موسم الصيام لم يسعف أسواق غزة

موسم الصيام لم يسعف أسواق غزة

17 يونيو 2015
سوق في غزة (العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يضع البائع الفلسطيني أبوهيثم شرف ألواح "قمر الدين" وكراتين التمر أمام بسطته التجارية في سوق معسكر الشاطئ الشعبي، غرب مدينة غزة، ضمن تجهيزاته لشهر رمضان الكريم، وقد بدا الضجر واضحاً على ملامحه نتيجة الحركة الشرائية الضعيفة.

حال البائع شرف لم يكن أفضل من باقي أقرانه في الأسواق الغزّية، الذين يحَلّ عليهم الشهر الفضيل مجدداً، في ظل أوضاع اقتصادية أسوأ من الأعوام السابقة، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي، وإغلاق المعابر، وانعدام فرص العمل بسبب عدم السماح بدخول المواد الأساسية.

دوران العجلة الاقتصادية في مع قدوم شهر رمضان للعام الحالي كان بطيئاً جداً، نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية لمعظم سكان أهالي غزة، وعدم صرف رواتب الموظفين، إلى جانب زيادة نسب الفقر والبطالة، لتصل في الآونة الأخيرة إلى أعلى مستوياتها.

أسواق غزة ومحالها التجارية التي زينت واجهاتها بعبارات التهاني والتبريكات بحلول "الشهر الكريم" بدت الحركة فيها خجولة، نتيجة غلاء الأسعار، وعدم تمكن المواطن من توفير كافة احتياجاته، واقتصاره على الحاجيات الأكثر أهمية فقط.

ويوضح البائع أبوهيثم شرف الذي التقته "العربي الجديد"، أن أوضاع الأسواق في تدهور مستمر نتيجة الضائقة المالية التي يعاني منها أهالي قطاع غزة، ويقول: "قمنا بشراء كافة البضائع الرمضانية، ولكن غلاء الأسعار فوق استطاعة عدد كبير من الأسر الفلسطينية في غزة".

ويوافقه في الرأي التاجر عصام أبوإسماعيل الذي زين محله التجاري وسط مدينة غزة بأصناف التمور، والزيوت، والبهارات، والعصائر، والبقوليات، والمعلبات، والأجبان والألبان، والمخللات، والذي قال: "نضطر إلى تجهيز محالنا التجارية بالبضائع على الرغم من ارتفاع الأسعار، وإلا سنغلق أبوابنا ونجلس في البيوت".

ويضيف: "في كل عام نتمنى أن تأتي المواسم القادمة أفضل، ولكن تأتي الرياح عكس ما نتمنى، ويزداد سوء الأوضاع الاقتصادية عند الناس، وينعكس ذلك سلباً على الحركة التجارية والشرائية، فأصبحنا لا نستفيد من تلك المواسم، وفي بعض الأحيان نخسر، ولكن لا نملك سوى إعادة المحاولة".

ويشير أبوإسماعيل إلى أن الأوضاع السياسية وإغلاق المعابر، يعتبران من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تدهور الحركة التجارية، ويضيف: "في حال انتهاء أزمة الرواتب في غزة، والسماح بدخول المواد الأساسية، ستحصل انتعاشة انتظرناها منذ ثمانية أعوام".

وكانت السلطات المصرية أعلنت، بداية الأسبوع الجاري، عن فتح معبر رفح البري المغلق منذ ثلاثة أشهر، لمدة ثلاثة أيام، ثم قامت بمده ليوم رابع في كلا الاتجاهين استثنائياً، وذلك لعودة العالقين وسفر الحالات الإنسانية الصعبة من المرضى وأصحاب الإقامات التي شارفت على الانتهاء.

وتحول معبر رفح إلى بوابة معاناة حقيقية لسكان غزة، الذين يكتوون بنار الحصار الإسرائيلي الجائر، إلى جانب التضييق المصري على سكان غزة ومصر منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز في عام 2013، حيث صعد النظام المصري من إجراءاته العقابية ضد الفلسطينيين، عبر هدم مئات الأنفاق الحدودية الواصلة بين غزة وسيناء (شمال شرق مصر) والتي كان يعتمد عليها سكان غزة في إمدادهم بالسلع الضرورية.

وفي ظل الأوضاع الخانقة أصبحت أيدي المارة في أزقة وزوايا أسواق غزة لا تحمل الكثير من الأكياس كما السنوات السابقة، على الرغم من اكتظاظ البسطات الشعبية والمحال التجارية بمختلف أنواع المأكولات الرمضانية، والتي جهزها أصحابها على أكمل وجه، أملاً في جذب الزبائن.

الخمسيني أبورائد الشنتف يبيع الجبن في سوق فراس الشعبي شرق مدينة غزة، يقول: "لا يمكن وصف الأوضاع التجارية في قطاع غزة، خاصة عند أصحاب المحال التجارية البسيطة، فالأحوال لا تسر الصديق، وهي في ترد مستمر".

وعن أجواء رمضان في غزة، يضيف: "كانت أجواء البهجة والتحضيرات لاستقبال شهر رمضان تبدأ قبل أسبوعين من حلوله، ولكن صعوبة أحوال شريحة واسعة من المواطنين أدت إلى خفوت بهجة استقبال أي مناسبة، سواء رمضان أو العيد".

ويستدرك أبورائد: "على الرغم من كل الأوضاع الصعبة، إلا أن أهالي غزة يحاولون قدر المستطاع التغلب عليها عبر توفير الأمور الهامة، وإضفاء جو من الأمل والفرحة"، ويضيف: "لولا صمودنا وتمسكنا بالحياة، كانت ستحل كارثة إنسانية على القطاع المحاصر".

ويفرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً مشدداً على غزة منذ ثمانية أعوام، بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس بالانتخابات التشريعية، وقامت بأكثر من عدوان على القطاع، ما تسبب في ارتفاع نسب الفقر وتعطل عشرات الآلاف عن العمل، وتدهور الأحوال الاقتصادية.

وبلغت نسبة الفقر في القطاع نحو 60%، كما تصاعدت البطالة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، متجاوزة 65% من إجمالي قوة العمل في القطاع، حسب تقارير سابقة لحكومة غزة المقالة، في حين وصل معدل دخل الفرد اليومي إلى نحو دولار واحد، حسب تقارير دولية.


اقرأ أيضاً: سائقو غزة.. رحلة اضطرارية في ظل البطالة والفقر

المساهمون