8 مليارات دولار خسائر السياحة النيلية في مصر

8 مليارات دولار خسائر السياحة النيلية في مصر

28 يوليو 2015
غرق المراكب يتسبب في تراجع السياحة النيلية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

وجّه حادث غرق مركب الوراق على ضفاف النيل في العاصمة المصرية القاهرة ضربة موجعة للسياحة النيلية التي تئن منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 حيث تكبدت خسائر تقترب من 8 مليارات دولار خلال الأربع سنوات الماضية في ظل توقف 280 فندقاً عائماً بسبب الاضطرابات الأمنية، وتوقف الرحلات النيلية الطويلة في محافظتي الأقصر وأسوان (جنوب)، حسب مسؤول في وزارة السياحة لـ"العربي الجديد".

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن غرق المراكب النيلية في القاهرة يحول دون نمو قطاع السياحة الداخلية في مصر في الوقت الذي تشهد فيه حركة السفر الأجنبي تراجعاً في ظل الاضطرابات الأمنية الأخيرة.

وكان نحو 38 فرداً غرقوا نهاية الأسبوع الماضي في منطقة الوراق بالقاهرة إثر اصطدام مركب سياحي بصندل (مركب نقل بضائع). وذكر المسؤول "أن الصندل المتسبب في الحادث تملكه إحدى الشركات التابعة لشركة القلعة القابضة التي يستحوذ فيها رجل الأعمال المعروف أحمد محمد حسنين هيكل حصة كبيرة من أسهمها".

ضعف الرقابة

وتشهد السياحة النيلية ضعفاً في الرقابة وعدم الالتزام بشروط الأمان، حسب المسؤول الذي أكد، أن غالبية المراكب النيلية العاملة خلال الأربع سنوات الماضية توقفت عن عمليات الاختبار الخاصة بالصلاحية، كما امتدت المخالفات إلى الفنادق العائمة في جنوب البلاد.

وذكر "أن الفنادق ولاسيما في الجنوب شبه متوقفة، ومالكوها ليس لديهم القدرة المالية في الوقت الحالي على صيانتها في ظل عدم وجود إيرادات".

ويبلغ عدد الفنادق العائمة بمصر 286 فندقاً تضم 17 ألف غرفة فندقية، حسب إحصائيات رسمية.
وقال رئيس شعبة شركات السياحة بالاتحاد العام للغرف التجارية، عماري عبد العظيم عماري، لـ"العربي الجديد"، إن السياحة النيلية لا يعمل منها سوى 5% تقريباً.

وذكر عماري، أن مصاريف الفنادق العائمة أعلى من الثابتة لأنها تحتاج لأعمال صيانة مكلفة، بالإضافة للأعباء الأخرى التقليدية.

وأضاف أن عودة السياحة النيلية يتطلب العديد من الإجراءات ومنها استعادة رحلات المسافات الطويلة، من القاهرة إلى أسوان (جنوب)، الأمر الذي يحتاج دعاية كبيرة، مؤكداً ضرورة تحسين المراسي النيلية، التي لا تلتزم بالمواصفات القانونية، على جانبي النهر.

وتعليقاً على حادث غرق مركب الوراق، قال عماري، إن السبب الرئيسي يرجع إلى حالة الانفلات وعدم الرقابة، بالإضافة إلى ضعف الغرامات المالية وتدني العقوبات.

وأوضح أن المراكب المخالفة حينما تضبط تدفع غرامة هزيلة جداً تتراوح بين 50 و200 جنيه (الدولار = 7.83 جنيهات)، وبالتالي لا تردع المخالفين، مشيراً إلى أن 99% من المراكب المنتشرة على شواطئ النيل مخالفة.

واقترح عماري، إنشاء هيئة قومية للسلامة تختص بسلامة النقل البحري والنهري والبري والجوي، مع وضع مواصفات لصنادل النقل النهري، وتتبعها مراكب إنقاذ وعمليات تفتيش وعمالة مخصصة للصيانة والتفتيش، وتحديد خط سيرها.

تراجع الإنفاق

وقال خبير النقل النهري، محمد فارس، إنه لابد من وضع اشتراطات الأمان والرقابة، عبر وحدات نهرية وأجهزة بيئية، لمتابعة المراكب بهدف عدم تكرار مثل هذه الكوارث.

اقرأ أيضاً: شركات سياحيّة توقف رحلاتها إلى مصر

وأوضح أنه لا يوجد خط سير للصنادل التي تمر بالنيل، وهو ما يجعلها عرضة التخبط وتتسبب في كوارث وحوادث.

وأشار إلى أن حجم الإنفاق على النقل النهري في مصر أقل من 0.5% من الدخل القومي، بما يتراوح بين 8 إلى 9%، في الدول المتقدمة.

وطالب بضرورة تطوير نظم المعلومات لتكون الملاحة في مصر إلكترونيّة من خلال غرف التحكم، موضحاً أن ذلك سيُخفض نسبة الحوادث المتكررة.

إلغاء تراخيص

وقال رئيس غرفة شركات السياحة في الأقصر، ثروت العجمي، لـ"العربي الجديد"، إنه تم مؤخراً إلغاء ترخيص 6 مراكب، وذلك بسبب عدم توافر شروط الأمان بها، مشيراً إلى أن الإشغالات لا تتعدى 15٪ في المراكب العاملة.

ولا يعمل من إجمالي 286 فندقاً سوى 20 فندقاً، وفقاً لرئيس غرفة الفنادق المصرية محمد أيوب، لـ"العربي الجديد".

وقال أيوب "قدمنا دراسات خاصة بعودة الرحلات الطويلة، لوزارة السياحة، منذ أكثر من 3 سنوات، ولكن لا نعرف سبب عدم عودتها بصورة كافية حتى الآن على الرغم من تطوير وزارة السياحة لنحو 5 مراسٍ على طول المسافة الواقعة بين مصر والأقصر باستثمارات تتجاوز 15 مليون جنيه".

وعاد العجمي، ليؤكد أن أهم المشكلات التي تواجه السياحة النيلية هي ارتفاع التكاليف سواء في طاقم العمل، أو في الخدمات أو في الخسائر التي تسبب بها تعطل تلك المراكب.

وأضاف أن ظاهرة الجزر النيلية المنتشرة وسط النيل، تعد أحد أبرز المخاطر التي تهدد قطاع السياحة النيلية في البلاد، وهي الظاهرة التي تسببت في تسرب المياه إلى إحدى البواخر السياحية في وقت سابق، ونجا فيها 35 مصرياً كانوا على متنها من موت محقق.

ومن جانبه قال رئيس هيئة النقل النهري، طلعت عبدالوهاب، لـ"العربي الجديد"، إن المراكب تضاعفت أعدادها من 120 مركباً مرخصاً قبل الثورة إلى 400 بعدها في محيط ماسبيرو والتحرير بوسط القاهرة منها نحو 270 مركباً غير مرخص.

وينص القانون المصري على "أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 100 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم مركباً معداً لنقل الركاب في شيء مخالف للآداب" مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في قانون العقوبات المصري.

كما تنص المادة 278 من قانون العقوبات على أن كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامه لا تتجاوز 300 جنيه.

وكانت التحقيقات كشفت عن أن أحد أسباب الحادث ترجع إلى الرقص والغناء بصوت عال، ما أدى إلى عدم سماع سائق المركب لتنبيهات الصندل الذي اصطدم به.

وأشار عبد الوهاب إلى أن شرطة المسطحات تتحفظ على المركب المخالف لمدة يومين على أقصى تقدير، ثم تفرج عنه، وفي نهاية الأمر تفضي القضية إلى غرامة تتراوح بين 200 و300 جنيه على صاحب المركب ثم تفرج النيابة عنه باعتبار أن القضية جنحة وليست جناية.

وأضاف أن أكثر المخالفات التي ترصدها حملات التفتيش هي الحمولة الزائدة والضوضاء والمراسي غير القانونية أمام المنشآت الحيوية. وأضاف أنه من الصعب السيطرة على أصحاب المراكب والأوضاع المخالفة خاصة خلال السنوات الماضية بسبب تفاقم الانفلات الأمني.


اقرأ أيضاً:
تفجيرات القاهرة تقضي على فرص تعافي السياحة المصرية
قطاع السياحة المصري يتهم المصارف بالتلكؤ في إنقاذه

دلالات

المساهمون