ليبيا: اقتصاديون ينتقدون تشكيلة حكومة الوفاق

ليبيا: اقتصاديون ينتقدون تشكيلة حكومة الوفاق

20 يناير 2016
الحكومة الجديدة تأتي في ظل تراجع أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
أثارت ملامح التشكيل الحكومي، التي تواترت الأنباء بشأنها أمس، الثلاثاء، انتقادات اقتصاديين نتيجة التوسع في عدد الوزراء في وقت تمر فيه البلاد بأزمة مالية تستدعي تقليص الإنفاق على الأجهزة الحكومية لأقصى حد ممكن.
وانتهى المجلس الرئاسي الليبي، المنعقد في تونس، في ساعة متأخرة مساء أول من أمس، من تشكيل حكومة موسعة تتكون من 26 وزيرا وُزعت على مناطق ليبيا الثلاث، بواقع 9 وزارات للمنطقة الغربية، و8 للشرقية، و7 لمنطقة الجنوب، فضلا عن حقيبتين يسميهما رئيس المجلس، فايز السراج.
وقال اقتصاديون، لـ "العربي الجديد"، إن حالة التقشف التي تمر بها البلاد نتيجة تهاوي أسعار النفط لأدنى مستوياتها في أكثر من ثلاثة عشر عاما، تستدعي تقليص عدد الوزارات والهيئات الحكومية لخفض الإنفاق العام، كأحد إجراءات التقشف الذي يُفترض أن يتخذها المسؤولون.
ويشكل النفط المصدر الوحيد للدخل في ليبيا مند خمسين عاماً، ويمثل نحو 98% من الموازنة العامة. وتراجع إنتاج الذهب الأسود في ليبيا إلى حدود 400 ألف برميل يوميا في المتوسط، مقابل أكثر من 1.5 مليون برميل تنتجها ليبيا يوميا في الظروف الطبيعية.
ويرى الخبير المصرفي، محمد أبو سنينة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن ليبيا في هذه المرحلة الانتقالية ليست بحاجة إلى 26 وزيرا و48 وكيلا وكل هذا العدد الكبير من الهيئات السيادية، متسائلا: "كيف يمكن إدارة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد بطريقة كهذه؟ إلى أين يذهبون بليبيا؟".
ويعتقد عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبولسين، أن تشكيل حكومة بهذا العدد من الوزرات التي تحتاج إلى الإنفاق المالي في وقت تعاني فيه ليبيا من تراجع مداخيل النفط، وتمر بمرحلة انهيار اقتصادي، خطأ فادح يتوجب تداركه.
وقال لـ "العربي الجديد": "إن ليبيا في الوقت الحالي تحتاج إلى حكومة أزمة، لا تتعدى خمسة وزراء مقتصرين على الوزرات السيادية". وأضاف أن ليبيا مثقلة بالأزمات المعيشية واليومية للمواطنين، فضلا عن صرف الرواتب في غير موعدها، ما يعني أن الحكومة بتشكيلتها الجديدة لن تتجاوز كونها أزمة تلحق الأزمات التي تعيشها البلاد يومياً.

وأشار أبو لسين إلى أن ليبيا تحتاج إلى الحد الأدنى من المصروفات، مع التركيز على الغذاء والدواء وتوفير المحروقات، ومن ثم وضع خطط اقتصادية للخروج من المأزق الحالي.
ويقدر محللون اقتصاديون، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن إيرادات ليبيا من النفط في ظل تراجع أسعار النفط، لا تتعدى 4 مليارات دولار سنويا، وتلك إيرادات لا تكفي رواتب الموظفين الحكوميين لثلاثة أشهر، ناهيك عن أن ليبيا تعتمد على استيراد السلع من الخارج لتلبية حاجة السوق، وقد بلغت قيمة الاعتمادات المستندية حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي نحو 15 مليار دولار أميركي، مما يعني أن قيمة الاعتمادات المستندية للواردات تقترب من 20 مليار دولار خلال العام الماضي.
وتعتمد الحكومة على السحب من احتياطي النقد الأجنبي المتاح لدى البنك المركزي في تغطية الواردات.
ويرى مدير عام معهد التخطيط، الحكومي، عمر أبو صبيع، أن مشكلة ليبيا اقتصادية قبل أن تكون سياسية، في إشارة إلى عدم الاكتراث بالنفقات المتوقعة للحكومة الجديدة في ظل الأزمة، مشيرا إلى أن ليبيا تعاني من ارتفاع تكلفة إنتاج برميل النفط إلى حدود 23 دولاراً في الوقت الحالي، وذلك بسبب ارتفاع نسبة المخاطرة في البلاد، وكذلك التوسع في التوظيف في الشركات الأجنبية من قبل العناصر المحلية، دون ضوابط، على مدار السنوات الأربع الماضية.
وتوقعت مجلة "إيكونومست" البريطانية، في تقرير حديث حول الوضع الاقتصادي الليبي، أن ترتفع معدلات التضخم إلى 13.9 %، وأن يسجل عجز الموازنة خلال العام الجاري نحو 28.3 مليار دولار.
وسترسل التشكيلة المقترحة إلى البرلمان في طبرق، شرقي ليبيا، الذي لا يزال يمثل وحده - طبقا للاتفاق السياسي - السلطة التشريعية في البلاد.
وأمام البرلمان عشرة أيام فقط للموافقة على التشكيلة المقترحة، أو رفضها. وإذا رفض البرلمان التشكيلة فإن على المجلس الرئاسي نظريا أن يشكل حكومة جديدة.
واستفحلت الأزمة المالية بشكل كبير خلال العام الماضي، وسجل الدينار تراجعا غير مسبوق في قيمته منذ إصداره، كما شكلت أزمة السيولة عبئاً على صناع القرار المالي وانتقلت مظاهرها بشكل واضح في المصارف التجارية، التي شهدت اكتظاظا كبيرا وطوابير طويلة، ولا سيما في المنطقة الشرقية بليبيا.

اقرأ أيضا: "فايننشال تايمز": تشكيل حكومة آخر فرص ليبيا لإنقاذ اقتصادها

المساهمون