لهذه الأسباب انفجرت "فقاعة الأسهم" الصينية

لهذه الأسباب انفجرت "فقاعة الأسهم" الصينية

27 اغسطس 2015
خسائر باهظة تكبّدتها البورصة الصينية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


ما يحدث الآن من هزات مالية في الصين، ليس الأول من نوعه، ولكنه بالتأكيد الأكبر، فقد سبق أن انهار مؤشر شنغهاي المركب من 6000 نقطة في العام المالي 2006- 2007 إلى 2000 نقطة، أي أن المستثمرين فقدوا وقتها قرابة ثلثي قيمة موجوداتهم الدفترية.

ولكن الفرق بين ما حدث من هزة في تلك الفترة وبين الهزة المالية الحالية، أن السوق وقتها كانت صغيرة ولم تتضخم إلى مستوياتها الحالية.

ويلاحظ أن مؤشر شنغهاي استمر على مستوى 2000 نقطة حتى يونيو/ حزيران من العام الماضي، حينما أعلنت الصين عن إجراءات لتحرير اليوان بشكل أكبر وتقدمت بعضوية لتصبح سوقها المالية ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة، وفتحت الاستثمار في الأسهم الصينية للأجانب.

ويلاحظ أن خطوات فتح البورصة الصينية أغرت المستثمرين الصينيين، خاصة أفراد الطبقة الوسطى من حديثي العهد، بالاستثمار في السوق.وما حدث فعلاً أنّ هؤلاء الداخلين الجدد لسوق الأسهم اتجهوا للاستدانة من البنوك ومن شركات الوساطة، وبدأوا في المضاربة على الأسهم عبر "المتاجرة بالهامش".

والمتاجرة بالهامش نوعٌ من الاستثمار في سوق الأسهم يقوم على فتح "حساب مدين" لدى شركات الوساطة، التي يضارب من خلالها، أي إذا كان لديه 10 آلاف دولار، فإنه يضارب بالسوق بـ 20 ألف دولار.

ووسط الموجة الجنونية من المضاربات ارتفعت السوق الصينية فعلاً، وبمستويات تفوق كثيراً القيمة الحقيقية للأسهم، حيث ارتفع مؤشر شنغهاي المركب من 2000 نقطة في فبراير/ شباط الماضي، إلى 3500 في بداية يونيو/ حزيران الماضي.

أما العامل الثاني الذي تسبب في الهزة المالية، فهو الجشع الذي أصاب الطبقة الوسطى الباحثة عن الثراء السريع الذي جعلها تستدين بأقصى ما تستطيع، دون النظر إلى الأسس التي تصنع السوق من معدلات النمو الاقتصادي والاكتتابات الجديدة.

اقرأ أيضاً: العرب وأزمة الصين.. مكاسب أكثر من الخسائر

أما العامل الثالث، فهو حملة الحكومة على الفساد المستشري وسط الطبقة الثرية وتحالفاتها مع المسؤولين في الحكومة الصينية، والمتنفذين في الحزب الشيوعي. هذه الحملة حدت بالكثير من أثرياء الصين إلى تهريب ثرواتهم والابتعاد عن تملك موجودات كبرى داخل الصين. وهو ما أدى إلى انكماش استثماري داخل الصين.

ويلاحظ أن دورة الفساد المالي وانعدام الشفافية ساهمت في بناء جيل من المليارديرات الصينيين، يعتمد على المضاربات في سوق المال، أكثر من اعتماده على الإنتاج. وهذا الجيل يستفيد في بناء إمبراطورياته المالية من الإنفاق الحكومي، وضخها المال في سوق المال أكثر من اعتماده على الإنتاج.

أما العامل الرابع، فيعود إلى أن أسعار الأسهم الصينية تعتمد على توقعات ضخ الحكومة الصينية لليوانات في السوق، أكثر من اعتمادها على التقييم الحقيقي لثمن الأسهم، إذ إنها لا تزال سوقاً غير ناضجة ولم يكتمل فيها تحرير الأسواق ورأس المال وإنما تعتمد على التخطيط المركزي.

ولكن إلى جانب هذه العوامل، يجب الأخذ في الاعتبار أن ماكينة الإنتاج الضخمة في بناء "الصين الجديدة"، بدأت تفقد دفعها بنهاية عام 2013، كما أن الصادرات الصينية بدأت تقل مقارنة بمستوياتها خلال الأعوام التي تلت الأزمة المالية في عام 2007.

كازينو المال

يطلق خبراء الاستثمار في أميركا على سوق المال الصيني اسم" كازينو المال"، لضعف العلاقة التي تربط سعر الأسهم صعوداً وهبوطاً مع معدل النمو في الاقتصاد الصيني.

وكدليل على ذلك، فإن معدل النمو الاقتصادي بالصين انخفض إلى 7.0% في الربع الثاني من العام الجاري ليسجل بذلك أقل معدل نمو منذ 6 سنوات، ولكن رغم ذلك يلاحظ أن أسعار الأسهم تضاعفت مستوياتها بين منتصف العام الماضي 2014 وحتى بداية العام في يونيو/حزيران الماضي.وهو ما يعني أنها ترتفع بشكل جنوني غير آبهة بتراجع معدل النمو الاقتصادي. وتعكف الصين منذ بداية العام الجاري على تحرير السوق الصيني وتحرير سعر صرف اليوان وتسريع خطوات التحول عن نحو اقتصاد السوق.

ولكن تعامل المستثمرين في السوق، لا يزال يتسم بنمط غير رأسمالي ولا يعتمد على المنافسة الحرة. حيث يشوب هذه التعاملات العديد من المحسوبية و"المتاجرة من الداخل" والإحساس أن السوق ستواصل الارتفاع دون الأخذ في الاعتبار حساب الدورات الاقتصادية وعمليات التصحيح القاسية التي تحدث في أسواق المال العالمية، حينما ترتفع الأسعار بسبب المضاربة وليس بعوامل التوسع الإنتاجي في التصنيع والخدمات.

حجم السوق

يبلغ حجم سوق المال الصينية 6 ترليونات دولار، وهي بذلك تعد ثاني أكبر سوق عالمية بعد سوق المال الأميركية التي يفوق حجمها 21.5 ترليون دولار. كما يعد الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، حيث يبلغ حجمه حوالى 10 ترليونات دولار، مقارنة بالاقتصاد الأميركي الذي يبلغ حجمه 18 ترليون دولار.

ولكن أهمية الاقتصاد الصيني، لا تنبع فقط من حجمه، ولكن كذلك من قدرته في التأثير على أسعار السلع الرئيسية مثل النفط والغاز الطبيعي والمعادن التي تدخل في الصناعات.


اقرأ أيضاً:
الصين تُفقد أسهم أوروبا 521.5 مليار دولار في يوم
الأسهم الصينية تطيح بالبورصات العالمية.. والعملات تتراجع

المساهمون