إضراب سائقي النقل يعطّل تونس

إضراب سائقي النقل يعطّل تونس

تونس

فرح سليم

avata
فرح سليم
22 سبتمبر 2015
+ الخط -

قضى التونسيون مساء أول الأحد (عطلتهم الأسبوعية) في طوابير الانتظار أمام محطات الوقود، خوفا من نفاد المحروقات بعد إعلان نقابات نقل البضائع والمحروقات الدخول في إضراب لثلاثة أيام بدأت أمس.

ويأتي إضراب سائقي النقل البري عقب فشل مفاوضاتهم بشأن زيادة الأجور، حيث امتنعت شركات توزيع الوقود عن تطبيق زيادة العام الماضي 2014، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها هذه الشركات، وفق ما أكده اتحادها النقابي.

وقال كاتب عام الجامعة العامة للنقل التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، المنصف بن رمضان، إن هذا الاضراب الذي سيشمل كامل محافظات البلاد يأتي على خلفية عدم تفعيل اتفاقية زيادة الرواتب التي أقرها اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات (منظمة رجال الأعمال) ومنظمة العمال منذ مايو/أيار 2014، والتي تنص على زيادة بنسبة 6% في أجور القطاع الخاص.

وحمل بن رمضان، لمنظمة الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) مسؤولية الإضراب، مؤكداً أن جل العاملين بالقطاع الخاص تمتعوا بزيادة في رواتبهم، ما عدا سائقي شركات نقل البضائع والمحروقات وفق تصريحه لـ "العربي الجديد".

في المقابل، تحاول منظمة الأعراف التقليل من أهمية هذا الإضراب، مؤكدة أن نسبة المشاركة فيه ستكون ضعيفة، وأن باب الحوار مع النقابات لا يزال مفتوحاً.

وتشهدت محطات الوقود منذ مساء الأحد اكتظاظا منقطع النظير؛ وهو ما أدى إلى نفاد كميات الوقود في العديد منها، واضطر أصحاب المحطات إلى التعجيل في طلب كميات إضافية قبل دخول السائقين في إضرابهم، لتمكين المواطنين من التزود بالكميات اللازمة على امتداد أيام الإضراب الثلاثة.

ويأتي إضراب سائقي النقل البري قبيل عيد الأضحى بأيام؛ وهو ما سيؤدي إلى إرباك الحركة التجارية بين المدن وصعوبة نقل البضائع والأشخاص، خاصة في صورة نفاد كميات الوقود من السوق.

وتعهدت الشركة التونسية لتوزيع المحروقات "عجيل" (حكومية) بتزويد جميع محطات الوقود التابعة، داعية المواطنين إلى عدم اللهفة على استهلاك المحروقات.

وقال المدير المركزي لاستغلال وتوزيع المواد البترولية بالشركة الوطنية لتوزيع البترول حبيب الملوّح، إن الشركة ستؤمن تزويد جميع محطات شركات الوقود، خاصة في إقليم تونس الكبرى، مشيرا إلى أن ولايات الإقليم تضم أكثر من 35 محطة.

وأكّد ملوّح في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن وزارة الصناعة أخذت الاحتياطات اللازمة وزودت 840 محطة بالوقود من بينها 260 محطة موزعة على كامل الجمهورية، لكن لهفة المواطنين على المحروقات كانت وراء نفاد الكميات من المحطات بسرعة، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل مثل هذه الإضرابات.

اقرأ أيضاً: تونس بلا نقل داخلي 3 أيام

ويبلغ المعدل العادي اليومي للتزود بالوقود للفرد الواحد حسب بيانات وزارة الصناعة نحو 10 دنانير (5.2 دولارات) إلا أن معدل الاستهلاك ارتفع مع بداية الإضراب إلى 50 ديناراً (26 دولارا).

ويسجل الدعم الحكومي للطاقة سنويا نحو 5.4 مليارات دينار (2.840 مليار دولار)، وهو ما يجعل وزارة الطاقة تشدد على ضرورة ترشيد الاستهلاك، لتفادي استنزاف موارد صندوق التعويض.

وتعمل وزارة الصناعة والطاقة على إعطاء الأولوية في التزويد بالطاقة للمرافق العمومية، على غرار الحافلات العمومية والسيارات والشاحنات الأمنية والعسكرية بالكميات اللازمة.

ويخشى سائقو سيارات الأجرة داخل المدن من أن يؤثر نقص التزويد بالمحروقات على امتداد أيام الإضراب، على نسق عملهم، باعتبار أن هذه الفترة تشهد تحركات كبيرة بين المحافظات بمناسبة عطلة عيد الأضحى.

وأكد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب أن إضراب قطاع حساس على غرار النقل البري بين المدن سيؤدي إلى إرباك حركة الموانئ التجارية، وما يتبعها من خسائر مادية، بالإضافة إلى تعطل محطات تزويد الوقود، مشيرا إلى أنه من الصعب حصر خسائر هذا الإضراب الذي يمس كل القطاعات الحيوية.

ولفت الحطاب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاحتجاجات العمالية تساهم بشكل كبير في تراجع نسبة النمو، كما تؤدي وفق قوله، إلى تعميق الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مؤكدا أن إضراب سائقي النقل البري سيؤدي إلى تخلف الشركات المصدرة على التعهد بالتزاماتها تجاه الأسواق الخارجية؛ وهو ما يؤدي إلى مزيد من عزوف المستثمرين الأجانب عن الإقبال على السوق التونسية.

وتوقع الخبير الاقتصادي أن يؤدي شح التزود بالمحروقات عبر المسالك الرسمية إلى تنشيط السوق السوداء، وتجارة المحروقات المهربة التي تمثل أكثر من ربع المحروقات المستهلكة في تونس.

وتوفر كل محطة وقود يومياً نحو 7.5 آلاف لتر في الوضع العادي، إلى جانب مخزون يقدّر بحدود 60 ألف لتر، وهو ما يغطي احتياجات 4 أيام، غير أن الإقبال المضاعف على الاستهلاك يؤدي إلى نفاد المخزونات سريعاً.

وتشهد تونس على امتداد الأشهر الأخيرة موجة من الاحتجاجات العمالية في القطاع العمومي كما في القطاع الخاص، بسبب مطالبة العمال بالزيادة في الرواتب، تماشيا مع ارتفاع كلفة المعيشة، وتمكن اتحاد الشغل من الضغط على الحكومة بالموافقة على زيادة أجور موظفي الدولة، فيما تزال المفاوضات مع القطاع الخاص متعسرة، بسبب رفض اتحاد الصناعة والتجارة الخضوع لمطالب العمال، متعللا بصعوبة الظرف الاقتصادي، وعجز العديد من القطاعات الخاصة عن صرف الزيادات المتفق عليها السنة الماضية.

ويأتي قطاع الخدمات في صدارة القطاعات التي شهدت إضرابات في القطاع الخاص، تليها قطاعات النقل والزراعة والمناجم، وتتعلق الاحتجاجات الاجتماعية بالمطالبة بصرف الأجور وتحسين ظروف العمل.


اقرأ أيضاً: تونس: قانون جديد لمحاصرة الأسعار

دلالات

ذات صلة

الصورة
طلاب من جامعات تونس في حراك تضامني مع غزة - 29 إبريل 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

انطلق حراك طلاب تونس التضامني مع غزة والداعم للانتفاضة الطالبية في جامعات العالم، ولا سيّما في جامعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من العاصمة ومدن أخرى.
الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.

الصورة
يدفع المهاجرون مبالغ أقل للصعود على متن القوارب الحديدية

تحقيقات

بحثاً عن الأرخص، تصنع شبكات تهريب البشر الناشطة في تونس قوارب حديدية من أجل نقل المهاجرين غير الشرعيين عبرها إلى أوروبا بكلفة أقل، إذ تنفق مبالغ بسيطة على بنائه

المساهمون