اتهام جنينة رسمياً بتضليل المصريين وتضخيم الفساد تمهيداً لإقالته

اتهام جنينة رسمياً بتضليل المصريين وتضخيم الفساد تمهيداً لإقالته

12 يناير 2016
رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة (Getty)
+ الخط -

 

اتهمت لجنة حكومية لتقصي الحقائق، شكّلها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، بتضخيم وقائع الفساد وتضليل الرأي العام وفقدان المصداقية، والإغفال المتعمد للحقائق، وإساءة استخدام كلمة "فساد" لإطلاقها على أمور لا تمت إلى الفساد بصلة.

وقالت اللجنة الرسمية في تقريرها، الذي وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، إن السيسي أمر بإحالة نتائج التقرير إلى مجلس النواب (البرلمان).

وكان "العربي الجديد" قد كشف، في وقت سابق، أن نظام السيسي يُمعن في التنكيل برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، القاضي السابق هشام جنينة، ولا يسعى فقط إلى إزاحته لصالح أحد خصومه أو إبعاده عن منصبه.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قراراً بتعيين المحامي العام السابق لنيابة أمن الدولة، المستشار هشام بدوي، نائباً لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة.

ووفقاً للمادة 216 من الدستور والقرار بقانون 89 لسنة 2015 بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الجهات الرقابية الذي أصدره السيسي في يوليو/تموز الماضي، فإن جنينة أصبح مهدداً بالعزل من منصبه، وفقاً لهذا التقرير، حيث اتهمه التقرير صراحة بالإساءة للجهات الحكومية، مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي.

وفيما يلي نص التقرير الذي أعدته اللجنة الحكومية:

"في الوقت الذي تجتمع فيه كل الجهود صوب بناء دولة ديمقراطية قوية تؤمن بالحوكمة والإدارة الرشيدة واقتلاع جذور الفساد بكل صوره وأشكاله، وتنفيذاً لتكليف السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تقصي حقائق تضم عدداً من المسؤولين في وزارات العدل والتخطيط والمالية والداخلية، وبرئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وعضوية السيد نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك للوقوف على حقيقة ما نشرته وسائل الإعلام في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي من تصريحات منسوبة للسيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن اكتشافه وقائع فساد خلال عام 2015 تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه".

"وفي هذا الإطار، فقد تم تحقيق الاتصال بالسيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، للاستفسار عن حقيقة ذلك التصريح، حيث أفاد بأنه قد أعد دراسة بواسطة لجنة فنية شكّلها سيادته من بعض العاملين في الجهاز تحت رئاسته، انتهت إلى صحة ذلك الرقم، وأنه يتضمن الفترة من عام 2012 حتى عام 2015، وقام بإرسال نسخة من هذه الدراسة إلى اللجنة، معنونة (دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات في مصر)، وذلك من دون الإشارة إلى المدى الزمني للدراسة".

"وفي ضوء هذه المدخلات، وبالاستعانة بعدد من الأساتذة والخبراء في علوم المحاسبة والاقتصاد والإحصاء والذين انضم إليهم عدد من السادة الأعضاء من داخل الجهاز المركزي للمحاسبات، فقد مارست اللجنة عملها على مدار 14 يوماً، وانتهت من تقريرها الذي بات ملكاً للرأي العام الذي يطلب استجلاء الحقيقة وإزالة أي لبس أو غموض شاب تلك التصريحات".

ويمكن إجمال تقرير اللجنة في خمسة بنود أساسية تصف وتحلل ما اعترى تلك التصريحات وما شاب هذه الدراسة من قصور على النحو التالي.

أولاً: التضليل وتضخيم حجم وقيمة ما سمي بالفساد:

وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة في أكثر من موضع، وامتداداً لأسلوب التضليل والتضخيم تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات في مدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة، على الرغم من إثبات إزالة أجهزة الدولة تلك التعديات بالكامل عام 2015.

ثانياً: فقدان المصداقية:

حينما يتم ترتيب وتجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها من دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015.

وكمثال صارخ على ذلك، تضمين واقعة التعدي على أراضي الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضي، ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979، فضلاً عن عدم تعرض الدراسة غير المدققة لأية وقائع تخص الفترة الزمنية للعام الحالي، خاصة أنه قد تبين عدم الانتهاء، حتى تاريخه، من إعداد التقارير السنوية المجمعة عن العام المالي 2013/2014 وكذا عام 2014/2015.

ثالثاً: الإغفال المتعمّد:

وذلك فيما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها في تقارير الأعوام الماضية، وتم الرد عليها وإحالة بعضها إلى جهات التحقيق عند المقتضى، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة، إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدرت أحكام في بعضها بالبراءة أو الإدانة، والأمثلة أيضاً عديدة.

رابعاً: إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي

ومنها على سبيل المثال:

1- اعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فساداً، يتمثل في قيمة فواتير الجدولة، نظراً لغياب أو تغييب الحس الاقتصادي لأوضاع البلاد الاقتصادية، وما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة الأحداث السياسية ودعاوى التحكيم.

2- إدراج مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص مساحة 5 كيلومترات حول كل مدينة كأراضي بناء، مما عطل الاستفادة من قيمة تلك المساحات، من دون مراعاة أن تلك التقارير غير الدقيقة والتصريحات غير المسؤولة يمكن أن تستخدمها المنظمات الدولية في ترتيب وتصنيف الدول، والتي تعد أهم مدخلات تتخذ على أساسها مؤسسات التموين الدولية قراراتها.

خامساً: إساءة استخدام كلمة الفساد:

بوضعها في مواضع أبعد ما تكون عما أقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية، والتعميم والخلط بين الوقائع والإجراءات وبين ما تم حسمه وما لم يتم حسمه، وبين ما هو عام وما هو خاص، الأمر الذي يصور كل الجهود والمبادرات التي تبذلها الدولة على أنه لا طائل من ورائها.

وهنا يثور التساؤل حول أهداف وجدوى إطلاق ذلك التصريح، علماً أن الدراسة معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية، مما قد يضر بالمناخ السياسي والاقتصادي للدولة، في الوقت الذي تسعى فيه بكل السبل إلى جذب الاستثمارات، لتوفير فرص عمل وحياة كريمة لمواطنيها.

وقد تلقت اللجنة أثناء عملها العديد من المراسلات والشكاوى من داخل الجهاز المركزي للمحاسبات حول سياسات ومقترحات تتعلق بغياب العدالة وعدم الشفافية.

وفي هذا الصدد، فإن اللجنة تبدي خالص التقدير والاحترام لكامل قيادات وأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، خاصة من أبدوا تعاوناً أثناء عمل اللجنة، وتؤكد على وطنيتهم ودورهم الرئيسي في ضبط وتصويب الأداء المالي لكافة قطاعات الدولة، والذي يمارسونه بكل كفاءة واقتدار.

وحسب ما جاء في تقرير اللجنة الحكومية فإنه "ترتيباً على ما سبق، وبعرض التقرير التفصيلي على السيد رئيس الجمهورية، وافق سيادته على الآتي":

1- إرسال تقرير اللجنة إلى السيد رئيس مجلس النواب.

2- تكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء، والتي تضم كافة الجهات المعنية، بمراجعة جميع البنود التي شملتها الدراسة محل الفحص تفصيلاً، والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية في كل واقعة.

 

 
اقرأ أيضاً: السيسي يبدأ خطة الإطاحة بهشام جنينة

المساهمون