي أحياناً تكاليف الإنتاج وأجور العمال، منبهاً إلى أن "الرابحين من هذا الوضع هم الوسيط وبائع التجزئة وسماسرة التصدير".

من جهته، قال بائع الخضار والفواكه، ياسر بدوان: "نحن البائعون محكومون من التجار الكبار والحكومة. وفي ظل عدم وجود رقابة من قبل الحكومة وتحكم بعض التجار، من الطبيعي أن ترتفع الأسعار".

وأرجع ارتفاع أسعار الخضار والفواكه في السوق المحلية إلى تصدير الإنتاج المحلي إلى الخارج دون مراعاة تداعيات ذلك على المواطنين.

وكان رئيس جمعية حماية المستهلك الأردنية، محمد عبيدات، قد دعا الأردنيين إلى مقاطعة المنتجات الأكثر غلاء والبحث عن بدائل لها مع تخفيض حجم المشتريات من جميع أصناف السلع للحفاظ على توازن ميزانيات الأسر.

 

اقرأ أيضاً: الأردن ينفي إلغاء صفقة شراء الغاز الإسرائيلي

المساهمون